الدبلوماسيةُ اليمنيةُ الجديدة
سند الصيادي*
من خلال اللقاء الأخير الذي جمع رئيسَ الوفد اليمني المفاوض بالمسؤول الروسي، يتبادرُ إلى الذهن الكثيرُ من التأملات وَالمفارقات بين الأمس واليوم فيما يخُصُّ المنهجيةَ السياسيةَ الخارجية للبلاد، وكيف باتت اليومَ تعملُ على فتح جسور وَقنوات تواصل وَتشبيك العلاقات مع القوى الفاعلة المناوئة للغرب، وفق المحدّدات والثوابت التي باتت تتسلح بها صنعاء وتدافع عنها، وَبقدر ما هي تُحسَبُ لصنعاء في انفتاحها مع العالم من حولها، فَــإنَّها تعزيز لفرص مشتركة تخدُمُ القضية والتوجّـه والأهداف المشتركة.
المنهجيةُ القرآنيةُ من أعظم مخرجاتها –برأيي- هذه السياسة الجديدة مع الآخر، الواثقة ومتسعة الوعي وواضحة النقاط، هذا الوعي العالمي الذي باتت عليه اليمن كفيلٌ بأن يُكسِبَها الاحترامَ كمكون سياسي وعسكري وَشعبي فاعل ومؤثر، كما هو كفيلٌ بأن يفتح أبواب البحث الدولي رسميًّا وشعبيًّا على التنقيب في المنهجية التي رسمت هذه التغيرات ونقلتها بزمن قياسي بكل منغصاته وتحدياته من واقع يبدو متخلفًا في كُـلّ تفاصيله إلى هذا المستوى المتقدِّم من الوجود الحضاري والإنساني.
لطالما كانت النظرةُ التي أراد أن يصدِّرَها الغربُ الكافرُ، من خلال المنهجيات المخترقة للإسلام التي صنعها ورعاها، أَو حتى من خلال الأنظمة العميلة التي كانت تحكم، هو الانزواء الحضاري والعدائية العقائدية غير المبرّرة للآخر، حتى وإن كان هذا الآخر لا يستهدفك كأمة ومنهج وَأرض بأي عداء، حتى وإن كان يتشارك معك قيمًا سياسية ومبدئية، ومستعدًّا أن يكون معك ضمن محدّدات وأُطُرٍ مشتركة لا تلغيك ولا تنتقصُ من سيادتك ومنهجك وقضيتك.
أراد الآخرُ من منهجيات الإسلام المنحرفة أن يوسع دائرة العداء في محيطها؛ لتشمل كُـلَّ خصومه، ابتداءً من داخل الأُمَّــة وانتهاءً بالعالم، باستثنائه هو.. ولهذا ظل يقطفُ ثمارَ تلك التعبئة دون أن يخسرَ قطرةَ دم واحده من جنوده؛ فبعد توظيفه الناجِحِ لمئات آلاف المسلمين في حرب الشيوعية وإزاحتها من قطب المشهد الدولي لمصلحة أمريكا، فقد وظَّف تلك المنهجياتِ وعناصرَها للداخل الإسلامي دُوَلًا ومكوناتٍ وَمذاهبَ وطوائف، وكان سيوجِّهُها نحوَ دُوَلٍ معادية له كالصين وفنزويلا وكوريا الشمالية وغيرها.
وَلولا الأحداث الأخيرة في المنطقة ومخرجاتها من قوى ومنهجيات مقاوِمة صوَّبت المسارَ نحو الخطر والعدوّ الحقيقي، لَكان الشبابُ العربي المسلم يجاهدُ في طهران وَبيونغ يانغ وبكين وكركاس، ولَكانت البُوصلة اتجهت إلى كُـلِّ اتّجاه باستثناء القدس وَفلسطين!
* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه