تقدم مذهل في إصلاح العمود الفقري يسمح للفئران المصابة بالمشي مرة أخرى
السياسية – وكالات:
تمكن باحثون أمريكيون وسويسريون من عكس “الشلل الذي لا رجعة فيه” في الفئران التي تعاني من إصابات كاملة في النخاع الشوكي باستخدام العلاج الجيني.
ووجد الفريق أن إعادة نمو الخلايا العصبية لا يكفي لاستعادة المشي بشكل كامل، وأن العلاجات التجديدية يجب أن تستهدف خلايا عصبية محددة وترشدها إلى المكان الذي تنتمي إليه، وهو ما لم يكن معروفًا من قبل.
ولا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكن الفريق السويسري والأمريكي يقول إن هذه هي الخطوة الأولى نحو إنشاء التكنولوجيا اللازمة لتحقيق الشيء نفسه على البشر.
ويقول عالم الأعصاب جريجوار كورتين من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا (EPFL): في الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم “نتوقع أن يعمل علاجنا الجيني بشكل تآزري مع إجراءاتنا الأخرى التي تتضمن التحفيز الكهربائي للحبل الشوكي” .
وتمنع إصابة الحبل الشوكي الكاملة (SCI) الحبل الشوكي من شفاء نفسه. يتطلب التعافي تحفيز إعادة نمو الخلايا العصبية، وهو ما تم تحقيقه، لكن الظروف اللازمة لهذه العلاجات لاستعادة الوظيفة الحركية تظل لغزًا.
ونحن نعلم أن الفئران أو البشر المصابين بإصابات النخاع الشوكي الجزئي يصابون بالشلل مؤقتًا، لكن معظم وظائفهم الحركية تعود بشكل طبيعي. الخلايا العصبية في النخاع الشوكي التي تنتج المشي تقع في المنطقة القطنية ، ولكن بعد إصابات النخاع الشوكي الجزئية، تقوم الخلايا العصبية في المنطقة الصدرية بنقل الاتصالات عبر الحبل الشوكي مما يسمح باستعادة المشي.
وافترض الفريق أن استعادة أنماط الاتصال العصبية المحددة هذه قد تسمح لشخص لديه اصابات النخاع الشوكي الكاملة بالمشي مرة أخرى أيضًا.
ويقول عالم الأعصاب في EPFL جوردان سكوير”صممنا استراتيجية علاجية تحاكي آليات إصلاح الحبل الشوكي التي تحدث تلقائيًا بعد الإصابات الجزئية”
واستخدم الباحثون التحليل الجيني لمعرفة الخلايا العصبية في النخاع الشوكي الصدري التي تساعد على الشفاء الطبيعي بعد اصابات النخاع الشوكي الجزئي. ولقد تتبعوا محاورها العصبية، وهي ألياف عصبية صغيرة تربط الخلايا العصبية وتسمح لها بالتواصل، ووجدوا أنها تصل بشكل طبيعي إلى الحبل الشوكي القطني.
ويقول سكوير: “إن ملاحظاتنا باستخدام تسلسل الحمض النووي الريبوزي النووي لخلية واحدة لم تكشف فقط عن المحاور المحددة التي يجب أن تتجدد، ولكنها كشفت أيضًا أن هذه المحاور يجب أن تعيد الاتصال بأهدافها الطبيعية لاستعادة الوظيفة الحركية”.
في عام 2018، أظهر الفريق نفسه علاجًا يحفز تجديد المحاور العصبية لدى الفئران، والتي كانت قادرة على النمو مرة أخرى بعد تعرضها لأضرار جسيمة في الحبل الشوكي.
ويوضح مارك أندرسون، عالم الأعصاب في EPFL : “لكننا أدركنا أيضًا أن هذا لم يكن كافيًا لاستعادة الوظيفة الحركية، حيث فشلت الألياف الجديدة في الاتصال بالأماكن الصحيحة على الجانب الآخر من الآفة”.
ولذلك طور علماء الأعصاب علاجًا جينيًا لتحفيز إعادة نمو المحاور وتوجيهها حتى الحبل الشوكي القطني.
ووقاموا بتشغيل برامج النمو في الخلايا العصبية المحددة حتى تتمكن محاورها من النمو مرة أخرى. كما قاموا بتنظيم البروتينات التي تساعد المحاور على الانطلاق عبر قلب أنسجة الإصابة، وأعطوها جزيئات توجيه لمساعدتها في العثور على أهدافها الطبيعية في الحبل الشوكي القطني.
وأدى هذا إلى انتعاش كبير في الفئران المصابة باصابات النخاع الشوكي الكاملة. كانت الفئران قادرة على المشي مرة أخرى، مع أنماط المشي مشابهة للفئران التي بدأت المشي مرة أخرى من تلقاء نفسها بعد إصابات النخاع الشوكي الجزئي.
وعندما قاموا بتعطيل هذه الخلايا العصبية، لم تعد الفئران قادرة على المشي، مما يدل على أن استعادة الوظيفة هذه كانت تعتمد على المحاور المجددة للخلايا العصبية المحددة.
ويقول المؤلفون إن اكتشاف كيفية قيادة مجموعات فرعية معينة من الخلايا العصبية إلى مناطقها الطبيعية المستهدفة يعد خطوة نحو التكنولوجيا التي يمكنها استعادة الوظائف الحركية لدى البشر.
ويقول كورتين: “نعتقد أن الحل الكامل لعلاج إصابة النخاع الشوكي سيتطلب كلا النهجين – العلاج الجيني لإعادة نمو الألياف العصبية ذات الصلة، وتحفيز العمود الفقري لزيادة قدرة كل من هذه الألياف والحبل الشوكي الموجود أسفل الإصابة على إنتاج الحركة” .
وتعقيد تعزيز التجدد على مسافات أطول في الحيوانات الكبيرة مثلنا يعني أن الإستراتيجية الناجحة من المرجح أن تتطلب المزيد من البحث.
ويخلص الفريق إلى أن عملهم “سيفتح الإطار لتحقيق إصلاح مفيد للحبل الشوكي المصاب وقد يسرع عملية الإصلاح بعد أشكال أخرى من إصابات وأمراض الجهاز العصبي المركزي”.