السياسية : محمد محسن الجوهري*


من الصعب على الولايات المتحدة والغرب بشكلٍ عام، غزو أي بلدٍ إسلامي قبل إفراغه من مخزون القيم الرجولية والدينية وتطويعه بطرق مختلفة، حتى يتقبل فكرة الاحتلال، ويعجز عن مجابهة الجرائم التي يرتكبها الغزو الأمريكي، بدوافعٍ دينية محضة كما حدث من قبل في العراق وأفغانستان، وغيرهما من الدول الإسلامية.

وفي حالتي أفغانستان والعراق، نجح الغرب في تدجين الشعبين بالإفساد الديني والإفساد الأخلاقي، وقد اعتمدت الدول الاستعمارية على النظام السعودي في جانب الإفساد الديني والمذهب الوهابي الذي يرى في كل المسلمين أعداء، بينما ينظر إلى الغرب نظرة مقدسة ويرى أن جيوشه لا تُغلب على الإطلاق، وهذه سياسة ممنهجة، والسعودية شريكة فيها بامتياز سواءً علم آل سعود بتفاصيل ذلك أم لا، فهم مجرد أداة بيد الاستعمار الجديد.

ففي أفغانستان، نفذ الغرب بقيادة والولايات المتحدة غزوها المشؤوم عام 2001، عقب حادثة البرجين الشهيرة، إلا أن التخطيط للغزو الأمريكي بدأ خلال حقبة الثمانينيات، يوم تحالف الجميع لنشر الوهابية في البلاد، ودعم الفصائل السلفية المتطرفة لقتل الشعب الأفغاني، حتى يتسنى للغرب التدخل بذريعة الإنقاذ وتحرير الشعوب المضطهدة من التطرف الديني.

أما في العراق، فقد سبق الغزو الأمريكي موجة من الإفساد الأخلاقي تبنتها الحكومات المتعاقبة هناك، والتي قدمت ذلك الانحطاط القيمي بداعي التحضر والمدنية واللحاق بركب الغرب، حتى أن النظام العراقي كان يبث حفلات المجون على الهواء بحضور أفراد من عائلة صدام ونظامه، وهنالك كانت الكارثة فلا أحد من الشعب سيدفع عن نظامٍ فاقد للأهلية الأخلاقية وهذا النموذج سيتكرر في السعودية عما قريب، بعد أن خرج فساد الأسرة المالكة للعلن، وبات الترفيه الشغل الشاغل للدولة.

في اليمن، عمل الغرب منذ عقود على المسارين في آنٍ واحد، وقد تكفل نظام عفاش بالإفساد الأخلاقي من جهة والسماح للوهابية بنشر سمومها في البلاد من جهةٍ أخرى، وذلك لتطويع الشعب اليمني تمهيداً لاحتلاله في المستقبل، وكان لذلك الإفساد أن ينجح في كل أهدافه، لولا عناية الله التي تجلت في المشروع القرآني، الذي بدوره أعاد المجتمع إلى قيمه الرجولية والدينية وقطع الطريق أمام المشروع التآمري للغرب الكافر، وأذنابه الصغار.

وقد تجلت عشية العدوان السعودي على اليمن قبل عشر سنوات، فصول المؤامرة الغربية حيث بادر العملاء كافة إلى تأييد التحالف الإجرامي، وتبني خطابه السياسي بالنص، رغم أن السعودية نفسها مارست الإجرام والإذلال بحق عملائها بعد ذلك.

خلاصة ما يجب علينا فعله اليوم، هو تجنب الإفساد بشقيه الأخلاقي والديني، الذي تروج له فصائل المرتزقة بدواعٍ مختلفة، فرهان الغرب اليوم ثقافي بحت ولن يجرؤ على غزو اليمن قبل أن تتفشى فيه عقائد الوهابية والانحلال الأخلاقي، وهذا مسار واضح يعمل عليه الامريكان منذ زمن، عبر حلفائهم في الرياض وأبوظبي، بعد أن تكفلت الأخيرة بالإفساد الأخلاقي، بينما تبقى الأولى الممول الرئيس للمد الوهابي.

ولا خوف على اليمن دون ذلك، طالما والشعب قد انتهج المشروع القرآني الجهادي الذي يخشاه اليهود، ويرون فيه نهاية إفسادهم الديني والأخلاقي، فمشاريعهم تحتاج إلى عقود حتى تؤتي أكلها، بينما اليمن يسابق الريح في انطلاقته الجهادية باتجاه تحرير المقدسات والأمة الإسلامية، وستذهب تضحيات العملاء وأموالهم هباءً في المستقبل، كما ذهبت هباءٍ في الماضي القريب على يد رجال الرجال في مختلف ميادين المواجهة.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب