كيف شكّل الغضب البركاني الياقوت الأزرق؟
السياسية - وكالات :
يعد الياقوت من بين الأحجار الكريمة الأكثر قيمة، لكنه يتكون فقط من أكسيد الألومنيوم "الملوث" كيميائيا، أو الكوراندوم.
وفي جميع أنحاء العالم، توجد هذه البلورات ذات اللون الأزرق المميز بشكل أساسي بالاقتران مع الصخور البركانية الفقيرة بالسيليكون.
ويُفترض على نطاق واسع أن هذا الارتباط ناتج عن الياقوت الذي نشأ في الصخور القشرية العميقة وانتهى به الأمر عن طريق الصدفة على سطح الأرض مع صعود الصهارة.
ومن خلال التحليلات الجيوكيميائية، أظهر علماء الجيولوجيا في جامعة هايدلبرغ أن حبيبات الياقوت التي يبلغ حجمها مليمترا، والتي وجدت في آيفل (ألمانيا) تشكلت بالاقتران مع النشاط البركاني.
وتعرف آيفل بأنها منطقة بركانية تقع في وسط أوروبا حيث تخترق الصخور المنصهرة من عباءة (وشاح) الأرض القشرة الأرضية التي تعلوها منذ نحو 700 ألف عام.
وتتكون الصخور المنصهرة من نسبة ضئيلة من ثاني أكسيد السيليكون ولكنها غنية بالصوديوم والبوتاسيوم.
وتشتهر الصخور المنصهرة المشابهة في التركيب في جميع أنحاء العالم بوفرة الياقوت، ولكن وجود هذا النوع النادر للغاية من الكوراندوم في هذا النوع من الرواسب البركانية ظل لغزا حتى الآن.
ويوضح البروفيسور الدكتور أكسل شميت، الباحث في جامعة كيرتن في بيرث (أستراليا) والذي يدرس جيولوجيا النظائر وعلم الصخور كأستاذ فخري في معهد علوم الأرض في جامعة هايدلبرغ: "أحد التفسيرات هو أن الياقوت في قشرة الأرض ينشأ من رواسب طينية سابقة في درجات حرارة وضغط مرتفعين للغاية وأن الصخور المنصهرة الصاعدة تشكل ببساطة مصعدا إلى السطح للبلورات".
ولاختبار هذا الافتراض، فحص الباحثون إجمالي 223 ياقوتة من منطقة آيفل. ووجدوا جزءا من هذه البلورات بحجم المليمتر في عينات الصخور التي تم جمعها من الرواسب البركانية في المحاجر العديدة في المنطقة. ومع ذلك، فإن معظم الياقوت يأتي من رواسب الأنهار.
ويقول سيباستيان شميت، الذي أجرى الدراسات كجزء من درجة الماجستير في جامعة هايدلبرغ: "مثل الذهب، يتمتع الياقوت بمقاومة كبيرة للعوامل الجوية مقارنة بالمعادن الأخرى. على مدى فترات زمنية طويلة، يتم غسل الحبيبات من الصخور وترسبها في الأنهار. وبسبب كثافتها العالية، يسهل فصلها عن مكونات الرواسب الأخف وزنا باستخدام الطريقة ذاتها لفصل الذهب عن الحصى في وعاء".
وتم تتبع أصل الياقوت باستخدام تحليل نظائر الأكسجين والعناصر النزرة، وكشف أنه تم تشكيله في نفس الوقت الذي بدأ فيه النشاط البركاني في المنطقة.
يشير تكوين نظائر الأكسجين داخل الياقوت إلى أنه لم يظل في درجات حرارة عالية تزيد عن 900 درجة مئوية (1652 درجة فهرنهايت) لفترة طويلة، على عكس النظرية الراسخة بأنه تشكل داخل الوشاح أو القشرة السفلية.
وبدلا من ذلك، حصل بعض الياقوت على توقيعه النظيري من ذوبان الوشاح الذي اختلط بصخور القشرة الساخنة والمذابة جزئيا الموجودة على عمق نحو 5 إلى 7 كيلومترات (3.1 إلى 4.3 ميل).
وتشكلت أحجار ياقوت أخرى عندما تلامست الصخور المنصهرة تحت الأرض مع جدران الصخور المحيطة، ما تسبب في إنتاج هذه الصخور للياقوت.
ويقول شميدت: "في منطقة آيفل، لعبت كل من العمليات الصخرية والتحولية (حيث غيرت درجة الحرارة الصخور الأصلية) دورا في تبلور الياقوت".
نُشرت الدراسة في مجلة Contributions to Mineralogy and Petrology.