فلوريان روتسر

(مجلة “تيله بوليس” الألمانية، ترجمة : نشوى الرازحي – سبأ)-

قررت دولة الإمارات العربية المتحدة الانسحاب من الحرب اليمنية  التي غالباً ما يتجنب ذكرها السياسيون ووسائل الإعلام على عكس سورية.

يبدو أن هناك شيئاً ما يحدث في حرب اليمن، الحرب “المنسية”. فقد ينهار التحالف السعودي، الذي بدأ حربه ضد اليمن في العام 2015 حينما تم توقيع الاتفاق النووي مع إيران. منذ ذلك الحين، تدهور الوضع المدني في اليمن بشكل كبير، وتم حظر إمدادات المساعدات وتم شن عدد لا يحصى من الغارات الجوية على أهداف مدنية مثل الأسواق والمستشفيات والمدارس.

منذ ذلك الحين قتل حوالي 90 ألف شخصا بما فيهم الآلاف من المدنيين. والسعوديون مسئولون عن غالبية الإصابات المدنية، حيث تم الإبلاغ عن موت أكثر  من 8 آلاف  أي 67 بالمائة من المدنيين جراء الغارات الجوية السعودية. وربما يكون العدد أكبر من ذلك. ومنذ أن أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة ، دعمت الولايات المتحدة دون قيد أو شرط حرب التحالف على اليمن.

ومنذ بضعة أيام فقط ، ذكرت رويترز أن الإمارات العربية المتحدة بدأت في خفض وجودها العسكري في اليمن إلى جانب المملكة العربية السعودية، بدعم من الحكومة الأمريكية. وكتبت صحيفة وول ستريت جورنال إن الإمارات تريد سحب معظم قواتها.

يُزعم أن هذا التراجع سببه هو تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. فبعد الهجمات على ناقلات النفط وإسقاط طائرة أميركية بدون طيار، أصبح هناك قلق بشأن استهداف الجيش الإيراني في حالة نشوب صراع عسكري. بالإضافة إلى ذلك، قامت جماعة الحوثيين، الذين تتكون قواتهم أيضا من أجزاء من القوات اليمنية السابقة، بشن هجمات صاروخية على أهداف في المملكة العربية السعودية. وستكون الإمارات العربية المتحدة في مرمى أسلحة الجماعة أيضا.

24 مليون شخصا يعتمدون على المساعدة

كان اتفاق استكهولم، الذي أبرم في نهاية ديسمبر تحت رعاية الأمم المتحدة، خطوة صغيرة أولى، لكن عادة ما يتم خرقه وتعود المعارك. ويتبادل كلا الطرفين الاتهامات بخرق الهدنة. تم الاتفاق بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي لا “يقيم” في اليمن وإنما في المنفى السعودي، المدعومة من قبل السعودية والإمارات وجماعة الحوثيين المتمردة على هذه الحكومة على الانسحاب من موانئ، الصليف وراس عيسى والحديدة، بالإضافة إلى تبادل الأسرى. لقد قام الحوثيون بإخلاء الموانئ وتركوا أمر تفتيش السفن لمفتشي الأمم المتحدة.

يواصل الحوثيون السيطرة على المدينة، في حين تنتشر القوات الحكومة في ضواحيها. الحديدة، المتنازع عليها، هي بمثابة الحبل السري للسكان في المناطق الشمالية، فعبرها تصل المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية الأخرى. وفقاً لأرقام الأمم المتحدة، يعتمد 80 بالمائة من السكان أو 24 مليون شخص في البلد على المساعدة. و هناك أكثر من 14 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدة ، وفي الآونة الأخيرة، توقف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن تقديم المساعدات لمحافظة صنعاء. وهذا يؤثر على 850 ألف شخص. حيث يتهم برنامج الأغذية العالمي الحوثيين بإساءة استخدام المساعدات الغذائية.

وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال بدأت الإمارات تسحب قواتها ودباباتها من الحديدة. ولكن ما الذي ستفعله المملكة العربية السعودية إذا ما انسحب أقوى شريك لها من الحرب. الشريك ذو الأهداف الغامضة إلى حد كبير. والسعودية تحارب الحوثيين فقط ولكن ليس تنظيم القاعدة وداعش في اليمن.

ومن وقت لآخر، تُشن هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار ضد الإرهابيين الإسلاميين. وتريد الإمارات الآن محاربة الجماعات الإرهابية بقوة أكبر. وتتهم منظمة العفو الدولية دولة الإمارات العربية المتحدة بتشغيل السجون السرية في اليمن، واختطاف وتعذيب الأشخاص. قاتلت الإمارات مع المرتزقة في اليمن، وأنشأت جيوش خاصة ودعمت الانفصاليين في جنب اليمن الجنوبية (المجلس الانتقالي الجنوبي).

لا تزال حكومة الولايات المتحدة تقف وراء الحرب السعودية، ومعارضة الكونغرس القوية للحرب على اليمن المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات لم تحدث تغييرات حاسمة، وما يزال السكان المدنيون يعانون أكثر وأكثر من القتال. إذا تراجعت الإمارات العربية المتحدة ، فقد تشعر المملكة العربية السعودية أنها بحاجة إما إلى أن تزيد من غاراتها الجوية أو بأنها مضطرة للدخول في مفاوضات فعالة بدلاً من الاعتماد على نصر عسكري. وسيكون العامل الحاسم  في هذا الأمر هو كيف هو أين ستضع الولايات المتحدة نفسها.