بريطانيا تسقط في “أرض الذهب”
السياسية:
استهان قائد القوات البريطانية الاستعمارية بمنطقة بغرب إفريقيا، معروفة حاليا باسم غانا، بمقاتلي دولة “أشانتي”، واعتقد أنهم سيفرون ما أن تتناهى إليهم موسيقى نشيد “حفظ الرب الملك”.
التوسع الاستعماري البريطاني في القارة الإفريقية كان واجه في عام 1823 عقبات ووصلت محاولات الاستيلاء على “غولد كوست” في غانا الحالية إلى طريق مسدود، لتصدي ملكية تعرف باسم اتحاد “أشانتي” للبريطانيين والقبائل المحلية المتحالفة معهم. الإمبراطورية البريطانية العظمى قررت كسر شوكة من كانوا يوصفون بالمتوحشين والبدائيين وأكلة لحوم البشر.
دولة “اشانتي”:
اتحاد أشانتي كان تأسس بنهاية القرن 17، بانضمام العديد من قبائل “أكان” المقيمة في المناطق الجنوبية من دولة غانا الحالية في تحالف عسكري، فيما شنت قواته في القرن الثامن عشر حروبا متواصلة، وتوسع بالمنطقة، واكتسب محاربوه شهرتهم بأنهم مقاتلون لا يقهرون.
كانت هذه الدولة الاتحادية المحلية في غرب إفريقيا متأسسة على مراتب طبقية، وكانت سلطة الحاكم الأعلى مقيدة بشكل كبير من قبل النبلاء والتقاليد القبلية، إلا أن الكتاب البريطانيين في القرن 19 كانوا في الغالب يتحدثون عن دولة “أشانتي” على أنها إمبراطورية أو ملكية مطلقة بدائية.
عاصمة دولة “أشانتي” كانت “كوماسي”، وبلغ عدد سكانها 25000 بداية القرن 19، وقد عبر التجار والرحالة الأوروبيون الذين زاروها عن اعجابهم بالقصر الملكي الحجري المهيب، وبالمنازل الكبيرة المكونة من طابقين والمزينة بنقوش معقدة، والشوارع الرئيسة التي زرعت فيها الأشجار الظليلة خصيصا.
كان جيش دولة “أشانتي” يعد في تلك الحقبة الأكثر تنظيما في القارة الإفريقية، وكان يتألف من مفارز منفصلة تنتمي إلى سلطنات يصل عددها إلى 12، كان يرأس كل منها شخصية تنتمي إلى الطبقة النبيلة.
بحكم ميثاق شرف المحارب الذي كان سائدا، كان على قادة المفارز المقاتلة الانتحار في حالة تعرضهم التهديد بالوقوع في الأسر.
قوات “اشانتي” كانت منذ بداية القرن 19 مسلحة بالأقواس والرماح، وبعدد قليل من بنادق عتيقة طويلة من أصل أوروبي، كانت تسمى “البنادق الدنمركية”، لأنها اشتريت من هؤلاء في أول مرة.
أما اقتصاد دولة “أشانتي” فكان يرتكز على مناجم غنية للذهب، وقد أطلق الرحالة العرب في القرون الوسطى على منطقة غانا القديمة اسم “أرض الذهب”.
جيش دولة “أشانتي” قاتل بنجاح ضد قبائل “الفانتي” المتحالفة مع البريطانيين، ولم تتدخل القوات البريطانية.
الإمبراطورية البريطانية أدارت مستعمراتها في المنطقة بواسطة الشركة التجارية الأفريقية، وحاولت حماية مصالحها بالمحافظة على السلام مع “أشانتي”، إلا أن البرلمان البريطاني ألغى في عام 1821 هذه الشركة، ونقل جميع أصولها إلى الخزانة، وعهد بإدارة المستوطنات هناك إلى الحاكم البريطاني لسيراليون، وكان يدعى تشارلز مكارثي.
تفاصيل الهزيمة القاسية:
مكارثي قرر تغيير قواعد اللعبة في يناير عام 1824، وكسر شوكة هؤلاء المقاتلين المحليين البدائيين المسلحين بالنبال والرماح، واقترب بطلائع قواته من أراضي “أشانتي”.
كان الحاكم البريطاني قد استعد للحملة العسكرية بحشد 2500 جندي، إلا أنه تفاجأ مع مقدمة قواته بجيش لدولة “أشانتي” يتكون من 10000 مقاتل بقيادة قائد شهير يدعى “أمانكواتي الثاني”.
مع ذلك، كان مكارثي واثقا من قدرته مع رجاله على القضاء على المقاتلين الأفارقة بأسلحتهم البدائية، وأمر الفرقة الموسيقية بعزف نشيد “حفظ الرب الملك”.
رد مقاتلو “أشانتي” بقرع طبول الحرب والنفخ في الأبواق المصنوعة من أنياب الأفيال، والتحم الجيشان في قتال مباشر انتهى بنجاة 20 عسكريا فقط من القوة البريطانية وأسر أحد الضباط، فيما قتل الباقون، وكانوا 9 ضباط و178 عسكريا.
الحاكم البريطاني مكارثي، الذي استهان بقوة “أشانتي”، لم يجد في نهاية المطاف أي مخرج إلا الانتحار بإطلاق النار على نفسه.
* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر