“Responsible Statecraft”: أعيدوا القوات الأميركية إلى الوطن من العراق وسوريا الآن
السياسية:
يكتب بول ر. بيلار، في موقع “responsible statecraft” مقالاً بعنوان “أعيدوا القوات الأميركية إلى الوطن من العراق وسوريا الآن”، ويتحدث فيها عن الوجود الأميركي في هذين البلدين وخيارات الولايات المتحدة بعد الهجمات المكثفة التي شنتها فصائل المقاومة على القواعد الأميركية، وآخرها الهجوم قرب التنف، على الحدود السورية الأردنية.
فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
تواجد نحو 3,400 من جنود البحرية الأميركية في سوريا والعراق قد يصبحون السبب في اشتعال القتال في كافة أقاليم المنطقة. ومن المرجح أن يؤدي هجوم الطائرات دون طيار في الأسبوع الماضي الذي أسفر عن مقتل 3 من الجنود الأميركيين في موقع “استيطاني” في الأردن بالقرب من الحدود السورية، إلى زيادة التدخل العسكري الأميركي في المنطقة بدلاً من تخفيفه.
وهذا أمر مؤسف، ويناقض بشكل مضاعف مزاعم إدارة بايدن السابقة في التفكير جدياً في سحب معظم جنودها من العراق وسوريا. وفي الأسبوع الماضي ألمح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى أن المراجعة الأميركية العراقية المشتركة قد تؤدي إلى سحب بعض القوات من العراق. وأشارت تقارير أخرى إلى مناقشات داخل الإدارة حول احتمال سحب القوات الموجودة في سوريا.
ومن غير الواضح لماذا اختارت إدارة بايدن النظر في قضية الانسحاب لهذه القوات بعد سنوات طوال من الانتظار. وربما تنطوي الإجابة على تصاعد العنف الإقليمي الناجم عن العدوان الصهيوني الوحشي على الفلسطينيين في قطاع غزة، والغضب المرتبط به ضد الولايات المتحدة لدعمها حكومة الاحتلال. ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي، تعرضت المنشآت العسكرية الأميركية في العراق للهجوم أكثر من 60 مرة وتلك الموجودة في سوريا أكثر من 90 مرة.
وتؤكد قوة الهجمات على المواقع العسكرية الأميركية، المدى المترتب على عمليات الانتشار الأميركية من تكاليف ومخاطر لا تقاس بأي مكاسب إيجابية يمكن أن تحققها. لقد كان الجنود ولايزالون أهدافاً سهلة في متناول المجموعات التي تناهض وجودهم. ولم تردع الضربات الجوية الأميركية في سوريا والعراق، هذه المجموعات من الاستمرار بتسديد الضربات بشكل متصاعد وأكثر دقة على الدوام.
كل هذا، يشكل انحرافاً عن المهمة الأصلية لوجود القوات الأميركية، حيث يتم تهميشها لتصبح حماية وجود القوات نفسها هي الشاغل الرئيسي لإدارة بايدن. وما الهجوم الأخير إلا جزء من سلسلة مثقلة بالمخاطر، نتيجة لسياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة، التي لا تشذ عن سياقها إدارة بايدن التي تتوعد بالانتقام من المهاجمين بدل تقييم وجودها في المنطقة غير المفيد لها والمرفوض من قبل شعوبها.
تندفع إدارة بايدن إلى التخلي في الوقت الحالي عن أي أفكار كانت لديها حول سحب قواتها من المنطقة، خوفاً من إظهار الضعف وسط الانتقادات الحتمية من المعارضين السياسيين في الداخل الأميركي. مع أن المسار الأفضل هو تفسير الهجوم على أنه دليل آخر على أن وجود القوات الأميركية في سوريا والعراق يمثل نقطة ضعف لا داعي لها يجب إنهاؤها عاجلاً وليس آجلاً.
التبرير الرسمي الأميركي للوجود في كلا البلدين، يدعي أنه يمنع صعود جماعة “داعش”، مع أن الحقيقة غير ذلك وأكبر بكثير. فالولايات المتحدة تشعر بملكية خاصة في العراق تتوارثها منذ احتلالها لهذا البلد في العام 2003، كذلك تريد الولايات المتحدة أن تنافس إيران وتضاهيها في النفوذ والتأثير في الإقليم.
أما بالنسبة ل “داعش”، فعلى الرغم من أن المجموعة تحاول استعادة حضورها، إلا أنه ليست قريبة مما كانت عليه في عام 2014. وفي حال بدأ التنظيم الاقتراب من الخروج من ضموره مرة أخرى، فستكون هناك حاجة إلى أكثر بكثير من الوحدات الأميركية الصغيرة في سوريا والعراق لمواجهته. بالنسبة لأولئك الذين قد يجادلون بأن “داعش” قد عاد بالفعل إلى الظهور، فليست سوى أكاذيب تحاكي المصالح المشبوهة لأصحاب القول.
وفيما يتعلق بأي جماعة إرهابية، يجب ألا يكون الشاغل الرئيسي للولايات المتحدة هو كيفية تأثير الجماعة في بعض الصراعات المحلية، بل مخاطرها على المصالح الأميركية، سواء في الداخل أو في الخارج. وفي ذلك الصدد، فإن أهم حقيقة تم إثباتها مراراً وتكراراً مع جماعات إرهابية أخرى في أماكن أخرى، هي أن الغضب من الوجود العسكري الأجنبي في أي بلد عادة ما يشكل الدوافع الرئيسية للهجمات العسكرية.
لقد تم الإبقاء على “داعش” منخفضة القوة، بسبب المقاومة المحلية والمعارضة الشعبية في العراق وسوريا للأساليب الوحشية التي أظهرتها الجماعة في دولتها المزعومة. ويعود الفضل أيضاً بإضعاف “داعش” إلى جهود القوات العسكرية والأمنية في كلال البلدين المدعومة من إيران، ويعود ذلك جزئياً فقط إلى الجهود الأميركية والأجنبية الأخرى.
لقد كانت إيران ولا تزال من كبار أعداء داعش. ووقعت ضحية لهجمات “داعش” الوحشية للغاية داخل أراضيها، بما في ذلك التفجيرات في قلب العاصمة طهران في عام 2017، وفي وقت سابق من هذا الشهر، شنت المجموعة الإرهابية هجوماً في مدينة كرمان أسفر عن مقتل ما يقرب من 100 ضحية..
لقد كانت إيران لاعباً رئيسياً في إسقاط “دولة داعش”، وإن محاربة “داعش” هي مصلحة مشتركة لإيران والولايات المتحدة، كما يتضح من تبادل الولايات المتحدة للمعلومات مع طهران حول الهجوم الإرهابي الأخير في مدينة كرمان. وسيكون من مصلحة الولايات المتحدة أن تستمر إيران في القيام بالعبء الثقيل في كبح جماح “داعش” كما تفعل، مما يوفر على الولايات المتحدة خسائر على الأرجح كبيرة.
* المصدر: موقع الميادين نت
* المادة نقلت حرفيا من المصدر