متى يصبح استشهاد سيدنا الحسين مدخلًا إلى الوحدة الإسلامية؟
السياسية:
د. زكريا حمودان*
تعود عاشوراء لتحمل معها مآسي الأمة التي نتعب كلما نراها تتبعثر هنا وهناك تحت مسميات عدة، جميعها بعيدة كل البُعد عن رسالة الدين الإسلامي الحقيقية. الإسلام لم يكن يومًا عنوانًا لتفرقة المسلمين، ولم يكن ساحة للشرذمة والصراعات، ولا حتى محطة للأحداث الجيوسياسية.
لقد استشهد سيدنا الحسين(ع) بأبشع طريقة ممكن أن تحصل في تاريخ البشرية، وهو الذي كلما قعد مسلمٌ للصلاة ذكره في صلاته قائلًا: اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد. فهل هكذا يكون التعاطي مع آل سيدنا محمد، أليس السيف الذليل ممرٌ للتفرقة هو وضاربه؟
نعيش في كل عام ذكرى استشهاد الحسين حفيد النبي الأكرم، سيد من سيدا أهل الجنة، ونقف نبكي الحسين والحسرة تدمي قلوبنا، لكن كذلك يجب أن نتوقف لبرهة عند عالمنا الإسلامي، لندعو لوحدته، لتكن رسالة الحسين(ع) فيما خص الدنيا هي شعارنا، ولنتوحد فالآخرة لن تزل والسلام.
المسلمون اليوم يعملون وكأن الدنيا باقية وهو الذي استشهد وكأن الدنيا لم تكن، لذلك يجب ان نتوقف عند ما نريد من هذه الدنيا لهذه الأمة، فالحسين(ع) استشهد لتبقى الأمة، وما ذكراه اليوم الا رسالة لنا، توحدوا على حب الحسين(ع) وعلى استشهاد الحسين(ع)، توحدوا على دين محمدٍ وآل محمد، توحدوا وكأن الآخرة لم تزل.
ماذا يحصل إذا توحدنا كمسلمين في تاريخ استشهاد الحسين(ع)؟
إذا عاد بنا التاريخ إلى الوراء ووقفنا وقفة عاقلٍ متعقل لواقع الأمة الإسلامية لوجدنا أنفسنا نبحث عن الوحدة الإسلامية دون أن ندري، وسنجدها دون أن ندري.
نتوقف هناك حيث استشهد الحسين(ع)، ونبدأ ببناء تاريخنا الإسلامي بعقلانية ودون تعصب، نتوقف عند مسيرة آل بيت رسول الله وصحبه الأبرار المنتجبين، ونأخذ ما اجتُمع حوله وما اختُلف فيه، نتحاور دون شروط مُسبقة ومع ثوابت واضحة ومرتكز رئيسي هو الإسلام ونبينا محمد وآل بيته، ولننطلق دون قيود أو شروط او احكام، ولا نتشبث برأي ولا نعبث ببعضنا البعض تاركين لأعداء الإسلام جميع الإمكانيات التي تسمح لهم بالاستفراد بنا وبتفاصيل ديننا الحنيف، فسروها كما يريدون واعطونا إياها لنرمي بعضنا البعض بها.
التفرقة التي حذرنا منها الرسول الاكرم
يُردد البعض عبارات مُهمة جدًا ولكن لا يُطبقون منها الا ما هو مناقض لها، يتسابقون هنا وهناك ليقولوا انه لا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى، ثُمَ يتهجموا على كل من يختلفون معه سياسيًا، فيتهجم بعدها اتباعهم حتى على دين اخيهم المسلم ناسفين كل القيم التي أتت في فحوه رسالة الدين الإسلامي. وهذه المعضلة التي يعيشها المسلمون اليوم متواجدة لدى مختلف الجهات بشكلٍ متفاوت ولكنها حيثما وُجدت هي خطيرة.
في الحديث عن التفرقة لا بُدَّ وان نتوقف عند العمل الذي تقوم به الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في تغذية التفرقة، فها هي منصات المشايخ وقنواتهم تنشط في بريطانيا، وها هو الأميركي لم ينهي فتنته الخبيثة في الشرق الأوسط وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ما نحتاجه اليوم فعلًا ان نقف جميعنا كل يوم لنبكي على انفسنا لان بعضنا لم يعي رسالة استشهاد الحسين(ع) حتى الآن، ولم يبرح ينتظر هذه الذكرى ليخرج الحقد على باقي المسلمين، فيأخذ صور لبعض المبالغين في حبهم للحسين(ع) ليُروج مواد تُفرق ولا تجمع، في المقابل تراه يُبالغ أكثر لو حصل مع مشغليه من أصحاب الفتن عارض صحي بسيط، فيندب ويلطم إلى ما شاء الله، هكذا هم، وهكذا واقعنا الإسلامي وهكذا نرى استشهاد الحسين(ع)، مدخلًا الى الوحدة الإسلامية وممرًا طبيعيًا لكل المسلمين نحو تجديد بيعتهم لآل رسول الله صل الله عليه وسلم.
* المصدر: موقع العهد الاخباري