بقلم:  باسكال ايرولت

(صحيفة “لوبينون” الفرنسية– ترجمة: وائل حزام– سبأ)

تجمع إيران مع الحوثيين علاقات منذ بدء حرب صعدة عام 2004, صورة سيبا برس

يقول حسن ماجد، مؤسس مكتب الاستشارات المتخصص بشؤون الشرق الأوسط “D&S Consulting” ان النفوذ المتزايد للحوثيين الذين تربطهم علاقات مع  ايران اثار قلق المسؤولين السعوديين.

بعد مرور اكثر من اربع سنوات على تدخل التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، لا يزال المتمردين الحوثيين يسيطرون على مناطق واسعة غرب وشمال البلد، بما في ذلك العاصمة صنعاء, بينما يبقى جنوب اليمن تحت سيطرة القوات الموالية للحكومة والتحالف.

اين هي عملية السلام في اليمن؟

لقد دخل الصراع في اليمن في مرحلة مشوشة نسبياً بسبب القصف المتقطع والهجمات التي تستهدف الجماعات الجهادية تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية.

وعلى الرغم من التزام المتحاربين في اليمن، إلا ان تنفيذ اتفاقية ستوكهولم بطيئة, وقف اطلاق النار، تبادل الاسرى، الحوار السياسي ……, في حين  ان الانسحاب المعلن من قبل القوات الاماراتية من مواقعها في جنوب اليمن يعتبر بمثابة تطور رئيسي, وسيكون من الضروري مراقبة تطور اللعبة وتأثيرها المرتبط بهذه العملية.

وفي الوقت الراهن، فان الانسحاب الاماراتي جزئي, ولا يزال الضباط الامارتيين متواجدين على الارض، وما قاموا به هو نقل المناطق التي كانوا يحتلونها إلى قوات اجنبية غير تابعة للدولة وميليشيات قامت بتدريبها وتمويلها.

ومن جانبه، عارض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعضاء الكونجرس الأمريكي في منع بيع الصواريخ الموجهة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وقبل أن يكون رجلا سياسيا، فان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو رجل اعمال، ومعارضته لأعضاء الكونجرس بشأن مبيعات الصواريخ هو بدافع جزئي من البعد التجاري, كما ان الرئيس ترامب لا يريد ان يخسر هؤلاء العملاء لكي لا يذهبون إلى مكان اخر , حيث أن الرياض وابو ضبي يشتريان بالفعل طائرات بدون طيار من مجموعات صينية وذلك بسبب صلابة الانظمة الاميركية.

يولي دونالد ترامب، ايضا، اهمية للأمن الاقليمي, ولذلك فهو يعكف على دعم حلفائه الخليجيين لمواجهة تهديد ايران ووكلائهم، مثل المتمردين الحوثيين.

لماذا التحالف الذي تقوده الرياض وابو ظبي لم يتمكن من كسب الصراع ضد الحوثيين؟

في اليمن، من المستحيل كسب الصراع بشكل حاسم بسبب تشتت القوات, وبالنسبة للحوثيين فقد كانوا في طليعة المشهد السياسي في اليمن خلال حروب صعدة في الفترة ما بين 2004- 2010.

وهذا الامر سمح لهم بالانتقال من وضعهم مما يسمى بحركة الشباب المؤمن الزيدي في شمال البلد إلى حركة سياسية اوسع ومتجمعة من قبائل اخرى، وجميعها معادية للرئيس اليمني السابق علي عبدا لله صالح, يجب الاخذ في الاعتبار بان هذه هي الحقيقة اثناء تشكيل حكومة فترة ما بعد الحرب.

إن الازمة الحالية في اليمن لا يمكن اختصارها بأنها مواجهة بين الحوثيين والتحالف العسكري تحت قيادة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة أو أنها حرب بالوكالة بين ايران والسعودية.

وبدون شك، أن اجراء حوار اقليمي بين “ركيزتي الخليج” يمكن ان يقلل من حدة الصراع، لكن انهاء الصراع بشكل نهائي سيتطلب اجراء حوار داخلي متعمق ومراعاة جميع الاشكاليات، مثل استقلال المحافظات الجنوبية.

ما حقيقة الدعم الايراني للحوثيين؟

إن الايرانيون تربطهم علاقة مع الحوثيين منذ بدء حرب صعدة في العام 2004.

استولى المتمردين على جزء من ترسانة الصواريخ الباليستية الحكومية.

ومع ذلك، فقد اعطتها طهران القوة في الضرب من خلال دمج المكونات الايرانية على صواريخ ارض – جو،  طراز S-75 ( او طراز SA-2) لإنشاء عائلة صواريخ ارض – جو من نوع القاهر.

وفي الفترة بين عامي 2015 و 2017، تم استخدام هذه الأنظمة الجديدة 60 مرة لضرب اهداف تقع على بعد اكثر من 300 كيلو متر داخل الاراضي السعودية, كما قام الحوثيين بتطوير جديد لصواريخ سكود تحت تصنيف بركان -1 و بركان 2-H، واستخدمت هذه الصواريخ لضرب قاعدة الملك فهد الجوية، الواقعة على بعد 525 كيلو متر من الحدود اليمنية.

لذلك، فان استخدام صواريخ القاهر وبركان في ترسانة الحوثيين تتطلب مساعدة اجنبية، وبشكل اكثر تحديدا مساعدة ايرانية.

يعرف الحوثيون، ايضا، كيفية استخدام الطائرات بدون طيار من طراز قاصف Qasef-1، وتجهيزها بشحنات متفجرة، وقد تم نشرها لاستهداف انظمة باتريوث تابعة لقوات التحالف وكذلك مواقع سعودية استراتيجية ومواقع اماراتية، مثل مصافي ارامكو في محافظة جيزان، ومطار ابو ظبي الدولي, وبالنسبة للطائرات بدون طيار من طراز قاصف -1, تتشارك في العديد من الميزات مع عائلة طائرات من نوع ابابيل -11، المصنعة من قبل شركة صناعة الطائرات الايرانية (HESA).

لا يبدوا أن لدى الرياض وابو ظبي نفس المصالح, فهل هذين البلدين لا يتفقان، في نهاية المطاف، بشأن ما يجب القيام به ؟

لم تتدخل الرياض وابو ظبي لنفس الاسباب، ولا يمتلكون نفس المصالح في اليمن, وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، تمثل اليمن اتصال جغرافي و امتداد لسيادتها.

وهذا جزء من نمط مشابه لما هو في اوكرانيا بالنسبة لروسيا, وهذا ما يبرهنه الموقع الجغرافي لجارتها  التي تعد نقطة عبور لحوالي 8 % من حركة  مرور النفط البحرية في العالم، و 15 % من حجم الصادرات اليومية للنفط السعودي، وخزانها “الذي لا ينفذ”، فحدودها مشتركة مع اليمن , حيث تقدر بما يقرب من 2000 كيلو متر وصعب السيطرة عليها.

ادى النفوذ المتزايد للحوثيين، الذين تربطهم علاقة مع ايران منذ العام 2004، إلى اقلاق المسؤولين السعوديين بعد معرفة تحالف نظام صنعاء مع طهران.

لقد كانت اليمن جزءا لا يتجزأ من سياسة التأثير الاقليمي لدولة الامارات العربية المتحدة منذ احداث الربيع العربي, وهذا التأثير تأسس على مقاربة ذات اتجاهين تجمع بين الدخل العسكري، والانتشار من اليمن وحتى ليبيا ومن ثم التوسع الاقتصادي، خاصة عبر شركة موانئ دبي العالمية.

إن هذا الاختلاف في التقارب ينعكس في العمليات العسكرية, فالسعوديون يركزون على تهديد الحوثي من خلال شن الغارات الجوية وتقديم الدعم اللوجستي والمالي للقوات المستقرة على طول حدودها في المحافظات المجاورة لها, بينما تركز دولة الامارات العربية المتحدة على تدخلها العسكري في جنوب البلد، حيث استقرت عسكريا في جزيرة بريم البركانية في البحر الاحمر وحتى  كثبان رماح على الحدود العمانية مرورا بجزيرة سقطرى.

لدى الامارات، ايضا، ميليشياتها الخاصة بها مثل قوات “العمالقة” وقوات “الحزام الامني” و”قوات النخبة”, وهؤلاء ليس لديهم أي وضع رسمي في الهيكل الاداري اليمني بما في ذلك الرئيس المخلوع.

حزب التجمع اليمني للإصلاح، هو نقطة خلاف اخرى بين الحلفاء, فهذا الحزب المكون من عناصر قبلية واسلامية، و خاصة من الاخوان المسلمين، يستفيد من الدعم السعودي.

وبالنسبة للسعوديين، يجب ان يكون حزب الاصلاح جزءا من نظام الحكم الجديد في اليمن, ومع ذلك، ترى الامارات العربية المتحدة ان التشدد الاسلامي يمثل تهديد وجودي، ولذلك فهم لا يدعمونه.