بقلم: توم أوكونور
ترجمة: انيسة معيض-سبأ
الانفصاليون الجنوبيون يلوحون بعلم اليمن الجنوبي السابق (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) كما يتظاهرون في حي خور مكسر بمدينة عدن في 15 أغسطس.. /نبيل حسن/ وكالة الصحافة الفرنسية.
بدأت الحكومة اليمنية المنفية في التشكيك في التحالف برمته الذي تقوده المملكة العربية السعودية وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة كشركاء محليين للبلدين الأجنبيين المنخرطين في سلسلة من الاشتباكات التي هددت بمزيد من الانقسام في أكثر دول العالم العربي فقراً والأكثر دماراً.
دعمت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إدارة الرئيس اليمني المنفي عبد ربه منصور هادي كجزء من تحالف ضد التمرد الذي تقوده جماعة شيعية إسلامية تنتهج المذهب الزيدي، تعرف باسم أنصار الله أو الحوثيين، منذ عام 2015.
ومع ذلك، فإن الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من قبل أبو ظبي انقلبوا على الحرس الرئاسي المدعوم من الرياض، واستولوا على قصر هادي المهجور في مدينة عدن الساحلية الجنوبية بعد أسبوع من الاشتباكات الدموية.
يوم الخميس، عقد المجلس الانتقالي الجنوبي مسيرة حاشدة وتعهد بتولي مسؤولية الجنوب تحسباً لاستقلال تام, وفي سلسلة من التغريدات، انتقد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني هذه الخطوة باعتبارها “ليس فقط انقلاباً على الحكومة الشرعية، ولكن أيضاً تهديداً للنسيج الاجتماعي وضربة ضد المشروع الوطني”, واضاف: “إن أي إذن أو انقلاب مع المجلس الانتقالي في عدن في ظل هذه الظروف يهدر شرعية مواجهة الانقلاب الحوثي في صنعاء، ويسقط مبررات تدخل التحالف الشرعي الذي يواجه انقلاب ميليشيا الحوثيين ضد الحكومة اليمنية المنتخبة.
تمتد الصراعات الداخلية في اليمن إلى قرون عديدة على الأقل، إذ يوجد في الشمال والجنوب اختلافات طائفية وسياسية مميزة اتضحت في الدولة المعاصرة.
كان شمال اليمن يحكم منذ فترة طويلة ما لا يقل عن ألف عام من قبل المسلمين الشيعة اتباع المذهب الزيدي – بخلاف الأجزاء الفرعية الأخرى مثل الاثني عشرية المؤثرين الذين يحكمون إيران – بينما كان الجنوب يسيطر عليه من قبل جماعة السنة، لكن الاستقلال في الستينيات أدى إلى تشكيل دولتين متنافستين، المجلس العسكري الديني القبلي المدعوم من الرياض في صنعاء وحكومة شيوعية يدعمها الاتحاد السوفيتي في الجنوب.
تم توحيد البلد في عام 1990 بعد سلسلة من النزاعات الدموية التي تنطوي أيضاً على التنافس على المصالح الجيوسياسية.
بدأت الأزمة الحالية في عام 2012 عندما أجبر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي تولى حكم اليمن الشمالي في عام 1978 واستمر في حكم الدولة الموحدة، على التنحي وسط احتجاجات واسعة النطاق لم تتراجع عندما تولى هادي منصبه.
مع تزايد الاستياء، تمكن الحوثيون من الاستيلاء على العاصمة صنعاء في عام 2015, مما أجبر هادي على الانتقال إلى عدن وإجبار المملكة العربية السعودية على تشكيل تحالف عربي يضم الإمارات العربية المتحدة وبدعم من الولايات المتحدة في محاولة لهزيمة المتمردين الذين يشتبه في تلقيهم الدعم من إيران المنافس الإقليمي.
كان صالح وأنصاره يواصلون الانضمام إلى الحكومة الجديدة التي يقودها الحوثي، لكن الزعيم السابق الذي حكم منذ فترة طويلة قُتل في النهاية في ظل ظروف غامضة حيث قيل إنه حاول التوسط في صفقة مع التحالف الذي تقوده السعودية في عام 2017.
وقد وصف الصراع على نطاق واسع بأنه وصل إلى طريق مسدود، مع احتفاظ الحوثيين بالسيطرة على صنعاء حيث وقعت مناوشات عنيفة ضد القوات الموالية للحكومة في مدن استراتيجية مثل الحديدة, اتفق الجانبان مبدئياً على الدخول في محادثات العام الماضي في السويد، لكن لم يبرز للعيان هذا كثيراً, حيث أعلنت الإمارات مؤخراً عن تخفيض عدد قواتها في البلاد وسط توترات دولية منفصلة تشمل إيران في الخليج الفارسي وفتح جبهة جديدة في عدن.
على الرغم من أن قوات هادي المدعومة من السعودية والانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات العربية المتحدة قد اشتبكت من قبل، إلا أن عداءهم احتدت وتيرته بشكل كبير بعد ضربة صاروخية في وقت سابق من هذا الشهر ادعى انها من قبل الحوثيين, قتل فيها أفراد من المقاتلين المؤيدين للجنوب.
وفي النهاية، اعتقل المجلس الجنوبي الانتقالي جماعة الإصلاح الموالية للحكومة اثر وقوع الهجوم، مدعياً أنه كان يهدف إلى تقويض سيطرة الانفصاليين على عدن، وتم تبادل إطلاق النار بين الجانبين المتناحرين في جنازة للمقاتلين الذين لقوا حدفهم.
كان الانفصاليون يواصلون الاستيلاء على المباني الحكومية الرئيسية، متغلبين على الحرس الرئاسي في القصر الذي هجره هادي منذ فترة طويلة منذ انتقاله إلى المملكة العربية السعودية.
ومع وجود الحوثيين في صنعاء والانفصاليين في عدن، فإن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ليس لها مكان في البلد نفسه.
= صحيفة “نيوزويك”الأمريكية
= المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع