الصهاينة وراء كل حربٍ اقتصادية
السياسية:
محمد محسن الجوهري*
مع اندلاع شرارة الثورة الإسلامية في إيران مطلع العام 1979، بادرت الصهيونية العالمية إلى خنقها بالعقوبات الاقتصادية، والتي بدأت بإصدار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الأمر التنفيذي بتجميد الأصول الإيرانية، بما في ذلك الودائع المصرفية والذهب وغيرها، وذلك رداً على موقف الثورة المساند للقضية الفلسطينية.
وقد تسلسلت العقوبات منذ السبعينيات وحتى اليوم، وحرمت إيران من الكثير من المزايا الاقتصادية، بلغت حد منعها من تصدير ثرواتها الطبيعية، ما أسهم في تدهور الوضع المعيشي وتدهور العملة المحلية.
ورغم أن العراق قد دخل في حربٍ طويلة الأمد مع إيران بدعم غربي، إلا أن اقتصادها ظل على حاله طيلة سنوات الحرب الثمان، بخلاف إيران، وبقي سعر الدينار بين 3.3 و4 دولار للدينار العراقي الواحد.
ولم يتغير الوضع في العراق إلا بعد تدهور العلاقات بين بغداد والغرب، بدءا من العام 1988، وانتهاءً بالحصار الاقتصادي الذي تسبب بانهيار الدينار العراقي، بلغ على إثرها ثلاثة آلاف دينار مقابل الدولار الواحد.
ويتكرر الأمر كثيراً في سائر دول العالم، خاصة دول أمريكا اللاتينية، مثل فنزويلا والتي انهارت عملتها البوليفار بمجرد خروج قيادتها عن الهيمنة الأمريكية، تحت رئاسة هوغو شافيز عام 1999.
وهكذا دأب الغرب الصهيوني عبر السنوات، وما نراه في بلادنا اليوم لا يخرج عن ذلك الصلف اليهودي، فكل عقوبة اقتصادية وراءها اليهود، حقيقة لا مجاز، والهدف من ذلك ابتزاز الشعوب، وفصلها عن قيادتها الثورية المناهضة لإسرائيل والهيمنة الاستعمارية للغرب على اقتصاد العالم.
وبما أن الخطوة الأولى في الحرب الاقتصادية هي ضرب العملة المحلية، فقد بادر الغرب إلى تقليل قيمة الريال اليمني، واضعافها عبر طباعة كميات كبيرة منها دون توفير غطاء يوازيها من العملة الصعبة، وكانت النتيجة أن انهار سعر الصرف في المحافظات المحتلة، فيما استطاعت المحافظات الحرة تلافي الكارثة بعد أن قاطعت العملة المزورة، ومنعت تداولها في السوق المحلية.
وكان لذلك القرار الحكيم دور كبير في استقرار سعر الريال، وبالتالي استقرار أسعار السلع الغذائية، وحياة المواطنين بشكلٍ عام.
ومع موقف اليمن المشرف في نصرة الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة، وفشل العدوان العسكري الأمريكي في ثني الشعب عن مساره المناهض للكيان المؤقت، عمدت الصهيونية العالمية إلى افتعال أزمة أخرى لخنق الريال اليمني، عبر عقوبات جديدة على البنوك المحلية، ومنعها من مزاولة عملها بحرية، ومصادرة حقها في امتلاك العملة الصعبة وفرض العملة المزورة بالقوة على المواطنين في المحافظات المحتلة، وهي إجراءات من شأنها مضاعفة معاناة السكان، خاصة في مناطق سيطرة المرتزقة.
بالنسبة للمحافظات الحرة فإن الوضع أهون بكثير، بسبب الإرادة الثورية التي تجابه كل ذلك الصلف، وترد على كل إجراء بما يناسبه بحرفية اقتصادية لم يعهدها الغرب من قبل.
والأهم من ذلك، أن صنعاء تمتلك الخيار العسكري الذي يؤهلها لردع دول العدوان، وضرب مقوماتها الاقتصادية، وقد أثبتت الوقائع أن للقوة العسكرية عوائد أكبر بكثير مما كنا نظن، أقلها فرض توازن الردع في مختلف المجالات.
وستلقى دول العدوان، إذا أصرت على حربها لليمن، ما يلقاه الكيان ألمؤقت من حصار اقتصادي وقصف جوي، وليس لها أي مصلحة في ذلك، وفي بقيق وخريص وتنورة شواهد عملية، إن غلبت الرياض وأبوظبي مصالحهما على مصالح إسرائيل.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب