“ستالينغراد” في أدغال إفريقيا!
السياسية:
بدأت كوبا في سحب قواتها من أنغولا في 10 يناير عام 1989، بعد أن صدت غزوا قامت به قوات تابعة لجنوب إفريقيا العنصرية حينها وقوات مرتزقة تدعمهم الاستخبارات المركزية الأمريكية.
اللافت أن الكوبيين أطلقوا على معركة “كويتو كوانافال” الحاسمة التي دارت عامي 1987-1988 اسم “ستالينغراد الأنغولية”، وتمكنت القوات الحكومية الأنغولية بقيادة أغوستينيو نيتو المدعومة بمستشارين وبقوات كوبية من هزيمة قوات غازية من جنوب إفريقيا كانت تساند قوات حركة “يونيتا” المتمردة، إضافة إلى مرتزقة بريطانيين وأمريكيين كانت جندتهم الاستخبارات المركزية الأمريكية في إطار الاستراتيجية الأمريكية في مكافحة المد الشيوعي في ذلك الوقت.
معركة “ستالينغراد الأنغولية” أدت إلى انسحاب قوات جنوب إفريقيا وتحرير ناميبيا، وأسهمت أيضا في وصول المؤتمر الوطني الإفريقي إلى السلطة في جنوب إفريقيا وإنهاء نظام الفصل العنصري، هناك حتى أن الزعيم الوطني الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا كان أقر بأن معركة “كويتو كوانافال”، كانت نقطة تحول في النضال من أجل الحرية للسكان السود في بلاده.
الأمر ذاته تحدث عنه فيدل كاسترو بتأكيده أن “نهاية الفصل العنصري جرت في كويتو كوانافال وفي جنوب شرق أنغولا، بمشاركة أكثر من 40 ألف مقاتل كوبي جنبا إلى جنب مع الجنود الأنغوليين والناميبيين على هذه الجبهة”.
النظام الثوري في كوبا بزعامة فيديل كاسترو كانت يقيم الصلات منذ الستينيات مع حركات التحرر الوطني في عدة دول إفريقيا ويقدم لها الدعم إضافة على الاتحاد السوفيتي، وبدأت كوبا منذ صيف عام 1975 في إرسال المدربين العسكريين إلى أنغولا، المستعمرة البرتغالية السابقة حتى قبل إعلان استقلالها.
في سرية تامة وبطلب من الفصيل الرئيس المقاتل من أجل تحرير أنغولا والمتمثل في الحركة الشعبية لتحرير أنغولا، بقيادة أغوستينيو نيتو، أرسلت كوبا على عجل إلى أنغولا 480 عسكريا من المتطوعين من جنود الاحتياط، كلفوا بإقامة مراكز تدريب عسكرية وتكوين 16 كتيبة مشاة و25 مجموعة لمدفعية الهاون ومضادات الطيران، إضافة إلى فريق طبي و115 شاحنة ومعدات اتصالات، وجرى في وقت لاحق دعم القوات الكوبية بسرب من مقاتلات “ميغ – 17”.
الولايات المتحدة لم تتمكن من معرفة الحجم الحقيقي للوجود العسكري الكوبي في أنغولا، وكانت واشنطن تحدثت في نهاية نوفمبر عام 1975 عن انتشار 15000 جندي كوبي هناك، في حين أن وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت هنري كيسنجر كان أبلغ في ديسمبر عام 1975 رئيس فنزويلا حينها كارلوس أندريس بيريز بأن كوبا أرسلت إلى أنغولا 12000 جندي، فيما كان عدد القوات والمدربين الكوبيين والمختصين المدنيين في تلك الفترة أكبر من ذلك بكثير.
القوات الكوبية شاركت بدور يوصف بالحاسم في معركة رواندا وصولا إلى إعلان جمهورية أنغولا الشعبية المستقلة في 11 نوفمبر 1975، ووصول الحركة الشعبية لتحرير أنغولا إلى السلطة.
العملية العسكرية الكوبية في أنغولا أطلق عليها الاسم الرمزي “كارلوتا”، وبلغ في بداية عام 1976 عدد الجنود الكوبيين الذين أرسلوا إلى هناك 36000، فيما شارك بشكل عام في الحرب الأهلية في أنغولا أكثر من 300000 جندي كوبي.
الزعيم الكوبي فيدل كاسترو قال في مارس عام 1976 مخاطبا شعب بلاده: “نحن الكوبيين ساعدنا إخواننا الأنغوليين في المقام الأول لأننا انطلقنا من المبادئ الثورية، لأننا أمميون. ثانيا، لقد فعلنا ذلك لأن شعبنا من أمريكا اللاتينية وأفريقيا اللاتينية فقد تم جلب الملايين من الأفارقة إلى كوبا من قبل المستعمرين كعبيد. جزء من الدم الكوبي هو دم أفريقي”.
انتهت معركة كوبا في إفريقيا بنجاح تام، وزال الخطر عن أنغولا وتحررت ناميبيا وزال نظام الفصل العنصري من جنوب إفريقيا، وقدم الكوبيون تضحيات بشرية ومادية كبيرة على الرغم من إمكانيات بلادهم الاقتصادية الشحيحة.
هذا الأمر عبّر عنه أغوستينيو نيتو، أول رئيس لأنغولا بعد الاستقلال، حين أطل من شرفته على خليج رواندا ورأى عددا كبيرا من السفن الكوبية الراسية هناك. أغوستينيو نيتو التفت إلى مساعد له وقال في نبرة متألمة: “هذا ليس عدلا.. إذا استمر هذا الحال فإن كوبا ستفلس”!
* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر