بقلم: هيلين ديفيدسون وكريستوفر كناوس

 

(صحيفة “الجارديان” البريطانية، ترجمة : نجاة نور – سبأ)

في نفس الأسبوع الذي أعلنت فيه المحاكم البريطانية أن صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية غير قانونية، غادرت شحنة كبيرة من أنظمة الأسلحة عن بعد التي صنعت في أستراليا مطار سيدني.

تؤكد الصور السرية، التي حصلت عليها – الجارديان- هوية المستوردين لها وهي حكومتي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان تشن قواتهم حرب مدمرة في اليمن.

تم تحديد موردي هذه المعدات والتي تفتخر الشركة المصنعة بأنها “فتاكة” في القتال, كما تم تحديد بطاقات الهوية على المنصات المخصصة في يونيو لوزارة الداخلية السعودية، وتحديداً الإدارة العامة للأسلحة والمتفجرات، والبائع على أنها شركة (آليانس سيستمز أوبريشنز )، وهي شركة مقرها الولايات المتحدة, تبيع المعدات التي تصنعها الشركة الأسترالية,  نظم البصريات الكهربائية ” اي او اس”.

قامت “اي او اس” بتوفير أنظمة الأسلحة التي يتم شحنها إلى القيادة اللوجستية المشتركة للقوات المسلحة الإماراتية من مطار سيدني الدولي.

تسمح محطة الأسلحة عن بعد ( ار ٤٠٠ أس ) بتركيب مدافع صغيرة أو بنادق أو قاذفات صواريخ على مركبات عسكرية خفيفة, كما تسمح بالتحكم بها عن بعد.

منذ مده طويلة كان هنالك قلق متصاعد بشأن صادرات الاسلحة إلى التحالف الذي يقود حربا في اليمن بقيادة السعودية.

تسببت هذه الحرب التي بدأت في عام 2015, في نزوح أكثر من 3 ملايين شخص، وأدت إلى انتشار المجاعة والأمراض القاتلة، وتُصنف حالياً كأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وُجهت اتهامات للسعودية وحلفاؤها بارتكابهم جرائم حرب محتملة وبفظائع متعددة بما في ذلك حملات القصف العشوائي ضد المدنيين.

في يونيو الماضي قُدر عدد الأشخاص الذين قتلوا في النزاع بحوالي 100.000 شخص – بمن فيهم حوالي 11.700 قتيل في 4.500 حادث استهداف المدنيين بشكل مباشر.

في مقابلة مع مجلة استعراض تكنولوجيا الدفاع في عام 2018، قال “بين غرين” الرئيس التنفيذي لشركة (اي او اس ) إن تقنية الـ (آر دبليو اس)  كانت بمثابتة “تغيير لقواعد اللعبة” التي “توازي وتتغلب على التهديدات الحالية”.

تتيح هذه التقنية المبتكرة لأول مرة نشر أنظمة دفاع – 30 ملم – بدقة غير مسبوقة على المركبات الخفيفة، مما سيعزز بشكل كبير من القوة الفتاكة في القتال والحماية مع سهولة التنقل وبتكلفة أقل.

كشفت قناة ( اي بي سي ) وهي خدمة اخبارية تتبع هيئة الاذاعة الاسترالية العام الماضي عن صفقة ( اي او اس ) المربحة لشحن الأسلحة إلى الخارج, في حين ولم تؤكد الشركة هوية المشتري، لكنها قالت إنه لم يتم استخدام أي من منتجاتها في اليمن.

الآن وبعد أن أصبحت علاقة الـ ( اي او اس ) بالصراع اليمني علنية، فإن هيئة التقاعد في أستراليا قد انفصلت عن الشركة والتي بدأت عمليات البيع في أوائل شهر مارس وانتهت الشهر الماضي.

وفي خطاب موجه إلى النائب “ديفيد شويبريدج” عضو المجلس التشريعي في نيو ساوث ويلز، قال رئيس شركة (اي اف ام ) للمستثمرين وشركة صناعه سوبر استراليا جريج كومبيت، إن المنظمة لن تعلق على الشركات الفردية ولكنها لاحظت “توقف” الاستثمار.

وقال كومبيت في الخطاب: “تستثمر الـ  (اي اف ام ) في مجموعة من فئات الأصول والقطاعات الصناعية وتدرك أن استثماراتنا قد تتعرض لمجموعة من عوامل المخاطر البيئية والاجتماعية والسياسية”, وأضاف إن صناعة انظمة الدفاع في أستراليا والولايات المتحدة كانت “صارمة للغاية”، وكانت هذه الصناعة جزءاً مهماً من الاقتصاد الأسترالي.

وفي الشهر الماضي، وجدت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة أن الحكومة البريطانية فشلت في إجراء تقييم صحيح لخطر سوء الاستخدام، دون إجراء أي تقييم لأي نمط سابق في الانتهاكات من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، عند الموافقة على الصادرات لها.

فيما تدافع أستراليا عن صادراتها بطريقة مماثلة، يتم تقييم كل طلب ترخيص للتحقق من مخاطر الاستخدام النهائي قد يؤدي لخرق حقوق الإنسان وغيرها من الالتزامات الدولية.

منذ عدة أشهر في وقت سابق من هذا العام، كان الكونغرس الأمريكي قد اقر على حظر مبيعات الأسلحة العسكرية إلى السعودية والإمارات، وتحديداً بسبب المخاوف من تكرار الإصابات في صفوف المدنيين في اليمن, وفي شهر مايو، تحدى الرئيس الامريكي دونال ترامب رئيس المجموعة لإعادة سريان المبيعات اليهما.

قال زعيم حزب الخضر الأسترالي، ريتشارد دي ناتالي، بينما كانت الدول الأخرى تقوم بحظر بيع الأسلحة إلى السعودية “تواصل أستراليا الاستفادة من الحرب بين البلدين، بينما تظل متجاهلة الغرض أو المكان الذي ينتهي به استخدام أسلحتنا.

“لقد حان الوقت لإنهاء تجارة الأسلحة لدينا مع منتهكي حقوق الإنسان، وتمزيق خطط الحكومة القذره لجعل أستراليا تاجرة سلاح عالمي”

في فبراير الماضي، أبلغ توم هاملتون، النائب القائم بأعمال نائب وزير السياسة والإستراتيجية بوزارة الدفاع، مراراً وتكراراً تقديرات مجلس الشيوخ بأن جلسة ترخيص التصدير لن تتم الموافقة عليها إذا كانت الأسلحة سوف يتم إستخدامها في اليمن, وقال “إذا شككنا أنهم [يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان]، فلن نوافق على التصريح.

ومع ذلك، أقرت الحكومة الأسترالية بأنها لا تتابع أي ضمانات بمجرد مغادرة المنتج لبلدها، حيث تتم إدارة صادرات الأسلحة من أستراليا بواسطة فرع مراقبة الصادرات الدفاعية التابع لوزارة الدفاع.

لقد فوض مسئولو الدفاع الأستراليون السلطة على الموافقة على الصادرات من قبل الشركات الأسترالية المصنعة، لكن الوزير وحده هو فقط الذي يستطيع رفضها.

وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع أن الصادرات تخضع لعملية تقييم صارمة للمخاطر وتدرس التزامات أستراليا الدولية والسياسة الخارجية وحقوق الإنسان والأمن القومي والأمن الإقليمي.

كما أشارت وزارة الدفاع إنها تشاورت على نطاق واسع بشأن صادرات الأسلحة ونظرت بعناية فيما إذا كان هناك خطر “انحراف أو سوء استخدام”, و”كجزء من هذه العملية، تُقيم وزارة الدفاع طلبات التصدير لتحديد ما إذا كان التصدير سيضر بالأمن أو الدفاع أو العلاقات الدولية لأستراليا”.

 

يشمل هذا التقييم النظر فيما إذا كان هناك خطر كبير يتمثل في إمكانية استخدام العناصر التي يتم تصديرها لارتكاب أو تسهيل انتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي.

كجزء من هذه الاعتبارات، يمكن أن تشترط وزارة الدفاع أن يقوم المستخدم النهائي بالتعهد بعدم نقل أو استخدام الاسلحة و / أو التكنولوجيا لأغراض أخرى غير الغرض المعلن الأصلي دون موافقة من وزارة الدفاع.

أوضحت وزارة الدفاع إنها يمكن أن تلغي التصاريح أو التعامل مع الحكومة التي يتم التصدير إليها إذا تم تحويل الأسلحة عن الغرض المقصود منها.

تم تعديل المستندات الخاصة بحرية المعلومات التي صدرت العام الماضي على نطاق واسع ولكنها كشفت عن مناقشات داخلية مطولة حول طلب الشركة لتصدير أنظمة الأسلحة عن بعد، وأوصى الدفاع بالموافقة لأنه “من غير المحتمل استخدامها في انتهاك لقانون حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي.

يتم تقييم الطلبات وفقاً لخمسة معايير: الالتزامات الدولية وحقوق الإنسان والأمن القومي والأمن الإقليمي والسياسة الخارجية.

لغة المعايير ليست واضحة، لكن ثلاثة من المعايير تدعو المقيِّمين إلى التفكير ملياً في ما إذا كان السلاح “القوة” ستُستخدم بطريقة تنتهك الالتزامات المتفقة عليها فقط,” حقوق الإنسان ومعايير السياسة الخارجية التي تستدعي تحديد المخاطر بشكل اوضح.

قال الإتلاف الأسترالي لمحاربة استخدام الأسلحة والذي تم تشكيله حديثاً، وهي مجموعة من مجموعات المجتمع المدني، إن الصور أثارت “مجموعة كبيرة من الأسئلة” حول ما تم القيام به بتلك الأسلحة الأسترالية، وما هي الضوابط والالتزامات الموجودة لمنع استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان.

قالت كيلي ترانت ، محامية الإتلاف، إن عدم وجود ضمانات بعدم استخدام الأسلحة في انتهاكات القانون الإنساني أمر “غير مقبول”, كما “يجب على الأستراليين معرفة إلى منُ ترسل حكومتهم الأسلحة وكيف يتم استخدامها وينبغي أن يكون لديهم ضمانات ملموسة بعدم استخدام تلك الأسلحة في ارتكاب انتهاكات القانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان أو تسهيلها لاستخدامه, حيث أن قرار المحكمة البريطانية بوقف تصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية أثار لدينا “احتمال” أن أستراليا أيضاً لم تقم بالعناية الواجبة والمناسبة فيما يتعلق بالمكان الذي سينتهي به استخدام أسلحتها.

قال السيد رافالوفيتشجو, رئيس هذا الإتلاف وناشط في منظمة إنقاذ الطفولة إن أستراليا لم تعد قادرة على غض الطرف عن الدور الذي تلعبه الأسلحة الأجنبية في حرب اليمن, حيث أشار إلى أنهم لا يستطيعون  تصور أن صادرات الاسلحة الأسترالية تساعد في تفاقم الانتهاكات في حرب اليمن، والتي خلفت أكثر من 22 مليون شخص في حاجة إلى ملحه إلى المساعدة الإنسانية الضرورية، بينما لقي حوالي 85.000 طفل مصرعهم جراء العديد من الافات التي خيمت على البلد جراء احتدام الحرب بما في ذلك الجوع.