السياسية:

ضحايا بلا رؤوس وأشلاء ممزقة وأحشاء خارج الأجساد.. أطفال ونساء ورجال بلا ملامح.. هذا ليس مشهداً من فيلم سينمائي، بل مستشفى المعمداني في غزة الذي حوله الاحتلال الصهيوني إلى كتلة من النار وبركة دم.. اعتقد الفلسطينيون أنه مكان آمن من قصف طيران العدو.. فلجأ إليه مئات النازحين قسرياً من منازلهم، وتشاركوا الوجع والألم مع الآلاف من جرحى العدوان والمرضى، على أمل النجاة من جحيم صواريخ العدو، لكن الاحتلال لم يترك لهم مكانا آمناً في غزة، بما فيها المستشفيات التي وضعها في بنك أهدافه.

500 شهيد على الأقل وأكثر من 600، جريح ضحايا المجزرة التي ارتكبها الاحتلال مساء أمس، والحصيلة في ارتفاع لحظي مع مواصلة الطواقم الطبية انتشال الأشلاء من موقع الجريمة، حيث تعمد الاحتلال استهداف المستشفى بشكل مباشر، منتهكاً كل القوانين الدولية في جريمة حرب ما كان ليرتكبها لولا الضوء الأخضر الأمريكي والغربي له لمواصلة جرائم الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، بينما يكتفي المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن بالصمت وفي أفضل الأحوال يندد ويشجب ويستنكر، دون أن يقوم بأي تحرك فعلي لوقف مجازر الاحتلال، ووضع حد للدول التي منحته رخصة مفتوحة لقتل الفلسطينيين.

مجزرة جديدة يضيفها الاحتلال إلى سجله الحافل بمئات المجازر لكنها من أكثرها وحشية، ولا يفوقها في عدد الضحايا سوى مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الاحتلال في أيلول 1982 واستشهد فيها أكثر من 3000 فلسطيني، فضلاً عن إصابة المئات.

مجزرة مستشفى المعمداني جاءت عشية زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي صرح فور وصوله اليوم إلى كيان الاحتلال الغاصب بأنه يشعر بـ “الغضب والحزن العميق” إزاء ما وصفه بـ “الانفجار” في مستشفى المعمداني، نافياً مسؤولية الاحتلال عن المجزرة بالقول: يبدو أن الجانب الآخر وراء ذلك وليس أنتم، أردت الحضور إلى “إسرائيل” حتى يعرف من فيها والعالم بأسره أننا نقف مع “إسرائيل”، ومستمرون بتقديم الدعم لها.

بايدن كان سارع بعد ساعات على وقوع المجزرة للاتصال بشريكه الذي ارتكبها، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولم يتواصل مع الفلسطينيين الذين لم يصفهم يوماً بضحايا الاحتلال، ما يؤكد الشراكة الفعلية للولايات المتحدة في كل مجازر الاحتلال، وأحدثها مجزرة مستشفى المعمداني التي تعيد للأذهان المجزرة التي ارتكبتها واشنطن بقصفها ملجأ العامرية للنازحين في بغداد في شباط 1991 وراح ضحيتها 408 شهداء بينهم 313 طفلاً وامرأة، في تشابه يصل حد التطابق بين الإجرامين الأمريكي والإسرائيلي.

المقاومة الفلسطينية أكدت أن الاحتلال الصهيوني الفاشي الذي هدد مستشفى المعمداني بالقصف مع 22 مستشفى ومركزاً طبياً آخر، بمن فيهم من أطقم طبية ومرضى وجرحى، وقتل أكثر من 25 طبيباً مع عائلاتهم من بين 3 آلاف فلسطيني خلال عدوانه الحالي، هو المسؤول المباشر عن هذه المجزرة المروعة التي نفذها مستخدماً قوة نارية أمريكية لا تتوفر إلا لديه، وكل رواياته حول المجزرة منذ الساعة الأولى لوقوعها مجرد أكاذيب وافتراءات.

مجزرة مستشفى المعمداني التي لا يمكن توصيفها إلا بالمحرقة، امتداد لجرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948 وما قبلها، والتي لن تتوقف طالما بقي المجتمع الدولي ومجلس الأمن ساكناً فيما يفترض به الاضطلاع بمسؤولياته لحماية الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الذي سيبقى عطشاً للدم الفلسطيني، ما دام في مأمن أمريكي غربي من أي عقاب أو محاسبة.

* المصدر : وكالة الأنباء السورية
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر