الرهان الأمريكي الخاسر
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي*
عندما بدأت معركة (طوفان الأقصى) كان التفاعل الجماهيري مع ما يجري في غزة في أعلى مستوياته، فقد كان ضغط الجماهير على السلطات الرسمية في كثير من الدول العربية قويًّا جِـدًّا، وكانت أمريكا تراهن في تخفيف هذا الضغط على ملل الجماهير الذي يمكن أن يصيبها مع مرور الزمن، وبالفعل بعد مرور تسعة أشهر رأينا الرهان الأمريكي ينجح في الكثير من الدول العربية وأصبحت معظم المظاهرات الجماهيرية ردود أفعال على بعض الأحداث الكبيرة التي تقع في غزة، وفي هذا الموضوع لا تقع الحجّـة على الجماهير ولكنها تقع على السلطات الرسمية وعلى القيادات المجتمعية التي انشغلت عن قضية غزة بأمور أُخرى، فانعكس ذلك على التفاعل الجماهيري بشكل سلبي مع هذه القضية.
ولكن كان الفشل للرهان الأمريكي واضحًا في اليمن، فخلال التسعة الأشهر التي مرت على حرب غزة لم يمل الشعب اليمني من الخروج في مسيرات كُـلّ أسبوع في أكثر من مِئتَيْ ساحة يجدد خلالها دعمه ومساندته لإخوتنا في غزة، ويدعو إلى وقف الحرب وفك الحصار وإعلان الاستعداد للمشاركة في المعركة بأية وسيلة متاحة، كما يجدد الشعب اليمني كُـلّ أسبوع دعمه للجيش اليمني في معركته التي يخوضها ضد أمريكا و”إسرائيل” في البحر؛ دعماً وإسناداً لغزة، وما يجري في البحر معركة يخوضها اليمن لعدة أشهر دون تراجع أَو تهاون أَو ملل.
والتحَرّكات اليمنية ليس لها مثيل في أية دولة أُخرى ففي الوقت الذي نرى فيه التحَرّكات الجماهيرية في الدول الأُخرى تتراجع نجد أن التحَرّكات اليمنية الشعبيّة والعسكرية يزداد زخمها وترتفع وتيرتها، ولم تؤثر فيها العوامل الطبيعية ولا التهديد والوعيد الأمريكي، ولا القصف الجوي التي يقوم به الطيران الأمريكي والبريطاني على بلادنا.
وأما التحَرّك اليمني البارز المُستمرّ كُـلّ أسبوع هو خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي يطل علينا عصر كُـلّ خميس يستعرض خلاله أحداث الأسبوع المتعلقة بحرب غزة ابتداء بالعمليات البطولية للمجاهدين في غزة وفي الجبهات المساندة في لبنان والعراق واليمن، ثم يتحدث عن جرائم العدوّ الصهيوني في غزة والضفة، وخطاب السيد الأسبوعي رسالة للقادة وللشعوب ليذكر الجميع بأن مأساة غزة ما زالت قائمة ومن الضروري أن يقوم الجميع بواجباتهم في نصرة هذه القضية، وهذا الجهد لم يقُم به أي زعيم سياسي أَو وطني في الوطن العربي.
* المصدر : موقع أنصار الله
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه