استراتيجية طويلة الأمد للإمارات في نشر الإسلاموفوبيا
السياسية:
على مدار سنوات طويلة اتخذت دولة الإمارات من نشر الإسلاموفوبيا استراتيجية طويلة الأمد لها لاسيما في أوروبا لتعزيز التحامل والكراهية والخوف من الإسلام أو من المسلمين.
وبعد الربيع العربي والتحولات الجيوسياسية في المنطقة، انخرطت الإمارات التي شعرت بتهديدات جمّة أمام الثورات التي طاولت أنظمة عربية في مصر وتونس وليبيا، في إدارة مختلفة للوضع الاحتجاجي الذي كانت له تداعيات في الخليج.
وبينما كانت الجماعات والقوى الإسلامية تتسيّد المشهد، بخاصة بعد صعودها السياسي، ووصولها الى مرحلة التمكين في مصر وتونس، مثلاً، فقد برزت الإمارات في قيادة الثورة المضادة.
إذ لاحقت أبوظبي قوى الإسلام السياسي من خلال المنصات الإعلامية والمراكز الثقافية، وعمدت إلى فضح سردياتها السياسية والأيدولوجية والتحريض عليها بمختلف الأشكال.
وانطلقت أبو ظبي لتعقّب شبكات جماعة الإخوان المسلمين، الاجتماعية والثقافية والتنموية في الغرب، والمتجذّرة في بلدان أوروبية عدة منذ سبعينات القرن الماضي.
بموازاة ذلك روجت الإمارات نسخة مغايرة من الإسلام الذي يقوم على العلمنة، وهي تعتمد على رموز فكرية تنتمي إلى “اليسار الإسلامي”.
وقد تم تأسيس ما عرف بـ”بيت العائلة الإبراهيمي” في جزيرة السعديات في أبو ظبي، بالتزامن مع سياساتها بالتطبيع مع إسرائيل وعقد اتفاقات إبراهام برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو مجمع للأديان يضم مسجداً وكنيسة وكنيساً.
وعنونت الإمارات بياناتها، السياسية والدبلوماسية، باعتبارها نموذجاً لـ”الإسلام المعتدل”. وسبق للسفارة الإماراتية في واشنطن تأكيدها “قيم الاحترام المتبادل والحرية الدينية التي ترسخت في بنية دولة الإمارات العربية المتحدة منذ ما قبل تأسيس الدولة عام 1971″، وذلك إبان التوقيع على اتفاقات إبراهام، موضحة أن “لديها رؤية استشرافية لمنطقة الشرق الأوسط.
ومنذ عام 2011، نشطت الإمارات في مجال إعادة إنتاج النموذج الإسلامي “الليبرالي”، والذي يقع ضمن تصوّراتها السياسية، وقدمت نسخة مختلفة جذرياً.
والإسلام التنويري وكذا الصوفي الذي تلجأ إليه الإمارات، أخيراً، يتماهى مع سياساتها المحلية والخارجية، التي تقف على النقيض من محاولات التغيير بعد الربيع العربي، فضلاً عن تقاربها مع كيان إسرائيل.
فمسار التحوّل الديمقراطي الذي تعطّل بفعل عوامل عدة، منها تنحية القوى الإسلامية للتيار المدني، بل وتحالفه مع قوى الثورة المضادة، ورفضه القيم الديمقراطية التي اعتمد على الجانب الإجرائي منها فقط (صندوق الانتخابات) لتحقيق الرصيد الذي يحقّق له التمكين السياسي، يحتاج إلى مبررات أيديولوجية لتكييف هذا الفشل، وتأطيره في نطاق يتناسب مع مجال رؤية كل طرف وأهدافه بشكل تلفيقي.
وفي فترات متزامنة، تم تأسيس “مجلس الحكماء المسلمين”، و”منتدى تعزيز السلام في المجتمعات الإسلامية”، و”مجلس الفتوى الإماراتي”، و”المؤتمر الإسلامي الأوروبي”، و”الأمانة العامة لمنتدى السلم في المجتمعات المسلمة”، و”المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة”، فضلاً عن مبادرات الحوار بين الأديان.
وهناك أيضاً المجلس اليهودي – الإماراتي، وله هيئة تمثيلية من اليهود المقيمين في الإمارات. وقد اختير القس يهودا سارنا كأول حاخام في دبي عام 2019.
ويمكن القول إن ميل الإمارات إلى طرح نموذج إسلامي معلمن، ربما، يعود إلى فترة ما قبل الربيع العربي.
من أمثلة ذلك أن قناة أبو ظبي الإعلامية ظلت تتبنى المفكر السوري محمد شحرور، ضيفاً ثابتاً على شاشتها، والمعروف عنه مواقفه التأويلية الحداثية للقرآن باستخدام المنهجيات الألسنية واللغوية، وذلك بما يتعارض مع المواقف الأصولية والمحافظة.
ويبرز مراقبون أن التسامح والاعتدال ظاهرياً، في الإمارات، تقابلهما صورة قصوى من القمع، والحد من الحريات، وتبرير السياسات الإقليمية العدوانية كما في اليمن.
* المصدر: موقع اماراتي ليكس
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر