طية جديدة في دوامة اليأس باليمن
المملكة العربية السعودية والإمارات هما دُعاة الحرب في اليمن. لكنهما لم تفيا بالتزامهما تجاه الأمم المتحدة ولا تشاركان في تقديم المساعدات الإنسانية.
بقلم: أولريش شميدت
(صحيفة “نويه تسورشر السويسرية” ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)
أدت المعارك في مدينة عدن المكتظة بالسكان بين مؤيدي وأعداء حكومة الوحدة الوطنية إلى تفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير. لا يُظهر انفصاليون المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة أو أتباع هادي أدنى احترام للسكان المدنيين. فوفقاً لشهود عيان، بالإضافة إلى البنادق والدبابات، يجري استخدام مدافع الهاون والأسلحة الثقيلة الأخرى، مع أنه من المعروف أنه لا يمكن السيطرة وضبط عملية إطلاق النار بدقة في المناطق المكتظة بالسكان.
نجح الانفصاليون
وفقًا للأمم المتحدة ، قُتل 40 شخصاً على الأقل في المعارك التي دارت حول مدينة عدن الأسبوع الماضي. وقد أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه تم تسليم ستين كيساً للجثث إلى مستشفيين. وذكر شهود عيان أن ثلاثة مدنيين على الأقل لقوا حتفهم في اشتباكات يوم الثلاثاء في محافظة أبين الجنوبية وأصيب تسعة آخرون. انتهى القتال بانتصار الانفصاليين الذين تمكنوا من السيطرة على معسكر حكومي في في عاصمة محافظة زنجبار.
وفي عدن، قال العاملون في منظمة أطباء بلا حدود يوم الخميس إن المستشفى التابع لهم استقبل 119 حالة إصابة في عدن الأسبوع الماضي خلال 24 ساعة، 62 حالتهم خطيرة وبحاجة إلى البقاء في العناية المركزة. كانت جروح المتضررين ناجمة عن شظايا أو راجع طلقات الرصاص. قالت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان إن امرأة فقدت ساقيها عندما سقطت قذيفة هاون على منزلها.
من المثير للقلق أن قادة التحالف العسكري ضد الحوثيين أصبحوا اليوم يتقاتلون فيما بينهم. وكون أنهم لا يقدمون المساعدة لضحايا نشاطهم في الحرب بشكل كاف فهذا أمر يجعل الموقف أكثر سوءاً ويدفع الأمم المتحدة إلى دق ناقوس الخطر. قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم الخميس إن ملايين اليمنيين يخاطرون بعدم تلقي ما يكفي من الغذاء والأدوية والإمدادات الأخرى لأن الإمارات والسعودية فشلتا في الوفاء بوعودهما. و يتأثر بذلك 12 مليون يمني بحاجة إلى الغذاء و 19 مليون بحاجة إلى المساعدة الطبية. المملكة العربية السعودية والإمارات من الدول المانحة الهامة. وقد وافقتا في فبراير على أنهما في صدد تقديم 1,5 مليار دولار من إجمالي 2,6 مليار دولار من احتياج الأمم المتحدة.
إخلاف الوعود
ولكنهما لم ينفذا شيئا من ذلك. قالت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ،. أورسولا مولر، إن معظم المانحين دفعوا بالفعل مبالغهم المعلنة لعام 2019. فقد دفعت أبو ظبي 16 مليون دولار فقط، والرياض 127 مليون دولار. وهذه المبالغ لا تساوي شيئا بالطبع بالنسبة لدول البترودولار في الخليج. وتأخر كلا الدولتين في دفع مبالغ المساعدات للأمم المتحدة يضاف إلى رصيد الدولتين السيئ كونهما أهم دعاة للحرب في اليمن ويقترفان جرائم حرب خطيرة في البلد.
ففي حين أن السعوديين يقومون بكل بشاعة بقصف الأحياء السكنية ويفرضون الحصار على أهم الموانئ، تراهم أيضا يتصرفون بلا منهجية، بينما تتصرف الإمارات وفق إستراتيجية واضحة.
فقد انشأت الإمارات شبكة من القوات الخاصة في اليمن ضد حركات الجهاد الإسلامي وتحالفت مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لا يقاتل الحوثيين فقط ولكن يقاتل حكومة هادي أيضا.
لم تقدم أبو ظبي أي دعم يُذكر لحكومة هادي. لأن علاقات هادي بجماعة الإخوان المسلمين جيدة. وهذه الجماعة مكروهة جدا في الإمارات أكثر من أي دولة خليجية أخرى وتعتبرها الإمارات جماعة إرهابية.
يُعرف المقاتلون المدعومون من الإمارات في اليمن بقسوتهم. فوفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، شكلوا جنباً إلى جنب مع قوات الإمارات العربية المتحدة سلسلة من السجون في اليمن ، حيث يتم تعذيب الإسلاميين المعادين والنقاد والناشطين وحتى المعارضين لجماعة الحوثيين وغالباً ما يختفي هؤلاء إلى الأبد.
المجتمع الدولي قلق. وقد هدد السعوديون بالفعل بمزيد من القصف العنيف إذا لم يسلم الانفصاليين في الجنوب مدينة عدن. صدم الممثل الخاص للأمم المتحدة في اليمن، مارتن غريفيث، من اندلاع العنف الجديد وأدان المحاولات “غير المقبولة” للانفصاليين الجنوبيين للسيطرة على مؤسسات الدولة في عدن. وقال “فرانتس رواخنشتانين”، رئيس بعثة اللجنة الدولية في اليمن، إنه بعد أن كان هناك قبل بضعة أسابيع بصيص أمل أصبحت الحياة الآن لا تُطاق بالنسبة لملايين الأشخاص.