بقلم: جمال براوي

(صحيفة ” تشالنج – “CHALLENGE الفرنسية, ترجمة:أسماء بجاش- سبأ)

لم تعد العاصمة السعودية الرياض تحظى بمزيد من الدعم في حربها على اليمن, حيث أن سوء إدارة الصراع في نهاية المطاف أثقل كاهل الحلفاء.

خبر مدوي, لم يكن في حساب أي احد أن “دولة الإمارات العربية تريد الانسحاب من الحرب في اليمن”, ربما لن يحصل هذا، بيد أنه علامة على حلول فوضى حقيقية.

بدأت هذه الحرب قبل أربع سنوات ونيف, ومن ثم تحولت إلى أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم بحسب التقارير الصادرة عن مختلف منظمات الأمم المتحدة, وذلك بعد أن  تعهد صناع القرار السعودي بوضع حد للحركة الحوثية, بالإضافة إلى تهدئة الأوضاع في اليمن وعودة الشرعية في غضون بضعة أسابيع.

قبل أربع سنوات، كان الجنوب منقسماً، تُقاتل القبائل بعضها البعض، وفي المقابل, ترتقي أرواح المدنيين بصورة يومية إلى السماء.

أوقفت العديد من الدول صفقات بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية, في حين  يواجه الرئيس “ترامب” مطالب مماثلة على هامش قضية مقتل الصحفي السعودي وكاتب العمود في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في مدينة اسطنبول التركية مطلع نوفمبر من العام 2018, كما أن الحجة التي يتشدق بها حول الخطر الذي تمثله إيران لم تعد مجدية.

ففي بادئ الأمر, تم قبول العمليات العسكرية في اليمن, نظراً لكونها تستند على أسباب مقبولة, فبعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية بدء التدخل العسكري في اليمن المجاور لها, لاستعادة النظام المنتخب والذي هددته جماعة مسلحة تربطها علاقات مع إيران, في الوقت الذي أغفلت فيه جميع الحكومات الغربية الطرف عن ذلك. ولكن لماذا هذه الانتكاسات؟

“هذا الفشل الذريع جاء نتيجة أن المعسكر المناهض للحركة الحوثية والدعم للمعسكر الرئيس عبد ربه منصور هادي, تم تقسيمه جراء الأعمال التي يقوم بها قادة التحالف العربي بقيادة الرياض”

إن السبب الذي يكمن وراء استمرار الحرب لفترة طويلة بعواقبها الدراماتيكية، لا يكمن في المقاومة التي أبدتها الحركة الحوثية فحسب, بل يكمن ايضاً في أن السعودية تشتري الكثير من الأسلحة لكنها لا تعرف كيف تدار الحرب، إنه أمر واضح.

كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة تلعب لعبة مضطربة, حيث احتلوا جزيرة سقطرى, في حين لم يكن فيها حوثي واحد, كما أبدوا رغبتهم واستعدادهم لضمها، ناهيك عن كونهم من يدعمون الميليشيات التي أخذت على عاتقها مهمة تصفية الزعماء السياسيين.

يظهر هذا الإخفاق والفشل في أن معسكر المناهض للحوثي والدعم للرئيس هادي, كان منقسماً بسبب أعمال التحالف بقيادة الرياض.

إن ما يحدث في اليمن, ما هو إلا فشل سياسي قبل أن يكون فشلاً عسكري, والنتيجة لا يمكن أن تكون إلا حالة من الفوضى في بلد توجد فيه الأسلحة أكثر من رغيف الخبز.

لا تستطيع الرياض الانسحاب من اليمن, وهذا يعني أنه سيكون هناك دولة على حدودها تعيش في كنف الحركة الحوثية المدعومة من إيران, كما أن الضغط الدولي من أجل السلام لن يصل لأبعد من هذا الحد, وفي المقابل, يجب على الحركة الحوثية أن تقبل باتفاق بين اليمنيين يضمن لهم مكان في السلطة، ولكن ليس الهيمنة.

ومن هذا المنطلق, يجب أن ينجح المسار الدبلوماسي, كما أن إيران تشعر بالقلق إزاء  توتراتها مع ترامب.

يمكن لدول الخليج، على سبيل المثال سلطنة عُمان أن تلعب دور الوسيط للخروج من المستنقع اليمني, وبرغم من كون هذا الخيار قد لا يتناسب مع طموحات ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” الذي صاغ هذه الحرب منذ بدايتها, إلا انه اليوم يخسرها على الصعيد  الميداني والدبلوماسي في آن واحد.

وفي الاخير, لا يسع المرء إلا أن يندم على كل هذا العناد، وإفلاس جامعة الدول العربية البائسة، لأن الشعب اليمني هو ضحية هذه الحرب, في حين يموت الأطفال جوعاً, باختصار فالحاصل في هذا الجزء من العالم  أمر لا يطاق.