من الطائرات المسيرة إلى السفن الحربية… أمريكا تحت ضربات محور المقاومة
السياسية:
منذ 7 ديسمبر 1941، عندما هاجمت القوات الجوية اليابانية “بيرل هاربر” الأمريكية منتصف الحرب العالمية الثانية، والتي كانت بداية سيطرة هذه الدولة على العالم، إلى يناير 2020، لم تقم أي دولة بمهاجمة أراضي أمريكا ومواقعها في العالم.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت إيران وفصائل المقاومة هذا العمل، لإظهار أن هذه القوة العظمى، التي ظلت لعدة تهيمن على الدول الضعيفة بسبب طموحاتها، قد ضعفت، وعظامها تنسحق تحت ضربات المقاومة.
إن تنفيذ ما يقارب 150 هجوماً على قواعد أمريكية في المنطقة من قبل مجموعات الحشد الشعبي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما هو إلا جزء من إجراءات محور المقاومة لمعاقبة حلفاء الكيان الصهيوني في المنطقة، الذين تلطخت أيديهم بدماء الآلاف من النساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء.
وفي هذا الإطار، تمكنت المقاومة الإسلامية في العراق، استمراراً لعملياتها، يوم الجمعة الماضي، من تدمير طائرة أمريكية دون طيار متطورة، وأعلنت المقاومة العراقية في بيان لها، “لمواجهة الاحتلال الأمريكي في المنطقة، ومساندةً لأهالي غزة، وتماشياً مع حماية السيادة العراقية، استهدفنا وأسقطنا، اليوم الخميس، طائرةً أمريكيةً دون طيار من طراز MQ9 في سماء محافظة ديالى بالسلاح المناسب، هذه الطائرة دون طيار، التي أقلعت من القاعدة الأمريكية في الكويت، تم إسقاطها بعد ساعتين فقط من إقلاعها”.
الطائرة دون طيار MQ9 هي طائرة دون طيار هجومية، قادرة على التحكم عن بعد أو عمليات الطيران المستقلة، وهي مصممة للمراقبة على ارتفاعات عالية على المدى الطويل، وقد تم استخدام هذه الطائرة دون طيار التي تبلغ قيمتها 15 مليون دولار، في عملية اغتيال اللواء قاسم سليماني ورفاقه في مطار بغداد.
ولذلك، فإن إسقاط هذا النوع من الطائرات دون طيار المتطورة من قبل المجموعات العراقية، يعتبر إنجازاً كبيراً سيكون فعالاً في تغيير قواعد اللعبة ضد العدو.
من جهة أخرى، وفي حدث مهم جداً مساء السبت، تعرضت قاعدة عين الأسد الأمريكية لهجوم صاروخي واسع النطاق من قبل المقاومة الإسلامية العراقية، والذي يعتبر أكبر هجوم على قواعد الاحتلال الأمريكي في المنطقة منذ بدء عملية طوفان الأقصى.
ولم ترد حتى الآن إحصائيات عن الخسائر البشرية والأضرار الناجمة عن هذا الهجوم الصاروخي الضخم، لكن من المؤكد أن وسائل الإعلام ستركز أكثر في الأيام المقبلة على أبعاد هذه الضربة القوية.
أنصار الله وبال على الأمريكيين
إلى جانب الجماعات العراقية، استهدفت قوات أنصار الله اليمنية أيضاً سفينةً أمريكيةً في البحر الأحمر الأسبوع الماضي، وهو ما أكده مسؤولون في البنتاغون، وقالوا إن هذه الهجمات نفذت بصواريخ كروز.
وفي أكتوبر، نشرت الولايات المتحدة حاملتي طائرات في المنطقة، انسحبت إحداهما ولكن تم استبدالها بسفن حربية أخرى، في محاولة لإرسال رسالة تحذير إلى إيران وحلفائها بشأن دعمهم العسكري لغزة.
لكن هذه التحركات العسكرية لم تمنع فصائل المقاومة من التوقف عن دعم أهل غزة، حيث استهدفت أنصار الله العشرات من السفن التجارية التابعة للكيان الصهيوني في مضيق باب المندب بعملياتها الصاروخية، ما كان له عواقب وخيمة على الاقتصاد الإسرائيلي.
وقد حذّر السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في أول خطاب له بعد بدء حرب غزة، المسؤولين في واشنطن من أن محور المقاومة لديه ما يكفي من الأدوات والقوة لاستهداف السفن الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي أثار قلق البيت الأبيض بشكل كبير.
وهذه المسألة أظهرت أنه حتى السفن الأمريكية التي دخلت المنطقة لإثارة الرعب بين فصائل المقاومة، ليست في مأمن من صواريخ المقاومة، ولا توجد منطقة آمنة لها للتنقل من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط.
والآن، أخذت فصائل المقاومة زمام المبادرة في مواجهة أمريكا، وهي تهاجم مصالح هذه الدولة في الخليج الفارسي والبحر الأحمر من البر والجو، وقالت مراراً وتكراراً إنها مستعدة لأي سيناريو من واشنطن والاحتلال الصهيوني.
ولذلك مع هجمات فصائل المقاومة المتواصلة على المواقع الأمريكية، أصبح واضحاً للجميع أنه ليس من المستحيل ضرب هذه الهيمنة الوهمية، وأن الردع العسكري لهذه القوة العسكرية العظمى، لم يعد كما كان من قبل.
لقد أصبحت أمريكا عاجزةً أمام هجمات الجماعات العراقية واليمنية، لدرجة أنها تحولت إلى تكتيكها الأخير وهو وضع أنصار الله على ما تسمى قائمة الإرهاب، حتى تتمكن من التخلص من عبء عمليات هذه الحركة.
إن المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة ليست بالمهمة السهلة، مع وجود قواعد عسكرية عديدة في المنطقة وأسطولها البحري الكبير، وقد نجحت قوى المقاومة، بالإضافة إلى الشجاعة والإيمان اللازمين لمواجهة هذا العدو الكبير، باستراتيجية عسكرية دقيقة إلى جانب معرفة نقاط الضعف والقوة لدى العدو ومستوى عالٍ من الاستعداد العسكري، في إيقاف الآلة العسكرية الأمريكية.
وهكذا أدركت جميع أطراف محور المقاومة أن أمريكا والكيان الصهيوني لا يفهمان إلا لغة القوة، وأن خيار المهادنة ولغة الدبلوماسية لن يجدي نفعاً مع قتلة النساء والأطفال، وهم يتحملون تقاعس الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى التي فشلت في وقف آلة القتل الإسرائيلية في غزة.
لقد شكلت الولايات المتحدة بدعاية كبيرة التحالف البحري المسمى “حراس الازدهار”، بمشاركة مجموعة من الدول الجزرية لحماية أمن السفن الصهيونية، لإزالة التهديدات الصاروخية لأنصار الله في البحر الأحمر، لكنها لم تنجح في هذا البرنامج أيضاً، بل على العكس من ذلك، جعلت اليمنيين أكثر إصراراً على مواصلة دعم الشعب الفلسطيني.
إن القوة العسكرية للمقاومة اليمنية، جعلت حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة يشككون في القوة العسكرية لأمريكا لضمان سلامة سفن هذه الدول، ولهذا السبب، فضلوا عدم الاشتباك مع أنصار الله، وبالتالي إبقاء تجارتهم البحرية بعيدةً عن المشاكل.
وحسب تقارير إعلامية، فإن موانئ الأراضي المحتلة التي كانت من أكثر الموانئ ازدحاماً في المنطقة قبل حرب غزة، أصبحت الآن شبه خالية من السفن بسبب العمليات الصاروخية لأنصار الله.
وقد أصدرت العديد من شركات الشحن تعليمات لطواقمها بسلوك الطريق الأكثر تكلفةً واستهلاكا للوقت عبر جنوب إفريقيا، بدلاً من عبور البحر الأحمر، ليكونوا آمنين، وكل هذه الإجراءات تحققت في ظل فصائل المقاومة، التي نزلت إلى الميدان بكل قوتها دعماً لأهل غزة.
وأكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، زعيم أنصار الله، في كلمته الخميس الماضي، أن الصراع المباشر مع أمريكا وبريطانيا، هو أمر يدعو للفخر، وستستمر هذه الصراعات حتى تتوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة.
إن وضع القوات الأمريكية في العراق وسوريا خطير للغاية، لأن فصائل المقاومة تصل إليها بسهولة، ولطالما اتهم الجمهوريون جو بايدن بعدم الرد بما يكفي لخلق ردع ضد هذه الجماعات، لكنهم غير مدركين أن بايدن وفريقه الأمني ليس لديهم خيار للتعامل مع إيران وجماعات محور المقاومة.
وقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً في تقرير لها، أن هناك خلافات قوية في الرأي بين مسؤولي البيت الأبيض حول كيفية التعامل مع أنصار الله، إلى حد أن بايدن متردد في مواصلة مهاجمة اليمن لتحقيق رغباته.
مقدمة لطرد أمريكا من غرب آسيا
المواجهة بين المقاومة وأمريكا بشأن حرب غزة، ليست إجراءً عابراً ومؤقتاً، ومستوى المواجهة ارتفع كثيراً، بحيث ستكون آثاره أكثر وضوحاً بالنسبة للأمريكيين في المستقبل.
والحوادث المستقبلية التي يُقتل فيها جنود أمريكيون أو تتعرض فيها مصالح هذا البلد في البحر الأحمر والخليج الفارسي لأضرار بالغة، ستترك في نهاية المطاف واشنطن بلا خيار سوى الانسحاب من الشرق الأوسط.
لأن إيران وفصائل المقاومة حققت مستوى من الردع أمام الولايات المتحدة، بحيث لن يسمحوا لهذا البلد ببدء حرب أخرى في المنطقة، والهجمات من العراق إلى اليمن هي مقدمة للطرد الكامل للغزاة الأمريكيين من الخليج الفارسي.
* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة نقلت حرفيا من المصدر