أحمد يحيى الديلمي—–

الأماكن هي محيط جغرافي كما حددها الخالق سبحانه وتعالي ، إلا أنها اكتسبت القداسة مما وهبها الله سبحانه وتعالي وحباها بمزايا خاصة ترتبط كليا بمعنى خارق لا علاقة له بحياة البشر ، وهذا هو ما ميز مكة المكرمة عن غيرها من المدن في العالم بحيث كانت أول مكان احتوى أول موضع للعبادة ، كما أشار إلى ذلك الخالق سبحانه وتعالي حيث قال “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ” . أي أن البركة جاءت مع المكان وخلقت معه بعكس المسجد الأقصى فإن البركة جاءت لاحقة حيث قال تعالى “الذي باركنا حوله “.

إذاً فمكة مباركة من البداية ومن يخترق هذه البركة هم البشر أنفسهم ، فكم من الأهوال التي شهدتها المدينة المقدسة وها هو التاريخ يعيد نفسه على يد الطغمة الحاكمة في نجد والحجاز والتي اختزلت المكان والزمان في ذات الأسرة ، ولم تكتف بهذا لكنها اليوم تحاول أن تدنس قدسية المكان بأكاذيب وخزعبلات ملفقة كأن تقول بأن الحوثيين يحاولون هدم مكة وأن إيران تحاول الاستيلاء على هذا المكان وجميعها أكاذيب تدل على الضعف والهوان لأن استدعاء الدين والمكان ، والاستنجاد بهم ليست دليل قوة بل دليل ضعف واستكانة وها هي اليوم هذه الطغمة ، تجدد الاعلان الصارخ بالضعف من خلال استدعاء قادة وزعماء الدول لتطلب منهم النجدة ، وكأنها مهددة من مصدر خطر داهم وهذا الإدعاء يضاف إلى ما سبقه من إدعاءات كاذبة وأباطيل زائفة يروجها هذا النظام ليعلن أكثر عن عجزه وعدم قدرته على مواجهة الاخطار كما يقول.

لم يكتف النظام بسيف ترامب البتار وصواريخه الفتاكة فها هو يستدعي زعماء العرب والمسلمين لنجدته ، والوقوف معه مع أن هؤلاء العرب والمسلمين يعرفون مسبقاً أن من استدعاهم هو الخطر الحقيقي على الدين والمكان ، لكن لعابهم سال بمجرد أن وصلت الدعوات مرفقة بظروف متخمة بأوراق البنكنوت ، وهذا هو حال العرب والمسلمين يبحثون عن الفتات بعد أن فرغ ترامب بحلب البقرة والظفّر بنصيب الأسد .. إذاً ما الذي ستناقشه هذه القمم ؟؟ سؤال مشروع وهام تبدو الاجابة عليه واضحة وتتلخص فيما يلي : ـ

القمة الخليجية     

جدول أعمال هذه القمة محصورً جداً لا يتجاوز فتح ملف التبرعات لسد النفقات المطلوبة للقوات الأمريكية التي تتوافد على المنطقة بأمر السيد ترامب ، أما البند الثاني فيتضمن شرعنة ومباركة صفقة القرن التي يكتمل بها سيناريو تآمر هذه الدول المسخ لتصفية  قضية الشعب الفلسطيني العادلة .. يا لها من مهام ويا لهم من قادة أبطال يتكالبون على الأمة وعلى قضاياها الأساسية ؛؛.

القمة العربية

منذ عقدين من الزمن وأمريكا تحاول أن تتكالب على الجامعة العربية وقد وجدت في السعودية وبعض دول الخليج مطية للتآمر على الأمة العربية ، ومسح كل ما يتعلق بالنزعة القومية ، وهذه لن تُكذب خبر فلقد بادرت بترجمة المسعى بكل ما تمتلكه من قوة ومال وأيضاً بفعل تصدرها موضوع الدفاع عن الدين فلقد اعتبرت القومية شركاً والدعوة إليها الحاد وردة عن الدين ، وفي اللحظة التي أفرغت الجامعة العربية من مضمونها ها هي ذي تطلب نجدة القادة العرب كلما احتاجت إلى ذلك برؤيتها الضيقة التي لا تتعدى خدمة أمريكا والغرب فقط ..

وكما قال أحد المحللين العرب الشرفاء إن قرارات القمم العربية باتت تصاغ في البنتاغون والقادة يجتمعون لوضع الإبهام عليها ،  وهو تصور في محلة خاصة حينما ندرك أن الجامعة العربية باركت غزو العراق وأعطت الضوء الأخضر للناتو لضرب ليبيا وتبارك العدوان الهمجي السافر على اليمن وشرعنة الاعتداء على سوريا ، بل وجمدت عضوية هذه الدولة حتى تنصاع للإرادة الأمريكية الصهيونية .

إذاً هذا الكيان العليل ماذا تنتظر الأمة منه بعد أن أصبح خاويا ومفرغا من المضمون .. الإجابة لا شي .. لاشي .. لاشي .

اللهم لا شماته ،، اللهم أنصر من يدافعون عن حياض الأمة وقرارها وإرادتها .

القمة الاسلامية

في الأساس منظمة المؤتمر الإسلامي كيان هولامي ترعاه السعودية وتنفق عليه منذ نشأته في جدة ، وكان هدف هذا الكيان من البداية هو التآمر على الثورة العربية وجامعة الدول العربية ، وحينما تحول الاسم إلى منظمة التعاون الإسلامي كانت الغاية قد اكتملت وأصبحت المنظمة مجرد شاهد زور يبارك مساعي السعودية وهي اليوم من باب النخوة والنجدة جاءت لإنقاذ بيت الله الحرام مما يحيط به من أخطار ، وكل رئيس وملك وأمير  سيحضر هذه القمة يدرك جيداً أن النظام السعودي باتجاهاته الوهابية هو أكبر خطر على الدين والمكان والأمة .

أمام هذه الحقيقة ماذا ننتظر من كيان وضعه بهذا الشكل واتجاهات فعله محصورة في هذا الإطار … الم أقل لكم أنها قمم الحسرة والندامة ؟؛؛ والله من وراء القصد …