بقلم: فريا إنديا آغر

( موقع ذا سبيكر البريطاني – ترجمة خالد النظاري – سبأ)

لقد قتل حوالي 6.782 شخص وجُرح 10.768 آخرين و50 ألف مدني يعانون من الجوع بسبب الحرب منذ عام 2015. إن اليمن الممزق إلى قسمين هو أنصع مثال لكارثة إنسانية.

إن اليمن المنقسم بين حكومة عبد ربه منصور هادي وحركة المقاومة الحوثية هو بلد يقاتل من أجل حياته. ففي ظل رئاسة انتقالية زعزعت استقرار البلد عام 2014، تمكن المتمردون الحوثيون من الاستيلاء على العاصمة صنعاء مجبرين رئيس الوزراء ومن ثم الرئيس على الاستقالة. وفي عام 2015، بدأ تحالف تقوده السعودية بشن غارات جوية على المتمردين الحوثيين، بدعم سري من منافس السعودية الشيعي، إيران.

 

أما المدنيون العالقون وسط هذه الحرب بالوكالة، فهم من يدفع الثمن. فوفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن التحالف الذي تقوده السعودية قد ظل يقصف المستشفيات وحفلات الزفاف بل وحتى مخيمات النازحين.

في أغسطس، أُلقيت قنبلة على حافلة مدرسية يمنية مما أسفر عن مقتل 40 صبيا تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و 11 عاماً، وجرح 56 طفلاً آخرين. ووفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية، فإن السلاح المستخدم كان قنبلة موجهة بالليزر بحجم 227 كجم، أحد الرؤوس الحربية التي تباع للسعوديين في إطار صادرات الأسلحة.

إن طائرات التحالف قد ضربت حتى ميناء الحديدة اليمني، وهو خط المساعدات الرئيسي في البلد الذي يصل عبره 70٪ من الإمدادات الغذائية والوقود والمساعدات إلى اليمن. وتشير الأمم المتحدة إلى أن 10 ملايين يمني على بعد “خطوة واحدة من المجاعة”، بسبب الحصار البحري والجوي والبري الذي تفرضه السعودية.

الدعم البريطاني

إن الوضع همجي، لكنه على ما يبدو ليس همجيا بما فيه الكفاية. لقد ظل التحالف الوحشي الذي تقوده المملكة العربية السعودية يحصل على دعم عسكري واسع النطاق، وبريطانيا من بين الراعين الكرام الواقفين وراء كل ذلك.

منذ عام 2015، ظلت المملكة المتحدة تعمل كوقود للحرب في اليمن، حيث باعت ما قيمته نحو 5.7 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة للحملة العسكرية السعودية. ويكشف تقرير شامل (بقلم هارون مِرات نشرته صحيفة الغارديان في عام 2019) أن بريطانيا لا تقدم فقط الذخيرة فحسب، بل أيضاً المعلومات والخبرات والموظفين الحيويين للسعوديين. ويوضح التقرير أن “اليمن يُضرب كل يوم بقنابل بريطانية تسقطها طائرات بريطانية يقودها طيارون مدربون في بريطانيا وتتم صيانتها وتجهيزها داخل السعودية من قبل مقاولين بريطانيين.” ووفقاً للكاتب مِرات، فإن 6300 مقاولاً بريطانياً يتمركزون في قواعد التشغيل في المملكة العربية السعودية، حيث يقومون بتدريب الطيارين السعوديين وإجراء الصيانة على الطائرات التي تطير إلى فرائسها في اليمن.

قام البريطانيون بتحميل الطائرات بالقنابل وقام البريطانيون بوضع الصواعق الخاصة بها لضرب الأهداف المقصودة.

إن المملكة العربية السعودية، التي تم تجهيزها من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، قد ظلت تـُتهم بثلثي حالات الوفاة البالغ عددها 11,700 في اليمن، وفقاً للحملة المناهضة لتجارة الأسلحة (CAAT). وتشير بعض التقديرات الجديدة إلى أن إجمالي عدد الوفيات منذ عام 2015 بلغ حوالي 100 ألف شخص.

حكم غير قانوني

ومع ظهور هذه الأرقام الجديدة، صدر الحكم في يونيو الماضي بأن مبيعات الأسلحة البريطانية غير قانونية. وفيما يمثل خرقا للقانون الإنساني، ادعت محكمة الاستئناف أن وزراء بريطانيين غضوا الطرف عن استخدام الأسلحة في الغارات الجوية على اليمن. وكشف الحكم القضائي أن وزير الخارجية جيريمي هنت وزميله في القيادة بوريس جونسون ووزير الدولة للتجارة الدولية ليام فوكس قد وقـَعوا بشكل غير قانوني على صادرات الأسلحة السعودية، على الرغم من استخدامها ضد المدنيين. هذان اثنان من المرشحين المستقبليين لرئاسة الوزراء.

صحيح أن الحكم يمثل لحظة فاصلة لتجارة الأسلحة، لكن هذا لا يعني أن المشاركة البريطانية قد انتهت. وفي ظل إدراك تام لفظائعهم، تقدم وزراء بريطانيون بطلب استئناف الحكم ومواصلة تورطهم في الحملة السعودية القاتلة. ولقد قال متحدث باسم تيريزا ماي لبي بي سي إن الحكومة “تشعر بخيبة أمل” من الحكم؛ خيبة أمل لعدم المشاركة في مذبحة الأرواح البريئة.

إن الخلاف الذي حدث في شهر مايو قد جعل أي التزام بريطاني بقيم المساواة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية بحكم الباطل. لا يمكن للديمقراطية الأخلاقية أن تمول أحد أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العالم.

فعلى غرار النرويج وفنلندا وبلجيكا والدنمارك وألمانيا والنمسا وإيطاليا وهولندا، يجب على المملكة المتحدة اتخاذ إجراء لما من شأنه وقف مبيعات الأسلحة وبدء تحقيق عام حول نظام تجارة الأسلحة.

في ظل وجود 75٪ من السكان اليمنيين في حاجة إلى المساعدة الإنسانية، لا يمكننا السماح لهذا الظلم المحرق بالاستمرار. وبالتأكيد لا يمكننا أن نبقى أحد المُحرقين الواقفين وراءه.

إخلاء للمسئولية: إن هذا المقال من فئة الرأي في موقعنا، وعلى هذا الأساس فإن أي آراء تم التعبير عنها في هذه المقالة هي آراء المؤلف وليست بالضرورة آراء أي عضو آخر في طاقم عمل ذا سبيكر. وأي روابط هي لأغراض إعلامية فقط ولا تعني الموافقة على ما ورد فيها. كما أن محتوى المواقع الخارجية لا يقع على مسؤولية ذا سبيكر، من باب إخلاء المسؤولية ووفق السياسات الخاصة بموقعنا.