د. عبدالرحمن المختار*

تُـعَـــدُّ الإدارةُ الأمريكيةُ صاحِبةَ أكبرِ رصيدِ انتهاكٍ لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي، رغم أن هذه الإدارةَ من أوائلِ الموقِّعِينَ والمتبنِّين للميثاق عند تأسيس المنظمة الدولية، التي يقعُ مقرُّها في نيويورك إحدى الولايات الأمريكية، بل إن التوقيعَ على تأسيسِ المنظمة الدولية وعلى ميثاقها، تم في الأراضي الأمريكية في مدينة سان فرنسيسكو.
ورغم ذلك فالإدارةُ الأمريكيةُ تعتقدُ -على ما يبدو، ووفقًا لتصرفاتها على أرض الواقع- أن ما تضمَّنه الميثاقُ من مبادئَ لا تُلزِمُها، وإنما تُلزِمُ الدولَ الأُخرى، خُصُوصاً ما يسمى بدول العالم الثالث.

ولا تقتصرُ انتهاكاتُ الإدارة الأمريكية البشعةُ والمتكرّرةُ لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي احتضنت ميلادَه وميلادَ المنظمة الدولية ذاتِها الأراضي الأمريكية، بل إنها انتهكت وما تزال تنتهك بصورةٍ أكثرَ بشاعةً المعاهداتِ والاتّفاقياتِ الدوليةَ، والإعلانات والقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولا رقيب ولا حسيب على انتهاكاتها المتكرّرة، التي تسببت في أضرار بالغة لعدد كبير من دول العالم، وأزهقت أرواحَ الملايين من شعوبها ظُلمًا وعدوانًا، ونهبت مواردَها، في الوقت الذي تتضوَّرُ فيه هذه الشعوبُ جوعًا.

وتلك الانتهاكاتُ ليست ناتجةً عن مصادفة، أَو بسَببِ عواملَ عَرَضِيةٍ أَدَّت إلى تورط الإدارة الأمريكية فيها عن غير قصد، بل إن جميعَ انتهاكات هذه الإدارة ناتجةٌ عن تخطيطٍ مسبَقٍ ومتعمَّدٍ، وما ترتب على انتهاكاتها من مآسٍ للشعوب هو عن سَبْقِ إصرارٍ وترصُّدٍ، وتقبُّلٌ فاضحٌ لكل تلك النتائج، وليست سِرًّا المخطّطات الإجرامية للإدارة الأمريكية، بل إنها غالبًا ما تكون مادة يستخدمها المرشحون للانتخابات ضد بعضهم، ومنها ما تكشف عنه وسائلُ الإعلام، ومن تلك المخطّطات ما يُرفَعُ عنه السريةُ بعد فترة زمنية محدّدة، كما هو الحال بالنسبة لتقرير (كيسنجر سنة 1974)، وما تضمنه من مخطّطات وحشية إجرامية تجاه مأ سمَّاه التقرير ذاتُه بالدول الأقلِّ نموًّا!

وسنسلط الضوء في هذه الأسطر على تدخُّلِ الإدارة الأمريكية في شؤون بلادنا الجمهورية اليمنية، في انتهاكٍ صارخٍ فاضحٍ للالتزامات الدولية، المتعلقة بعدم جواز التدخل في شؤون الدول، وأول مبدأ متعلق بحظر التدخل في شؤون الدول انتهكته الإدارة الأمريكية، هو المبدأُ الواردُ في الفقرة السابعة من المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة الذي نص على أن (ليس في هذا الميثاق ما يسوِّغُ لـ "لأمم المتحدة" أن تتدخَّلَ في الشؤون التي تكونُ من صميم السُّلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثلَ هذه المسائل لأن تحل بحُكم هذا الميثاق).

والواضحُ من خلال هذا النص أن حظرَ التدخُّلِ في الشؤون الداخلية للدول، يشملُ المنظَّمةَ الدولية ذاتَها بوصفِها شخصيةً قانونيةً دوليةً مستقلةً عن الدول المكوِّنة لها، فليس لها -وفقًا لحُكمِ هذا النص- أن تتدخَّلَ في مسائلَ داخليةٍ في دولة ما، كما هو الحال بالنسبة لإسناد السلطة عن طريق الانتخاب، أَو تغيير نظام الحكم عن طريق الثورة أَو الانقلاب؛ فالأمر في الحالتين شأنٌ داخلي يخُصُّ شعبَ الدولة، ولا صلاحية للمنظمة الدولية للتدخل بأي حال من الأحوال.

ويشمل الحظرُ الواردُ في النص السابق الدولَ الأعضاءَ في المنظمة الدولية، بشكل جماعي أَو انفرادي؛ فليس لأية دولة أَو مجموعة من الدول صلاحية التدخُّلُ في أي شأن من الشؤون الداخلية لأية دولة تحت أي مبرّر، سواءٌ أكانَ تدخُّلًا مباشِرًا أَو من خلال عرضِ أي شأنٍ من تلك الشؤون على الجمعية العامة للأمم المتحدة، أَو على مجلس أمنها لحله وفقًا لأحكام الميثاق؛ فمثلما هذا التدخل محظور على المنظمة الدولية ذاتها، بوصفها شخصية قانونية موضوعية دولية، هو محظور أَيْـضاً على الدول الأعضاء فيها سواء بصورة جماعية أَو فردية.

وتدخلت الإدارة الأمريكية أَيْـضاً وبشكل سافر منتهكة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (103/36) لسنة 1981م المتعلق بعدم جواز التدخل بجميع أنواعه في شؤون الدول، الذي ورد فيْ ديباجته ما نَصُّه (إذ تؤكّـدُ من جديد، وَفْقاً لميثاق الأمم المتحدة، أنه لا يحِقُّ لأية دولة أن تتدخَّلَ بشكل مباشر أَو غير مباشر، ولأي سببٍ كان، في الشؤون الداخلية والخارجية لأية دولة أُخرى).

ورغم وضوح هذا النَّصِّ في منع التدخل في شؤون أية دولة، سواءٌ أكان التدخُّلُ مباشرًا أَو غيرَ مباشِرٍ، ولأيِّ سببٍ كان، فَــإنَّه مع ذلك إذَا ما راجعنا دورَ الإدارة الأمريكية خلال العقود الماضية لوجدنا أن سفيرَها في العاصمةِ صنعاءَ كان صاحبَ الكلمةِ الأولى في مختلف الشؤون العامة في البلاد، وأن هذا التدخلَ المباشرَ وصل لمستوى أن جعل النظامَ الحاكمَ في البلاد، خلال تلك المرحلة بمثابة قسم شرطة، يأتمرُ بأمر الأمريكي وينفذ توجيهاته، وكما أوضح ذلك بشكل مفصل السيدُ القائدُ الشهيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، وهو يشخِّصُ حالَ الحكام العرب عُمُـومًا في محاضرته حول الموالاة والمعادَاة، التي ألقاها في شهر شوال 1422هـ.

وفي الوقت الراهن إذَا ما تتبَّعنا تدخُّلاتِ الإدارة الأمريكية غير المباشرة في بلادنا، من خلال الاعترافات الموثَّقة لخلية الجواسيس، التي جنَّدتها المخابراتُ الأمريكية؛ لتعملَ على زعزعة الأوضاع الداخلية في البلاد في مختلف المجالات، وتدمير مؤسّسات الدولة الإنتاجية والخدمية، لتبدوَ هذه المؤسّسات عاجزةً عن تلبية أبسط احتياجات ومتطلبات المواطنين، ولتكونَ النتيجة الحتمية فقدانهم للثقة في مؤسّسات دولتهم، ولتنتقلَ الإدارةُ الأمريكية بعد ذلك إلى حالة التدخل المباشر، الذي وصل مداه لمستوى حلولها تدريجيًّا محلَّ مؤسّسات وأجهزة الدولة في تلبية احتياجات المواطنين، وربطهم بها مباشرةً من خلال النافذة الإنسانية، التي تعد المنظمات العاملة فيها، أَو غالبيتها تابعةً لأجهزتها الاستخبارية، ولها مهمةٌ محدَّدةٌ تتمثل في توسيع دائرة الفقر في المجتمع، خُصُوصاً بعد تدميرها لمؤسّساتِ الدولة الإنتاجية والخدمية، والحيلولة بمختلف الطرق دونَ توجُّـهِ المجتمع نحو الإنتاج الزراعي والصناعي خُصُوصاً في ما يتعلَّقُ بالغذاء.

وورد ضمن ديباجةِ قرارِ الجمعية العامة للأمم المتحدة ما نَصُّه (وإذ ترى أن التقيُّدَ التامَّ بمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول هو أمرٌ ذو أهميّةٍ عظمى للمحافظة على الأمن والسلم الدوليَّين ولتحقيق مقاصد ومبادئ الميثاق) ومع أن الإدارةَ الأمريكية ضمن الدول الموقِّعة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وضمنه هذا النص، الذي يؤكّـد على التقيُّدِ التام بمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول، وبإقرار الدول الموقِّعة أن التقيدَ التامَّ بمضمون هذا النص ذو أهميَّةٍ عظمى لماذا؟؛ لأَنَّ الإخلالَ بمضمونه يترتَّبُ عليه إخلالٌ بالأمن والسِّلْمِ الدوليَّينِ!

الإدارةُ الأمريكية.. الخروجُ عن النص:

ومع ذلك، ورغم أن الإدارةَ الأمريكية -بتوقيعها على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة- قد ألزمت نفسَها بعدم الاخلال بالأمن والسلم الدوليَّينِ، لكنها رغم ذلك تعمدت الإخلال بتدخُّلها في الشؤون الداخلية للدول، وليس مستساغًا القولُ إن الإدارة الأمريكية تجهل ما ورد من حظر في شأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية، سواء في ميثاق منظمة الأمم المتحدة أَو في قرار جمعيتها العامة، الذي نحن الآن بصدد مناقشة بعضِ نصوصه.

وورد ضمن ديباجة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ما نصه (وإذ ترى أن أيَّ انتهاكٍ لمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول يشكل تهديداً لحرية الشعوب ولسيادة الدولِ واستقلالها السياسي ولسلامتها الإقليمية، وتهديداً لتنميتِها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويعرِّضُ أَيْـضاً السِّلْمَ والأمنَ الدوليَّينِ للخطر).

والواضحُ هنا الإقرارُ من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تعد الإدارة الأمريكية أبرز أعضائها، وتعد كذلك عضوًا دائماً في مجلس الأمن الدولي، الذي يمثِّلُ الجهازَ التنفيذيَّ للمنظمة الدولية، وما هو مُقِرٌّ به في هذا النص، هو خطورةُ الآثار المترتبة على أي انتهاك لمبدأِ عدمِ التدخل بجميع أنواعه في شؤون الدول؛ لما فيه من تهديدٍ لحرية الشعوب، وسيادة الدول واستقلالها، وتدميرٍ لتنميتها في مختلف الجوانب، إضافةً إلى تعريض السِّلْمِ والأمنِ الدوليَّينِ للخطر.

ومع أن الإدارةَ الأمريكيةَ تدركُ تماماً مضمونَ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي وقَّعت مع غيرها من الدول عليه، وألزمت نفسَها بأحكامه، وباعتبار أن الولاياتِ المتحدةَ تعد أهمَّ أكبر الدول الأعضاء في الجمعية العامة للمنظَّمة الدولية، والأصل أن تكونَ أكثرَ الدول اهتماماً بتنفيذ أحكام هذا القرار، وغيره من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لهذا الاعتبار، ولاعتبارات أُخرى أهمُّهما أن مقرَّ المنظمة الدولية يقعُ في الأراضي الأمريكية، ويعد شرفًا كَبيرًا للإدارة الأمريكية التزامُ الدول بالقرارات الدولية، يقعُ على عاتقها -وفقًا لهذا الاعتبار- تشجيعُ بقية الدول على الالتزام الصارم بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس تزعُّمَ الدول المنتهِكة!

والأمرُ الثابتُ الذي لا يقبلُ إثباتَ العكس، هو أن الإدارة الأمريكية أكثرُ دول العالم انتهاكًا، ليس لقرار الجمعية العامة محل المناقشة، بل جميع القرارات السابقة واللاحقة له، وفوقَ ذلك تعد أكبرَ منتهِكٍ لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتّفاقيات الدولية، وفي ما يتعلق بآثار تدخُّلِ الإدارة الأمريكية في الشؤون الداخلية لبلادنا، الذي مثّل انتهاكًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، فَــإنَّ هذه الآثارَ قد شملت جوانبَ متعددةً، منها المساسُ بحق شعبنا في اختيار حكامه ونظام حكمه، بحرية تامة ودون تدخل أَو وصاية من أية جهة خارجية، وكذلك المساس بسيادة واستقلال دولتنا الجمهورية اليمنية وسلامة أراضيها، وهو أمرٌ واضحٌ للجميع ولا يحتاجُ إلى مزيد من التوضيح.

وَأَيْـضاً ما كشفته الاعترافاتُ الموثَّقةُ لخلية العملاء الجواسيس، من آثارٍ كارثية أضرَّت بشكل كبير بمختلف الجوانب التنموية، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والزراعية والصناعية، وكل ما ارتبط بهذا التدخل السافر، والتخريب المتعمَّد لمقومات حياة شعبنا في مختلف جوانبها من آثارٍ تدميرية كارثية، كشفته بشكل مفصَّلٍ الاعترافاتُ الموثَّقةُ لعملاء وجواسيس الأجهزة الاستخبارية التابعة للإدارة الأمريكية.

ولو أن لمنظَّمة الأمم المتحدة حَــدًّا أدنى من المصداقية، لعملت بشكل فوري بعد الانكشاف الكبير على تشكيل لجنة من دول محايدة، لتقييمِ الأضرارِ التي لحقت بشعبنا؛ نتيجةَ تدخُّلِ الأجهزة الاستخبارية التابعة للإدارة الأمريكية في شؤونه الداخلية؛ انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي، وأن تعمل المنظمة الدولية وبشكل فوري على إلزام الإدارة الأمريكية بتعويض بلادِنا عن كافة الأضرار التي أضرَّت بشكل كبير بمقومات حياة المجتمع في جميع جوانبها.

وما سبق إيرادُه من نصوص ديباجة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثَّلَ الأُسُسَ التي بَنَت عليها منطوقَ قرارها التاريخي الذي ورد في منطوقه:

تعلنُ رسميًّا ما يلي:

1- لا يَحِقُّ لأية دولة أَو مجموعةٍ من الدول أن تتدخلَ، بصورة مباشرة أَو غير مباشرة، لأي سبب كان، في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأُخرى؛

2- يشملُ مبدأُ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الحقوقَ والواجباتِ التالية:

أولاً

(أ) سيادةُ جميع الدول، واستقلالُها السياسي، وسلامتُها الإقليمية، ووَحدتُها الوطنية، وأمنُها، فضلاً عن الهُــوِيَّة الوطنية، والتراث الثقافي لسكانها؛

(ب) حَقُّ الدولة السياديُّ غيرُ القابل للتصرُّف في تقرير نظامِها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي بحرية، وفى تنمية علاقاتها الدولية وفى ممارسة سيادتها الدائمة على مواردِها الطبيعية وفقاً لإرادَة شعبها دون تدخُّل أَو تداخُلٍ أَو تخريب أَو قسرٍ أَو تهديدٍ من الخارج بأي شكل من الأشكال.

ومن خلالِ تطبيق ما تضمنته البنودُ السابقة على أرض الواقع، يتضح أن الإدارة الأمريكية قد تدخلت بصورة منفردة وبشكل متكرّر في شؤون بلادنا الداخلية والخارجية، وهو ما مثَّل انتهاكًا سافرًا لميثاق الأمم المتحدة وللبند الأول من قرار جمعيتها العامة الذي أعلنته على الملأ سنة 1981م، كما أن الإدارة الأمريكية تدخلت أَيْـضاً بشكل جماعي ضمن تحالُفٍ دولي عملت على تشكيله وتزويده بمختلفِ المعدات العسكرية الحديثة وأفتك أنواع العَتاد الحربي.

الحَقُّ في المطالَبةِ بالتعويض:

وقد ترتَّبَ على التدخل في الحالتَينِ آثارٌ كارثيةٌ على أمن واستقرار بلدنا، ومساسٌ بسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، وتراثه الثقافي، وهُــوِيَّته الوطنية، وحق الشعب في اختيار حكامه، ونظامه السياسي، وسيادته في علاقاته الندية الخارجية، وحقه في الاستفادة من ثرواته وموارده الطبيعية، التي تعرَّضت للنهب والاستغلال والتخريب.

وبكل تأكيد فَــإنَّ حَقَّ شعبنا قائمٌ وثابتٌ في مطالَبةِ أجهزة الأمم المتحدة المختصة بإلزام الإدارة الأمريكية بالتعويض عن كافة الأضرارِ الناتجة عن تدخلها في شؤون بلادنا؛ باعتبَار أن ذلك التدخل مثّل انتهاكًا سافرًا لكافة المبادئ والأحكام الملزِمة للدول، الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وغيره من الوثائق الدولية المعتمدة.

وفوق ذلك حَقُّ بلادنا الجمهورية اليمنية ثابتٌ في المطالبة بكافة الطرق، وأمام كافة الفعاليات الدولية بفصل الإدارة الأمريكية من عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة والعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي تطبيقًا لحكم المادة (6) من ميثاق منظمة الأمم المتحدة التي نَصَّت على (إذا أمعن عضوٌ من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاكِ مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصلَه من الهيئة) وما لم يصل شعبنا في مطالباته لأجهزة الأمم المتحدة إلى نتيجة مُرضية، فَــإنَّه لن يُعدِمَ الوسائلَ التي تمكّنه من إجبار الإدارة الأمريكية على الرضوخ للمطالِبِ المحقة لبلدنا وشعبنا.

وكما أسلفنا لم يسبق لعضو من أعضاء الأمم المتحدة، أن أمعن في انتهاك مبادئ ميثاقها وأحكام القانون الدولي مثل الإدارة الأمريكية؛ وَلَئنْ كان النَّصُّ المتعلِّقُ بفصلِ العضو المنتهِك من الهيئة الدولية، قد تمت صياغتُه بحيث لا يشملُ ظاهريًّا الأعضاءَ الدائمين في مجلس الأمن الدولي، فَــإنَّ مَرَدَّ ذلك هو الاعتقاد بأن الأعضاءَ الدائمين أكثرَ التزامًا وانضباطًا من غيرهم من أعضاء المنظَّمة الدولية؛ كونهم على رأس الجِهازِ التنفيذي للمنظمة؛ فإذا ما أصبح أيٌّ من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي منتهِكًا، بل الأشدَّ انتهاكًا، فَــإنَّه ما ينطبِقُ على غيرِه من الأعضاء المنتهِكين غيرِ الدائمين، ينطبقُ عليه بدرجةٍ أشدَّ، وستكونُ المنظمةُ الدوليةُ في المرحلة القادمة بجميعِ أجهزتِها في اختبار مصداقيةٍ أخيرٍ وعسيرٍ، إمَّا أن تجتازَه وإما أن تنهارَ غيرَ مأسوفٍ عليها وعلى سُوء إدارتها لشؤون المجتمعِ البشري خلالَ العقود الماضية.

* المصدر : المسيرة نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه