ناقلة النفط اليمنية يمكن أن تتسبب في أسوأ تسرب للنفط في التاريخ
بقلم : أليس تيدي
(موقع قناة “يورونيوز –euronews” الفرنسية, ترجمة : أسماء بجاش – سبأ)
على بُعد بضعة كيلومترات من ساحل اليمن, تعاني ناقلة النفط اليمنية التي تم التخلي عنها من تدهور كبير جراء عدم ممارسة اعمال الصيانة, لدرجة أنها قد تسبب في أسوأ تسرب للنفط, كذاك الذي حدث في العام 1989, والذي عرف بتسرب نفط إكسون فالديز, حيث دمر تسرب النفط الشاطئ المحيط بمضيق الأمير ويليام، مما أدى إلى تقليص عدد الكائنات البحرية, وبناء على ذلك، واجهت الصناعات السمكية في هذه المنطقة انخفاضاً حاداً في صيد الأسماك والإيرادات, ومن جانبها دقت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ناقوس الخطر, منذرة بوقوع أسوأ تسرب للنفط.
تهدد ناقلة النفط الراسية بالقرب من الساحل اليمني التي تحتوي على كميات من النفط الذي مر على وجوده فيها وقت طويل, بالتسبب في كارثة بيئية ضخمة في البحر الأحمر, وذلك وفقاً للخبراء الذين يصفونها بأنها “قنبلة عائمة”.
ترسو السفينة المملوكة لأكبر شركة نفط مملوكة للحكومة اليمنية على بعد سبعة كيلومترات من ميناء رأس عيسى الواقع في الشمال الغرب للبلد منذ عقود من الزمن, حيث تستخدم هذه المحطة العائمة لتنفيذ عمليات التفريغ والتخزين.
أشارت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، أنه لم يتم عمل أي عمليات صيانة منذ بدء الحرب الاهلية التي اندلعت في العام 2015 بين المتمردين الحوثيين المدعومون من ايران والحكومة اليمنية التي تتلقى الدعم من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
قال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، إن المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على المنطقة رفضوا منح حق الوصول للفرق المختصة من أجل تقييم الحالة العامة للسفينة.
“أود أن أوضح فقط أن هذا أمر محبط للغاية, لأنه يمكن التذكير بأن هذه السلطات نفسها هي من كتبت إلى الأمم المتحدة بداية العام الماضي تطلب المساعدة فيما يتعلق بعمليات صيانة هذه الناقلة, حيث قالت أنها ستقدم كافة التسهيلات لجعل مهمتنا أسهل”.
غاز خامل
من المرجح أن تنفجر صهاريج بعد أن توقفت الغلايات عن إنتاج الغاز الخامل, فهذا النوع من الغاز لا يتم شحنه بما فيه الكفاية مع الأكسجين، وبالتالي يتم خنق الاحتراق لملء الفراغ الموجود فوق الزيت في صهاريج التخزين, وذلك وفقاً لمنظمة مرصد الصراع والبيئة (CEOBS).
هذا الانفجار أو التسرب, يمكن أن يؤدي إلى خروج الشحنة المقدرة بنحو 1.1 مليون برميل من النفط إلى البحر الأحمر.
كما حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الشهر الماضي من أنه استناداً إلى الوقت من العام والتيارات البحرية, هي من ستحدد مدى انتشار النفط في منطقة مضيق باب المندب الذي يقع جنوب ميناء رأس عيسى ويفصل اليمن عن جيبوتي, وإلى قناة السويس الواقعة شمال ناقلة النفط, ومن المحتمل أن يصل إلى مضيق هرمز بين الإمارات العربية المتحدة وإيران, مضيفاً “يمكنك أن تتخيل مدى تأثير هذه الكارثة على البيئة والممرات الملاحية والاقتصاد العالمي”.
البيئة والاقتصاد
في شريط فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، اشارت الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في اليمن, أن الكارثة البيئية التي يمكن أن تحدث ستكون أكبر بأربع مرات من تسرب النفط “إكسون فالديز”, حيث بلغت الكمية المسربة 260 ألف برميل من النفط إلى مياه ألاسكا, حيث أعتبر في ذلك الوقت أسوأ كارثة بيئية من صنع الإنسان في التاريخ.
هذه الكارثة ستكون بالنسبة للبيئة البحرية دراماتيكية، وأيضاً للمجتمعات التي تعتمد على مصائد الأسماك في الدول المطلة على البحر الأحمر بما في ذلك مصر وإريتريا وإسرائيل والسعودية والسودان واليمن.
أوضح دوج وير من منظمة مرصد الصراع والبيئة في مايو المنصرم أنه في حين أن “إكسون فالديز” قد ألقيت نفطها في المياه الباردة قبالة ألاسكا حيث كان تحليلها أبطأ بكثير من مياه البحر الأحمر التي تعتبر الأكثر دفئاً، إلا أن ميناء رأس عيسى يقع على مقربة من إحدى المحميات البحرية النادرة في اليمن قبالة جزيرة كمران التي تغطي فيها غابات المانجروف أو ما يعرف بأشجار القرم الساحلي مساحات واسعة من الشمال والشمال الشرقي للجزيرة, بالإضافة إلى الشعاب المرجانية.
كما اشار ايضاً إلى أن تسرب كميات هائل من النفط سيتجاوز بصورة حتمية قدرة اليمن على الاستجابة في حالة حدوث تلوث على أراضيها وسيصبح الوضع أكثر تعقيد في الإدارة بسبب وضع السلامة البحرية في البحر الأحمر.
قد يلقي هذا الامر بظلاله ايضاً على الاقتصاد العالمي, حيث قدرت دراسة أجرتها مؤسسة الأبحاث الإيطالية “SRM” أن 9٪ من شحنات النفط العالمية مرت عبر قناة السويس في العام 2018.
كما أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه في العام 2017, مر ما يقرب من 4.8 مليون برميل من النفط المكرر من إجمالي شحنات النفط التي تقدر 59 مليون في العالم بصورة يومية عبر مضيق باب المندب, وفي نفس العام مر ما يقرب من ثلث المنتجات البترولية مضيق هرمز.
لا يزال الخلاف محتدماً بين جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي في اليمن, فيما يخص احقية استعادة شحنة النفط الخام التي لا تزال في السفينة والتي بلغت قيمتها أكثر من 60 مليون دولار, أي ما يعادل 53.8 مليون يورو.