السياسية - تقرير || صادق سريع ||


في اليوم الأول من السنة الهجرية، السبت 1 محرم 1446 هـ، طل سيّد القول والفعل قائد الثورة، السيد عبدالملك الحوثي، في خطاب تاريخي ومُباشر على الهواء بمناسبة رأس السنة الهجرية -على صاحبها أزكى الصلاة والتسليم وأصحابه وآل بيته الكرام- والتطورات المحلية والإقليمية، ومستجدات العدوان على غزة.

الخطاب المتلفز، الذي بثته القنوات الإخبارية المحلية والعربية والعالمية، حظي باهتمام كبير على منصات وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة في الوجهات والأهداف والرسائل والجمهور، ومشاركة محللي السياسة والاقتصاد والعلوم الحربية ومفككي رموز اللغة، ولاقى ردود فعل استثنائية، وسط تفويض وتأييد غير مسبوق من شعب يثور لاستعادة حقوق سلبتها منه تحالفات العدوان.

هذه المرة كان خطاب القائد موجهاً أكثر لنظام آل سعود وفق أدبيات النصيحة، وحق الجوار، ولغة القوة التي يفهما الخصوم، وعلى مبدأ القاعدة الشرعية: "العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص"، التي تعني في لغة السيد الحوثي: الميناء مقابل الميناء، والمطار مقابل المطار، والبنك مقابل البنك.. الخ.

حيث قال: "على السعودي أن يدرك أنه لا يمكن السكوت على خطواته الرعناء الغبية، وأن يكف عن مساره الخاطئ وسنقابل كل شيء بمثله البنوك بالبنوك، ومطار الرياض بمطار صنعاء، والموانئ بالميناء".

وأضاف مخاطباً آل سعود: "سنقول على البنوك في الرياض أن تنتقل وأن تذهب، فهل تقبلون بهذا؟ وتعتبرونه شيئا منطقيا؟ فلماذا تريدون فرضه على بلدنا؟".

الخطاب "المجنّح"

حمل الخطاب السيد الحوثي الموصوف بـ"الخطاب المجنح" رسائل نارية، وُجهت بشكل مباشر للنظام السعودي، وعلى تبادل الضر بالضر في حال ما لم يكفْ عن مؤامراته العدائية على اليمن، قائلاً: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام خطوات النظام السعودي الجنونية، أو نتفرج على شعبنا يتضور جوعاً، وينهار وضعه الاقتصادي.. من يعتقد أن بإمكانه إبادة شعبنا بالجوع والمرض والأوبئة والحصار الشديد فهو مخطئ".

وأضاف: "لن نسمح بالقضاء على الشعب، ونسكت حتى إيصاله إلى مستوى الانهيار التام كي لا تحصل مشكلة، فلتحصل ألف ألف مشكلة".

وتابع: "عندما تُلجئونا إلى خيارات لا مناص لنا منها سنتحرك بكل قناعة واطمئنان، لأننا أصلا في الحرب والحصار والمعاناة".

وإذ أشار إلى دفع الأمريكي للنظام السعودي بافتعال أمور غبية وأعمال عدائية غير مقبولة، قال السيد عبدالملك: "إذا كان النظام السعودي مقتنع أن يتورط مع الأمريكي ويدعم اليهود بالمال والإعلام، فهذا خياره وعليه أن يتحمل خطورة عواقبه".


الإنذار الأخير

ومن رسائل التحذير، التي وجهها السيد الحوثي في خطاب الإنذار الأخير للنظام السعودي، هو أن عليه أن يدرك أنه لا يمكن السكوت على خطواته الرعناء الغبية، وأن يكف عن مساره الخاطئ.

وفي منتصف خطابه، بعث برسالة تذكير لـ"آل سعود"، مفادها: "أنه من الحمق التعويل على أمريكا التي فشلت في حماية نفسها.. إذا أردتم الخير لكم والاستقرار لبلادكم واقتصادكم، كفوا المؤامرات على بلادنا.. ومن غير المقبول أبداً تصعيد العدوان ضد بلدنا".

وفق قانون السيد القائد، لن يقبل اليمن باستمرار الحصار عليه، واستهداف اقتصاده، قائلاً: "لن يكون مقبولا أن يحاصر الشعب اليمني ويستهدف اقتصاده حتى الانهيار بينما العدو ينعم بالأمن والاستقرار.. وليس للسعودي أي قضية، ولا مبرر لتصرفاته العدوانية ضد اليمن سوى خدمة الإسرائيلي".

على ما يبدو أن السيد أراد إيصال رسالة للنظام السعودي مفادها: أن الرياض وجدة وأبها وينبع والدمام ونيوم أقرب لصواريخ اليمن من حيفا وأم الرشراش.

وكأنه الخطاب الأخير الذي يستبق صرخات أفواه الرجال، ودعوات الجهاد، وأصوات أزيز الرصاص، وحمم الصواريخ، وقذائف المسيرات.

رسائل نارية

في اليوم ذاته، بعث وزير الدفاع، اللواء الركن محمد العاطفي، ورئيس هيئة الأركان، اللواء الركن محمد الغماري، برقية تهنئة، بمناسبة بدء العام الهجري الجديد 1446هـ، للسيد القائد عبر منصة وكالة "سبأ"، ممزوجة برسائل نارية، قالا فيها: "نؤكد استعداد القوات المسلحة اليمنية على توجيه ضربة موجعة لأعداء اليمن، ونتلهف لتوجيهات القيادة لخوض معركة فاصلة تجعل العدو يندم على إضاعة فرص السلام، ونحن في أتم الجاهزية لتنفيذ المهام".

وأضافا: "القوات المسلحة اليمنية ستضرب بيد من حديد على نطاق وأهداف أوسع وتأثير أعظم وأشد".. انتهت الرسالة.

"فجربوا"

ما أن أنهى السيد كلمته، نشر موقع الإعلام الحربي اليمني على حسابه بمنصة "إكس" صور عدد من المواقع السعودية كُتب عليها كلمة "فجربوا"، المقتبسة من خطابه.



ووفق موجّهات خطاب السيّد، نشر الإعلام الحربي، ضمن الحرب الإعلامية والنفسية، صور إحداثيات مواقع منشآت حيوية سعودية تقع ضمن بنك أهداف الصواريخ اليمنية، مثل: مطارات الملك خالد الدولي بالرياض، والملك فهد الدولي بالدمام، والملك عبد العزيز الدولي في جدة، وميناء جدة (...)، والقادم أعظم.

ما يمارسه آل سعود!

من باب التذكير، فإن ما يمارسه آل سعود من عدوان بحق اليمنيين من تجييش العملاء والمرتزقة لقتال شعبهم، وشن حرب عسكرية استمرت تسع سنوات، وتدمير البنية التحتية، والحرث والنسل، وانتهاج سياسة شق الصف واللحمة الوطنية، وتغذية الانقسامات المجتمعية، وزعزعة الأمن والاستقرار، وإخلال النسيج الاجتماعي، واستهداف الوحدة الوطنية، وزرع الفرقة وبث الكراهية وإذكاء المناطقية، وإثارة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، كل تلك الممارسات لا تمت بصلة لمبادئ روابط الأخوة، وحق الجوار والقواسم العربية والإسلامية المشتركة عموماً، وإنما كل ذلك خدمة للعدو الصهيوني.

ولم يكتفِ نظام بلاد الحرمين الشريفين بهكذا مؤامرات، من نقل البنوك من العاصمة صنعاء إلى عدن المحتلة والضغط على تحريك ورقة العملة المطبوعة قبل 2016، وإيقاف الرحلات الجوية بين مطارات صنعاء الدولي وعمّان الأردن، وخلق أزمة إيرادات طيران اليمنية؛ بل يواصل ألاعيبه المكشوفة في خلط أوراق وملفات السياسة والأمن والاقتصاد، وتعثير عملية السلام، واستخدام مرتزقته للهدف نفسه.

لم يقف عند تلك فحسب، بل يشن حربا اقتصادية خبيثة تستهدف الخيرات والثروات، وكل ما يخفف به الشعب من معاناة الحصار.

"3 أيام"

وفي 3 يوليو 2024، أعلنت وزارة النقل في صنعاء عدم القبول بأي حلول ترقيعيه إلا برفع الحصار الكامل عن مطار صنعاء الدولي.

وأكد وزير النقل في حكومة تصريف الأعمال، عبد الوهاب الدرة، في مؤتمر صحفي نظمته وزارتا النقل والإرشاد وشؤون الحج والعمرة في صنعاء، عزم القيادة الثورية والسياسية اتخاذ إجراءات صارمة لرفع الحصار على اليمن، وفتح مطار صنعاء الدولي بشكل كلي.

وفي اليوم نفسه، نشر الناطق الرسمي للقوات المسلحة، العميد يحيى سريع، على حسابه بمنصة "إكس" تغريدة مكونة من أربع كلمات (3 أيام) كرسالة تهديد للرياض بعواقب احتجاز ضيوف الرحمان، وتأخر عودتهم إلى صنعاء.


الخلاصة.. بعد نقل الكرة إلى ملعب النظام السعودي، علينا انتظار الرد، أو إعلان صافرة صواريخ "الفرط صوتي"، وحينها سيبدأ النزال، {وما النصر إلا من عند الله}.