بقلم: هيئة التحرير—————

ترجمة: خالد النظاري – سبأ—————-

 

الصراع في اليمن ليس فيه أي ظفر وفيه خطر على المنطقة وفيه ضراوة منقطعة النظير, لذلك فإن سحب القوات التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تـُعد أكبر قوة برية خارجية تدعم التدخل الذي تقوده السعودية والذي حول الحرب الأهلية إلى كارثة إنسانية، يجب أن يكون نموذجاً لجميع الأطراف المنخرطة في هذه الحرب.

نظراً للسخط العالمي حيال الحرب في اليمن، التي تسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، فإن الاعتراف الضمني للبلد بأن الصراع يمثل خسارة في الأرواح والموارد والمكانة الوطنية يعتبر قدر من التعقل.

صحيح أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم توضح سبب انسحابها علناً، وهذا على ما يبدو خوفاً من إغضاب حلفائها السعوديين، لكن الدبلوماسيين يقولون إن الإماراتيين (الذين أرسلوا ما لا يقل عن 5 آلاف جندي إلى اليمن لتدريب وقيادة خليط من القوات والميليشيات الموالية للحكومة) أرادوا الخروج لبعض الوقت حالياً.

إنهم يقولون إن الإمارات العربية المتحدة خفضت بشكل حاد نشر الأفراد وطائرات الهليكوبتر الهجومية والمدافع الثقيلة حول ميناء الحديدة على البحر الأحمر والتي كانت هي ساحة القتال الرئيسية العام الماضي.

إن وقف إطلاق النار الهش الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في الحديدة والذي دخل حيز التنفيذ في ديسمبر الماضي قد أعطى العذر والسبب للتراجع.

وعموماً فتلك المحادثات التي استؤنفت يوم الأحد تقدم إطاراً محتملاً لمفاوضات سلام حقيقية إذا يحذو المقاتلون الآخرون – وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية زعيم التحالف الذي كانت لدولة الإمارات العربية المتحدة دور قيادي فيه – حذو الإمارات.

إن الصراع في اليمن هو مُركب من العديد من الصراعات، القديمة والجديدة والمحلية والإقليمية.

وتعود جذوره إلى الربيع العربي، عندما أدت الإطاحة برئيس قوي إلى تمرد قام به المتمردون الحوثيون من شمال البلد, وكان زحفهم قد توقف بفضل تحالف من دول عربية وميليشيات محلية جمعتها المملكة العربية السعودية ولقيت مساعدة فاعلة من الولايات المتحدة.

وبمساعدة من إيران، أثبت الحوثيون أنهم أقوى من أن يدحرهم التحالف الذي تقوده السعودية، لكنهم كانوا أضعف من أن يستولوا على السلطة بالكامل, وأصبح الصراع صراعاً بالوكالة بين السعودية وإيران.

حول القصف السعودي بلداً فقيراً أصلاً إلى بلد غير قابل للعيش، في ظل مقتل عشرات الآلاف من المدنيين ونقص شديد في الغذاء والدواء. كما أن فظائع الحوثيين ساهمت في تلك الويلات.

وفي الولايات المتحدة، ازداد الضغط على الإدارة للتوقف عن مساعدة المملكة العربية السعودية من خلال التزود بالوقود والاستخبارات ومبيعات الأسلحة.

تصاعدت الضغوط بعد اغتيال السعوديين للصحفي المنشق جمال خاشقجي العام الماضي وما أسفر عنه ذلك من خيبة أمل إزاء الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يمثل القوة الدافعة وراء التدخل في اليمن, وكان الرئيس ترامب قد رفض قراراً من قبل الحزبين في الكونجرس في أبريل الماضي يدعو الإدارة إلى تقليص التدخل الأمريكي، لكن مجلس النواب بدأ الآن محاولة جديدة لمنع إرسال الذخائر إلى المملكة العربية السعودية.

إن السخط الأمريكي المتضخم حيال الحرب قد وفر حافزاً إضافياً لدولة الإمارات العربية المتحدة لتنأى بنفسها عن التدخل بقيادة السعودية. وفي الوقت نفسه، فإن التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران دفعت الإماراتيين إلى إعادة قواتهم إلى الوطن والتي ستكون هناك حاجة إليها في حالة تصاعد القتال.

إن الصراع في اليمن سيء بما فيه الكفاية من دون الانخراط في صراع بين قوى أكبر في الخليج العربي. وبالتالي فإن الحل الوحيد هو وجود اتفاق سلام تفاوضي بين اليمنيين بشأن تقاسم السلطة والموارد، وينبغي للمملكة العربية السعودية السعي للحصول على اتفاق خاص بها مع الحوثيين لإنهاء الهجمات بطائرات بدون طيار والصواريخ عبر الحدود.

 

(صحيفة “نيويورك تايمز-” الأمريكية)

 

إن هيئة التحرير تمثل آراء الهيئة ورئيسها والناشر. إنها منفصلة عن غرفة الأخبار وقسم مقالات الرأي.