لتفسير ما يجري في اليمن، تريد دولة الامارات العربية المتحدة الانتقال من الاستراتيجية العسكرية الى “استراتيجية سلام” في حرب اليمن, وذلك بعد خمس سنوات من القتال.

بقلم: ماتيلد بلايو

( صحيفة “لاكروا” الفرنسية – ترجمة : وائل حزام – سبأ )

–   ما دور الامارات العربية المتحدة في اليمن ؟

إن الامارات العربية المتحدة هي احد دعائم التحالف العسكري التي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم السلطات اليمنية (المسماه بالشرعية) ضد المتمردين الحوثيين (أصحاب السلطة الفعلية على الأرض اليمنية خاصة في المناطق الشمالية) المدعومين من ايران, فالإمارات ملتزمة بالصراع منذ العام 2015، وهي القوة الاجنبية التي تنشر الجنود الوطنيين على الارض, وبعد خمس سنوات من الحرب التي خلفت اكثر من 10 الف قتيل و 3 مليون نازح، فيما اصبح البلد يشهد اسوأ ازمة انسانية في العالم، تريد الامارات العربية المتحدة التحدث عن السلام وخفض عدد قواتها على الارض.

وبالفعل، قاموا بإخلاء القاعدة العسكرية جنوب ميناء الحديدة، وهو الموقع الاستراتيجي لتزويد المساعدات الانسانية والاسلحة، الذي يسيطر عليه الحوثيين. كما غادرت، ايضا، القوات الاماراتية موقعا عسكريا في صرواح بمحافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء، وسحبت بطاريات الباترويث من المنطقة، ولكنها لا تزال تواصل عملياتها على طول الساحل الغربي.

ليس هناك شك في سحب الميليشيات المشكلة والممولة والمسلحة من قبل ابو ظبي. فمنذ العام 2015، تم نشر حوالي 400 مرتزقة من اميركا الجنوبية في اليمن بعد تلقيهم التدريب في الامارات العربية المتحدة.

وبالمثل، تم ارسال حوالي 400 ارتيري وبتمويل من الامارات, ولم تتوقف المساعدات المالية والمادية عند هذا الحد، حيث ان الامارات العربية المتحدة تُشار الاصبع ا ليها، ايضا، بأنها تمول الجماعات الاسلامية مثل تنظيم القاعدة.

في فبراير 2019، اصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا يثبت ان أبو ظبي تزود الميليشيات  بـ”اسلحة غربية متطورة”, فهذه احدى الطرق لضمان السيطرة على الجماعات السلفية الموجودة على الاراضي الاماراتية.

ويقول سيباستيان بوسويس، مؤلف كتاف (دول الخليج، خفايا ازمة عالمية)، ان “هناك هدف اخر لهذه الحرب هو وضع اليد على الموانئ الاستراتيجية لمضيق باب المندب، مثل مركز العصب لنقل الغاز والنفط”, هناك هدف حققته الامارات العربية المتحدة وهو تعزيز وجودها في القرن الافريقي، بما في ذلك بناء قاعدة عسكرية في ميناء عصب بارتيريا، والسيطرة على بعض الموانئ اليمنية .

–   لماذا تتخذ الامارات هذا القرار ؟

بعيدا عن الاعتماد على الاعتبارات الاخلاقية، فان انسحاب القوات الاماراتية يتبعها تطور العلاقات الجيوسياسية, ويقول سيباستيان بوسويس “انها حرب كلفتهم الكثير, فالامارات العربية المتحدة تمكنت من فعل ما كانت تريده، خاصة احتواء ايران. والان، مع  اشتعال المنطقة، تريد الامارات التركيز على الضغوطات الدبلوماسية والعسكرية التي يمكن ان تمارسها على ايران مع الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية “.

منذ ما يقرب من شهر، ارتفعت وتيرة التوترات بين طهران وواشنطن بشأن القضية النووية الايرانية، خاصة منذ ان تعرضت ناقلتي نفط في بحر عُمان لهجوم في شهر يونيو المنصرم.

ويعتبر سيباستيان بوسويس ان “الاماراتيين اثبتوا قوتهم، واظهروا انهم كانوا قوة عسكرية، والان هم من يمسكون بزمام الامور على الصعيد الدبلوماسي”.

بدون شك، ان ولي عهد ابو ظبي، محمد بن زايد، هو الحاكم الاكثر قوة في العالم العربي، ولدية اُلأذن اليقظة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

في ديسمبر 2018، اعادت الامارات فتح سفارتها في دمشق بسوريا, وهذه طريقة لإعادة تحديد موقعها الدبلوماسي في البلد الذي يشهد حالة حرب, حيث احتلت طهران وانقرة مساحة اكبر.

–    ما هو الوضع في اليمن اليوم ؟

الامم المتحدة اعادة القول ان الوضع الانساني في اليمن هو الاسوأ في العالم في الوقت الحالي, وليس هناك تحسن بعد خمس سنوات منذ بداية الحرب، ووفقا لما ذكرته بعض المنظمات الغير حكومية، فان الرقم المحدد بـ 10 الف قتيل قد يكون ارتفع اعلى من ذلك بخمس مرات, فالمجاعة ونقص الادوية والامراض المعدية دمرت البلد. فيما، ذكرت منظمة انقذوا الأطفال (Save the Children)، وهي منظمة غير حكومية بريطانية تُعنى بالدفاع عن حقوق الطفل حول العالم، ان وباء الكوليرا قد اثر على عدد اكبر من الاشخاص في الستة الاشهر الاولى من العام 2019 مقارنة بالعام 2018 بأكمله.

النتائج التي لاقاها الاطفال تعتبر خطيرة بشكل خاص, فقد افادت المنظمة ان نحو 85 الف طفل يمني توفوا بسبب الجوع والمرض بين الفترة الممتدة بين ابريل 2015 و اكتوبر 2018. كما توفي اطفال اخرين كانوا ضحايا العمليات القتالية.

ويقول سيباستيان بوسويس، انه “لا احد يستطيع اليوم ان يلوم الامارات العربية المتحدة على الانسحاب من الحرب واختيار السلام، لكن يجب ان لا ننسى ان الامارات قادت حربا دموية لمدة خمسة اعوام”.