المسكوتُ عنه في السياسة الأمريكية
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي*
الأجهزةُ الأمنية في اليمن كشفت مؤخّراً عن خلية تجسس أمريكية امتد خطرُها إلى مختلف جوانب الحياة لليمنيين، حَيثُ لم تكتفِ هذه الخليةُ بالتركيز على الجوانب السياسية والأمنية، كما هي العادة في مثل هذه الحالات، ولكن امتدَّ تأثيرُها إلى الجوانب الحياتية للشعب اليمني، مثل: الزراعة والصحة والتربية والتعليم إلى جانب إفساد أخلاق المجتمع اليمني؛ ما يعكسُ إصرارَ الأمريكي على القضاء على البنى التحتيةِ للدول وعرقلة التنمية فيها وتجريدها من أدوات القوة، مستخدماً في ذلك مختلف الوسائل الشرعية وغير الشرعية؛ بهَدفِ إخضاعها للهيمنة الأمريكية كما رأينا في اعترافات أفراد الخلية.
إن كشف اليمن عن الأعمال التي قامت بها هذه الخلية يعتبر دخولاً إلى المنطقة المحظورة أمريكياً وتناولاً للمسكوت عنه في السياسة الأمريكية نحو الشعوب العربية والإسلامية؛ فالجميع يعرف ويعلم من مسؤولين وشعوب أن لأمريكا دوراً سلبياً تقوم به داخل تلك الدول؛ بهَدفِ السيطرة عليها والقضاء على قيمها وأخلاقها وثقافتها الدينية والوطنية، ولكن لم يتجرأ الكثير من المعنيين والمؤثرين على الكلام عما تقوم به أمريكا من دور تخريبي في دولهم عن طريق أدواتها العميلة والتجسسية، فجميع الدول العربية والإسلامية يوجد داخلها خلايا تجسسية تقوم بنفس الدور الذي قامت به خلية اليمن.
ففي اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م كانت الخلايا الأمريكية تتحَرّك بحرية كاملة في المؤسّسات الحكومية وفي أوساط المجتمع وتحصل في معظم الأحيان على تسهيلات من مسؤولي الدولة، وحتى أن بعض عملاء أمريكا وجواسيسها كانوا يفاخرون بعملهم مع أمريكا ضد مصالح بلدهم، كما كان بعض المسؤولين السابقين يتنافسون في تقديم خدماتهم لأمريكا بدون مقابل؛ حرصاً على رضاها.
ولكن ما حدث في يمن المستقبل الذي لا يخضع لأية قوة خارجية غير مألوف ولم يسبق أن حدث في أية دولة عربية أَو إسلامية؛ فـ عندما تفضَحُ المؤامراتِ الأمريكيةَ بالصوتِ والصورةِ والوثيقة تكونُ في مواجهة مع أمريكا وأدواتها في الداخل والخارج.
وكان هدفُ اليمن من فضح تلك الأعمال هو إرسال رسالة لكل الدول والشعوب العربية والإسلامية بأن عليها أن تنتبه للمؤامرات التي تحيكها السفارات الأمريكية ضدها، مستغلةً ضِعافَ النفوس من مواطني تلك الدول، وعلى الجميع التعاون في الوقوف أمام المؤامرات الأمريكية ضد الدول والشعوب للحد من خطرها والتخفيف من آثارها.
* المصدر : الميادين نت
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه