(موقع “- rtbfراديو وتلفزيون بلجيكا “آر تي بي إف” الناطق بالفرنسية, ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)

لا تزال الحرب في اليمن مستمرة في سرد فصولها منذ ما يقرب من الخمس سنوات، إذ تفتقر هذه الأزمة لكافة الحلول الممكنه على المدى القريب.

قَتل البؤس والمجاعة في اليمن أكثر من أولئك الضحايا الذين سقطوا جراء احتدام العمليات القتالية, حيث يحتاج اليوم 80٪ من أجمالي عدد السكان إلى مساعدات الغذائية لعاجلة.

ولتسليط الضوء حول هذه القضية, أخذت المصورة الفوتوغرافية “فيرونيك دي فيجيري” تغطية هذا الصراع المشتعل في هذا الجزء من العالم.

إن الحقيقة التي رأتها في اليمن, ترقى إلى مستوى كلمات الأمم المتحدة عندما تتحدث عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ففي المناطق الشمالية من اليمن، عملت قوات التحالف العربي المنضوية تحت راية المملكة العربية السعودية على فرض حصاراً كامل على السكان المدنيين, بالإضافة إلى ذلك تم إمطار البلد بوابل من الغارات الجوية, ناهيك عن بسط التمرد الحوثي لنظام الحكم الاستبدادي السلطوي.

يفتقر السكان المدنيون في هذه المناطق إلى أدنى مقومات الحياة, فالبرغم من كون  رفوف المتاجر تعج بكافة أنواع المواد الغذائية, إلا أن الطعام اصبح في الواقع من رفاهية الحياة, لا يستطيع معظم اليمنيين تحمل نفقاتها,  وذلك بعد أن انقطعت عمليات دفع رواتب موظفين الخدمة المدنية منذ سنوات, وفي المقابل, انقطع العديد من موظفي القطاع الصحي والتعليمي عن مزاولة مهامهم, كما أمتد هذا الوضع إلى أن طال القطاع الامني.

إن الأشياء اليومية التي تبدو طبيعية بالنسبة لنا هي في الغالب أشياء لا يمكن توفيرها للشعب اليمني.

حرب معقدة للغاية مع العديد من الجهات المعنية الفاعلة:

هذا هو الوضع المخيم على الحياة في اليمن بشكل اساسي, ولكن ما هي التفسيرات لهذا الصراع الذي طال أمده؟

يتعارض في هذه الحرب، المعسكر الحوثيون من ناحية مع معسكر القوات الحكومية المدعومة من قبل دول التحالف العسكري العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من ناحية أخرى.

أشار المختص في شأن منطقة الشرق “سيباستيان بوسويس”, إلى أن الحوثيون يعتبرون المقاومة الفعلية رقم واحد في اليمن, فبعد أن تمكنوا من بسط سيطرتهم على السلطة المركزية في العاصمة صنعاء, اصبح الهدف التالي لهم حدود ما بعد صنعاء لاستكمال العملية الثورية العنيفة التي بدؤها, بيد أن سير العمليات اخذ معطفاً مغير في وقت لاحق  بعد اعلان المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة بدء عمليات التدخل العسكري, فقد كان الخيار العسكري بديل للخيار السلمي.

إن الهدف الحقيقي الذي يكمن وراء هذه الحرب،  هو أن الرياض لا يرق له  خسارة الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به في منطقة شبه الجزيرة العربية وفي مضيق هرمز وما وراءه.

نحن في وضع اصبح اليمن فيه الآن هدف تسعى طهران إلى بسط سيطرتها عليه, واليوم نحن في هذه المواجهة  التي تتوافق مع الواقع.

اعلنت دولة الامارات العربية المتحدة خفض عدد قواتها المتمركزة في اليمن, إلا أن هذا الموقف يصعب فهمه.

ففي أبريل المنصرم، رفع الإماراتيون القبعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد استخدامه لحق النفض “الفيتو” الاستراتيجي, الذي حد من آمال الكونجرس في إيقاف الدعم  الذي توليه الإدارة الأمريكية لدول التحالف العربي, حيث صوت الكونجرس الامريكي على وقف الدعم الذي توليه الولايات المتحدة الأمريكية لدول التحالف العربي بقيادة الرياض, وبعد ثلاثة أشهر على ذلك، أعلن الجانب الإماراتي  فك الارتباط!

اعتقد ان الادارة الامريكية لا ترغب في رفع معدل التوتر ضد إيران،  كما تمكنت الإمارات والسعودية من إدارة جزء من رهانهما الذي يحتوي إيران شيئاً فشيئاً, حيث أنهم يعتمدون اليوم على الضغوطات العالمية التي تمارس في ظل  اللامبالاة التي ينتهجها الغرب والمجتمع الدولي بشأن إيران, الذي يخاطر في أي لحظة بإثارة كارثة إقليمية.

لا سبيل للخروج من هذا الصراع في المدى القريب:

في ظل هذا الوضع المعقد للغاية، ما هو السبيل الأمثل للخروج من هذه الأزمة؟

يرى المختص “سيباستيان بوسويس” أنه لا يوجد مخرج فوري من مستنقع الحرب اليمنية، باستثناء إيقاف الغارات الجوية وعمليات التدخل العسكري إلى ما بعد انسحاب القوات الإماراتية من اليمن.

سلطت المنظمات الحكومية الضوء على وجود سجون سرية تمارس فيها أشد أنواع التعذيب في اليمن.

نحن بحاجة اليوم إلى إعادة جميع أطراف الصراع اليمني إلى طاولة المفاوضات, إذ ليس لدينا أي خيار سوى إيجاد حل سياسي كما فعلنا مع العراق، ونحن نحاول أن نفعل ذات الشيء مع اليمن.

من المؤكد أن الحل لن يكون عسكرياً، لكن من الواضح أنه في عالمنا اليوم، لا يعمل أحدهما على المدى القصير, إنه وضع إشكالي بشكل كامل، لأن ما حاولنا فعله في ليبيا لا يعمل في الوقت الحالي, حيث أن الحل السياسي لم يصمد في مواجهة الحل العسكري الذي ينتهجه خليفة حفتر الذي يتلقى الدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.

أنا أؤمن بأن الرغبة الأساسية لهذه البلدان تكمن في استعادة القوى الاستبدادية, حيث أن الاستبداد والسلطوية العسكرية هي للأسف وسيلة للخروج من الأزمة في هذه المنطقة.

وعلى أي حال، من الواضح أن أمامنا سنوات نظراً لما يحدث, حيث أن الحاصل في اليمن لا يختلف عن ما حدث في العراق, مع ملايين من ضحايا, والأطفال الذين لا يزال أمامهم سنوات كي يستيقظوا من أهوال الصدمة النفسية التي عاشوها في ظل هذا الوضع المأساوي.