السياسية – المحرر السياسي :

قوبلت تصريحات المسئولين الاماراتيين عن انسحاب قوات بلادهم من اليمن لدى المواطنين اليمنيين على مختلف توجهاتهم السياسية والأكاديمية والعلمية وحتى المواطنين العاديين بالاستهجان والسخرية من تصريحات غير مسئولة تخفي وراءها نوايا خبيثة عن حقيقة التواجد العسكري الإماراتي في اليمن.

مصدر تلك السخرية بحقيقة التواجد العسكري الإماراتي وأبعاده وأهدافه الخفية والمعلنة والأطماع الإماراتية في اليمن خاصة في جزره وموانئه وثرواته الطبيعية، الأمر الذي جعل العديد من المراقبين والمتابعين للشأن اليمني الإماراتي يؤكدون أن الإمارات  كانت تخطط لهذا العمل العسكري منذ وقت طويل خاصة وأن ميناء عدن كان منذ فترة محل أطماع الإمارات على الأقل لتحييده، كما عملت على تحييد موانئ جيبوتي واريتريا لتضمن السيطرة البحرية والتفرد بها لصالح موانئ الإمارات.

وفي الواقع فأن الانسحاب الإماراتي العسكري من اليمن أن كان تكتيك مرحلي أم هروب من الهزيمة فإنه لا يعدو عن كونه انسحابا جزئيا أو ما يمكن وصفه بالمصطلحات العسكرية إعادة تموضع للقوات العسكرية الإماراتية في اليمن خاصة بعد سلسلة من الضربات الموجعة التي الحقها الجيش اليمني ولجانه الشعبية بتلك القوات منذ اليوم الأول لتواجده في اليمن في صمود يمني أسطوري بوجه قوات استعمارية تتسلح بأحدث المنظومات العسكرية الأمريكية والغربية، الأمر الذي جعل هذه الدولة المعتدية تبحث عن فرصة مواتية للخروج من المأزق اليمني الذي أوقعها فيه جيش يمني يتسلح بعقيدة عسكرية راسخة ويدافع عن سيادة بلاده واستقلالها بإمكانيات عسكرية بسيطة وهو ما أذهل المراقبين العسكريين في العالم من هذا الصمود اليمني في وجه أقوى دولتين ماليا وعسكريا وهما السعودية ودولة الامارات.

الشيء المؤكد أن المشروع الإماراتي في اليمن قد افتضح أمره خاصة في جنوب البلاد التي تركز عليها قوات الاحتلال ويتضح ذلك جليا من الرفض الشعبي العارم لهذا التواجد العسكري الإماراتي خاصة حركة النهوض المقاوم لها في كلا من عدن وسقطرى وحضرموت عبر سلسلة من أعمال الرفض والمقاومة.

لقد لجأت دولة الاحتلال الإماراتي إلى مشاريع قذرة لترسيخ تواجدها في اليمن ومنها محاولة إحياء نزعة الانفصال في نفوس العديد من الكيانات المسخ والمرتزقة الذين أغدقت عليهم الإمارات بالأموال للعب على وتر الانفصال وتشويه الوحدة اليمنية وتحميلها كل أخطاء الماضي في الجنوب واللعب بورقة الوحدة الوطنية وتدميرها وتشكيل كيانات عسكرية هزيلة تحت مسمى النخب العسكرية الشبوانية والحضرمية والسقطرية وغيرها من الأحزمة الأمنية حول المحافظات، الأمر الذي يدلل بما لا يدع مجالا للشك على المغزى الحقيقي، للتواجد العسكري الإماراتي في اليمن وهو تدمير اليمن عبر تجزئته وضرب وحدته الوطنية واليمنية ليسهل عليها تطويع المواطنين اليمنيين لخدمة المشروع الاستعماري الإماراتي في اليمن.

لقد عملت الإمارات العربية المتحدة في اليمن وبأقل من أربع سنوات من الجرائم والتدمير ما لم تعمله قوات الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين المحتلة بعقود طويلة من الزمن الأمر الذي جعل المواطنين اليمنيين وحتى العرب والمسلمين ومختلف دول العالم يتساءلون هل الإمارات دولة عربية وإسلامية تربطها باليمن روابط العروبة والدين والعادات والتقاليد أم الأمر غير ذلك، وإلا كيف يمكن أن نفهم حقيقة هذه الأعمال العدائية الخبيثة من دولة تدعي العروبة والإسلام ضد دولة هي سيدة وأصل العروبة، ورجالها هم من حملوا راية الإسلام إلى مختلف أصقاع الأرض قادة وفرسان فاتحين.

لقد طمس المال وبريقه واقع الإسلام والعروبة في الإمارات وأصبحوا مجرد قوة استعمارية طيّعة في أيدي قوى استعمارية أكبر وهي أمريكا وأوروبا الغربية، وفتحوا الإمارات أمام أجهزة الاستخبارات الغربية والصهيونية والأمريكية وتركت لهم المجال للعبث بالمنطقة العربية وحتى الآسيوية والأفريقية، يحيكون الدسائس والمؤامرات ويدبرون الانقلابات والاغتيالات لخدمة أجندة استعمارية قديمة وحديثة تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد وواقع مرير فرضته العولمة.

إن المشروع الإماراتي في اليمن مشروع خاسر وسيقابل بالرفض الشعبي العام قبل الرفض العسكري وهو ما يتم حاليا بالفعل، وما تذوقته القوات العسكرية الإماراتية الغازية من سلسلة من الضربات العسكرية الموجعة خير دليل والقادم سيكون أقوى وأعظم.