السياسية || تقرير: صباح العواضي

 

فرضت القوات المسلحة اليمنية معادلات جديدة على مسار الأحداث العالمية والإقليمية التي تواكب بكل بسالة التصدي لجرائم الكيان الصهيوني خلال عملية “طوفان الاقصى” التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر الماضي كجبهة جديدة وعنصر مفاجئ وواقع إقليمي في الصراع العربي -الإسرائيلي لتحدث زلزالا في واقع “اسرائيل” ما لبث أن تحول إلى تسونامي في البحرين الأحمر والعربي وعلى تخوم المحيط الهندي لتغرق أمريكا وبريطانيا فيه ولا أمل لاقتراب قارب نجاة.

مسارات هذه المعادلات اليمنية تجلت من خلال استهداف القوات المسلحة لمدينة وميناء أم الرشراش المحتلة المسماة حاليا “ايلات” بصواريخ تصل مداها 2000 كيلوا متر، عرفت بعائلة “قدس١وقدس٢ وقدس٣ ” وغيرها من الأسلحة البحرية والتي خصصتها اليمن في صناعتها الحربية لمثل هذه المواجهة، واعدت لها خير اعداد تأكيدا لتصريح فخامة الرئيس الركن مهدي المشاط عام 2019، أن المرحلة القادمة ستكون مليئة بالمفاجئات وأن الأسلحة الجديدة ستحدث فارقا في موازين القوى مع العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، وستتغير معها كل المعطيات لصالح قواتنا باعتبار هذه الأسلحة الجديدة أسلحة ردع فاعل ومؤثر.

فمنذ سنوات العدوان اهتمت القيادة الثورية والسياسية بالعاصمة صنعاء بالتصنيع الحربي ووصفت الحرب حينها بـ”غير المتكافئة” ونجحت خلالها اليمن في تغيير المعادلات العسكرية برا وجوا ومازالت آثارها تبدوا جلية في أرامكو السعودية ودبي الإماراتية.

الأسلحة اليمنية أضحت واقعا ملموسا وقوة ردع فاعل ومؤثر في المنطقة قالت عنها صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية بانه يصعب التنبؤ بها ومراقبتها وليس من السهل اعتراضها، فيما أشارت مجلة “نيوزويك “الأمريكية إلى أن اليمن يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ المضادة للدروع الجاهزة لمهاجمة عدد من السفن، أكبر مما تستطيع البحرية الأمريكية الدفاع عنه، وفي الحقيقة أن تكلفة الصواريخ الأمريكية التي تعترض الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية تبلغ ما بين مليون و4.3 مليون دولار حسب تقرير معهد “كوينسي” للابحاث بواشنطن.

اليمن حارسة الازدهار التجاري بحكم موقعها الاستراتيجي وليست أمريكا كما تدعي واشنطن ضمن تحالفها الأخير تحت مزاعم كبح جماح القوات المسلحة اليمنية التي تساند المقاومة الفلسطينية في غزة.

فمنذ زمن بعيد فرضت اليمن سيطرتها على مضيق باب المندب، باعتباره بوابتها المحصنة التي اذرفت دموع كل من تجرئ على عبوره بدون تصريح، وسمي بهذا الاسم أسوة بمن ناحت لهم الثكالى وذرفت دموع الحسرة والندم، إلا أنه تعرض خلال فترة الأنظمة السابقة للإهمال ولم يٌستغل الاستغلال الأمثل، ولم تستفيد منه الدولة كعائدات بل أصبح ممر للقراصنة وتهريب البضائع، الامر الذي جعله ضمن الأطماع الدولية وقامت بعض الدول بإنشاء قواعد عسكرية ممتدة على طول السواحل المحاذية للبحر الأحمر تحت مزاعم تأمين الملاحة الدولية وهي في الحقيقة للحفاظ على مصالحها واحتلال اليمن وجزره وموانئه.

واليوم وبفضل الله وبتسونامي التغييرات الجذرية التي أطلقها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قلبت اليمن موازين العالم وفرضت سيادتها على ميائها وما زلت ارتدادها ووقعتها المفاجأة تنذر بفيضانات أشد ايلاما ووقعا من سابقيه.

أثارت اليمن بتصديها للعدوان الإسرائيلي الأمريكي البريطاني تساؤلا كيف لبلد افقرته القوى الطامعة أن يتصدى لقوى العالم؟ وفرضت حصاراً على “إسرائيل” وقوضت مصالح القوات العسكرية الفاعلة في هذا الممر البحري ما بين أمريكا وأوروبا من جهة وبين الخليج العربي وجنوب أسيا من جهة أخرى، والذي تمر من خلاله أكثر من 21 ألف قطعة بحرية سنويا أي 57 قطعة بحرية يوميا و12 مليون حاوية سنويا ويشكل ما بين 25-30 ٪ من حجم التجارة العالمية وتمر عبره 30 ٪ من حمولات النفط العالمي أي ما يعادل 4.7 مليون برميل نفط يوميا ولهذا سمع صراخاً وعويلاً في واشنطن ولندن و”تل أبيب”.

نشرت “اينترسبت” وهي منظمة إخبارية أمريكية في تقرير لها إن “اليمنيين كلاعب مقتدر ظهر على الساحة بعيدا عن التوقعات.. كيف لإدارة بايدن بقرارها مهاجمة اليمنيين قد سمحت لليمنيين اهلاك أمريكا في حرب جيوسياسية”.

وهنا نحاول سرد خسائر العدو الإسرائيلي جراء الحصار الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر ومنها أن الكيان كان يستورد 70% من احتياجاته التي تقدر حجمها السنوي 75 مليار دولار عبر البحر، فضلا عن تراجع ميناء ام الرشراش المحتل بمقدار 85% وامتناع شركات كبرى عن الرسو في موانئ فلسطين المحتلة تجنباً لتهديدات مستقبلية مما زاد من خسائرها الاقتصادية.

القوات المسلحة اليمنية استطاعت ان تفرض معادلات وواقع مغاير لما كان في الماضي وقادرة على التحكم في أهم رابع ممر في العالم بما تملكه من اسلحة ردع وتأثير على مستوى العالم ضمن التغييرات الجيوسياسية في البحرين الاحمر والعربي لتثبت للعالم ان اليمن اليوم ليس يمن الأمس، ولن تتردد في التعامل المناسب مع كافة التهديدات المعادية ضمن حق الدفاع المشروع عن اليمن وسيادته وشعبه والأمة الإسلامية ومنها الوقوف بجانب غزة والفلسطينيين عبر استمرارية منع السفن الإسرائيلية أو الأمريكية والبريطانية المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة والتأكيد المستمر والتام على سلامة وأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر عدا تلك التي تدعم الكيان الصهيوني وتساهم في قتل الشعب الفلسطيني.