السياسية || محمد محسن الجوهري*

منذ الإعلان الإيراني بحتمية الرد على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية والعدو الصهيوني يعيش مرحلة غير مسبوقة من الهلع والخوف، تنذر بانهيار الكيان بعد أن تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة، كما أن شبح الحرب الشاملة دفع الكثير من اليهود إلى مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورافق ذلك عزوف حلفاء الكيان من تسيير الرحلات الجوية من وإلى الأرض المحتلة.

ولكن اللافت في الأمر، أن معسكر التطبيع يجند كل وسائله الإعلامية، وكذلك ناشطيه على شبكات التواصل الاجتماعي للتحذير من خطورة الحرب الشاملة بأساليب متنوعة، منها أن الكيان الصهيوني يحبذ الدخول في تلك الحرب، رغم أن واقعه يظهر خلاف ذلك، وهذا يعكس بعض التماهي بين الكيان وأدواته في المنطقة والتي ترى -ربما- في توسيع الحرب مع "إسرائيل" تهديداً وجودياً لها هي قبل العدو، أو أنها ترغب في بقاء الوضع على ماهو عليه، بحيث يستمر الصهاينة في إبادة الشعب الفلسطيني دونما رادع.

وشملت حملة "التحذير من الحرب الشاملة" الإعلام السعودي والإماراتي، وكذلك القطري بشقيه: الرسمي والإخواني، حيث يكثف الأخير من دعايته بأن "إسرائيل" لطالما تمنت الدخول في حربٍ واسعة مع كل محور المقاومة رغم أن نشطاء الإخوان أنفسهم من بادر بانتقاد محدودية الضربة الإيرانية ضد الكيان في أبريل الماضي.

والحقيقة أن الحرب الشاملة هي التهديد الوجودي الذي يخشاه العدو الصهيوني وتخشاه معه كل الأنظمة الموالية للغرب، ومنها أنظمة التطبيع الخليجية والتي ربطت مصيرها بمصير "إسرائيل" بتوجيهات بريطانية، منذ اليوم الأول لتأسيسها، وفي حال تحققت نبوءة الحرب الشاملة، أغلب الظن أن يخرج الوضع في المنطقة عن السيطرة الغربية، وعندها لن يصمد الكيان طويلاً بلا حماية خارجية، وستستطيع المقاومة الفلسطينية أن تأتي على كامل الكيان بما تيسر لها من أسباب القوة ولو كانت بدائية.

وأخشى ما تخشاه "إسرائيل" حالياً، أن تواجه يوماً آخر على شاكلة السابع من أكتوبر، والذي مهَّد فعلياً لزوال الكيان، وأثبت أن أسطورة الأمن القومي الإسرائيلي، ليست سوى أكذوبة دعائية تروج لها وسائل إعلامه ومعها شبكات الأنظمة المطبعة، والتي تُعد الأكبر على مستوى العالم بلا منازع.

ومما لا شك فيه، فإن احتمالية تكرار أحداث "7 أكتوبر" ستزيد في حال اندلعت الحرب الشاملة، وسيكون من الصعب على قوات الكيان أن تقارع التهديد الأوسع، فيما لاتزال غارقة في مواجهة مجاهدي غزة، وتعجز في تحقيق أي نصرٍ فعلي على أرض القطاع، وهذا ما تتمناه الأمة الإسلامية، بخلاف ما يروج له الإعلام المتصهين.

وإذا لم تندلع الحرب الشاملة اليوم، فإنها ستندلع -لا محالة- في وقت لاحق، فالعدو الصهيوني تمادى في ارتكاب الجرائم بحق المسلمين كافة، ولابد من وضع حدٍ لعربدته في المنطقة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بحربٍ واسعة ومتعددة الجبهات، وهذا في حد ذاته مطلبٌ إسلامي، وفريضة إلهية، مالم فإن العدو سيتمادى أكثر وأكثر، وسيستمر في تنفيذ جرائمه في كل البلاد الإسلامية مادامت قد تخلت عن مبدأ الردع مقابل الردع والإرهاب مقابل الإرهاب.

ولا ننسى أن الظروف تتغير في ظل الحروب، وربما تتغير قناعات الكثير من الدول العربية وتستجيب للضغط الشعبي المطالب بالجهاد في فلسطين، خاصة إذا شاهدت الكيان الصهيوني وقد بدأ في الترنح والهزيمة وخروج الوضع الأمني عن السيطرة، وتدفق جموع المجاهدين لاجتياح مناطق سيطرة الاحتلال، على غرار ما حدث في طوفان الأقصى، أو حدوث الاجتياح من جنوب لبنان والجولان المحتلة، وهو المخطط الذي يحذِّر منه خبراء العدو منذ مايو 2000، يوم نجح حزب الله في تحرير جنوب لبنان بالأسلوب نفسه.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب