المقاومة الفلسطينية بجنين تثبت من جديد أنها عصية على الانكسار أمام الإرهاب الصهيوني
السياسية – تقرير :
مرزاح العسل
من جديد وفي ظل إصرار كيان العدو الصهيوني المحتل على كسر شوكة المقاومة الفلسطينية.. ها هي مدينة جنين ومخيمها وأبطالها المقاومين يثبتون للعالم أجمع أن مقاومتهم لهذا العدو الغاشم ستظل عصية على الانكسار أمام الإرهاب الصهيوني المتواصل مهما كلفها ذلك من ثمن.
ويبدو أن العدو الصهيوني لم يستفق من الضربة الموجعة التي تلقاها من مقاومي جنين بعد اقتحام المخيم فيها واستشهاد سبعة فلسطينيين، حتى تلقى صفعة أخرى على وجهه بعملية مستوطنة “عيلي” التي قُتل فيها خمسة مستوطنين صهاينة على الأقل واُستشهد منفذاها، ليواصل إجرامه بعملية اغتيال لثلاثة من أبطال المقاومة في جنين بقصف سيارتهم التي كانوا يستقلونها.
وتُعد عملية الاغتيال التي نفذتها طائرات العدو الصهيوني الليلة الماضية، واُستشهد فيها ثلاثة من قادة المقاومة الفلسطينية في جنين، هي الأولى منذ 17 عاماً من آخر عملية اغتيال نفذتها طائرات العدو بقصف منزل في عام 2006.
وعلى الرغم من تلقي العدو الصهيوني خلال الأيام الماضية ضربات موجعة بدءاً من جنين ومخيمها وحتى مستوطنة “عيلي” الصهيونية، إلا أنه لازال يمارس إجرامه بحق الفلسطينيين باستهدافهم في كل مكان.
فصائل المقاومة الفلسطينية نددت في بيانات منفصلة لها بجرائم العدو الصهيوني المتواصلة في جنين ومخيمها.. مؤكدة أن دماء شهداء جنين الأبطال الطاهرة لن تذهب هدرًا وأن الشعب الفلسطيني ومقاومته لن تخيفه أو تكسره مجازر وجرائم العدو الصهيوني.
وشددت الفصائل على أن “المقاومة في الضفة صلبة وقوية، والعدو أبعد ما يكون عن حسم المعركة ضد المقاومة في جنين والضفة”.
ومن دلالات عودة العدو الصهيوني لتفعيل سياسة الاغتيالات بعد 17 عامًا من توقفها في الضفة الغربية المحتلة، عجزه في مواجهة المقاومين وفشله في الوصول إليهم خلال الاقتحامات الأخيرة، لا سيما بعد وقوع آلياته في كمين العبوات الناسفة وإعطاب سبع منها وإصابة ثمانية من جنوده واستهداف مروحية عسكرية.
وقال المختص في الشأن الصهيوني عادل ياسين لوكالة “شهاب” للأنباء: “إن العودة لاستخدام الطائرات غير المأهولة لتنفيذ الاغتيالات في مناطق الضفة بعد 17 عامًا من التوقف عن استخدامها، تزامن مع الإخفاقات التي مُنِيت بها وحدات النخبة في جنين، وما ترتب عليها من إصابة ثمانية جنود وإعطاب عدة آليات مصفحة”.
وأكد أن أحد أهداف العودة لاستخدام الطائرات غير المأهولة بعد يوم من انتهاء الأحداث في جنين هو استعادة ما تبقي من قوة الردع التي ثبت تآكلها للمرة الألف سواء أمام المقاومة في غزة أو لبنان أو الضفة الغربية، ومحاولة لطمس وتشويه صورة الانتصار التي انتزعتها المقاومة حينما أجبرت أقوى جيش في الشرق الأوسط على استخدام المروحيات الحربية ووحدات النخبة والطائرات المسيّرة فقط لإنقاذ الآليات المعطلة.
وأوضح ياسين أن “استخدام الطائرات غير المأهولة في منطقة صغيرة كمخيم جنين يكشف مدى تطور أداء المقاومة وبسالة المقاومين وشجاعتهم، وفي المقابل يكشف عن نقطة ضعف الكيان المتمثلة بالعنصر البشري وانعدام الجاهزية والاستعداد للتضحية.
وفي تفاصيل كمين جنين.. انسحبت قوات العدو الصهيوني من مدينة جنين ومخيّمها في شمال الضفة الغربيّة المحتلّة، بعد اشتباكات استمرّت ثمان ساعات، عقب وقوع جنود العدو بكمين محكم أعدّه مقاومي سرايا القدس في مخيّم جنين.
وفجّر المقاومون الفلسطينيون عبوات محليّة الصنع بشكلٍ مباشر في الآليات العسكرية الصهيونية التي اقتحمت الحي في جنين، مما أدّى لإعطاب خمس آليات عسكرية صهيونية واشتعال النيران فيها، فيما اعترف العدو بإصابة سبعة جنود، بينهم حالات خطرة.
وأقرت وسائل إعلام العدو الصهيوني بأنّ “سبع جيبات ومركبات تعرّضت للإعطاب بعد تفجير عبوات ناسفة فيها”.. مبينة أنّ سحبها إلى خارج المخيّم استغرق ساعات.
ويؤكّد مراقبون ومحللين سياسيين أنّ المقاومة الفلسطينية نجحت في تعطيل أكثر الآليات العسكرية تطوّرًا وتحصّنًا من خلال زرع عبوات جانبيّة في طرق انسحابها وهو ما شكّل فشلًا استخباراتيًّا، يُضاف إلى الفشل في عدم القراءة الصحيحة لمنطقة العمليات.
ولأوّل مرّة منذ انتفاضة الأقصى قبل 20 عامًا.. استعان جيش العدو الصهيوني بمروحيات حربيّة، لإنقاذ قواته البرية ووحدات النخبة، مع استمرار الاشتباكات مع المقاومين الفلسطينيين لساعات طويلة، وهذا ما أثبت مجددًا ضعف القوات البرية للعدو الصهيوني واعتمادها على سلاح الجو.
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خلدون البرغوثي، قال في تصريح له نقلته وكالة “فلسطين اليوم”: إن العدو الصهيوني وعبر بيان جيشه ادعى، أن الطائرات الصهيونية تدخلت لمنع عملية فدائية، بعملية اغتيال محددة، مرتبطة بالظرف الميداني، حيث اضطر كيان الاحتلال إلى استخدام المُسيرة لوقف العملية التي كان المقاومون يخططون لها حسب ما يدعي.
وتوقع البرغوثي اشتداد التهديدات الصهيونية للضفة المحتلة وخاصة شمالها، في ظل تصاعد عنف المستوطنين ضد القرى والمدن الفلسطينية، بحماية قوات العدو الصهيوني، والضربات الموجعة التي تلقاها العدو ومقتل مستوطنيه، والتهديدات التي قد تدفع العدو في ظل الضغوط العالية، لارتكاب مزيد من الجرائم بحق المقاومين واللجوء لتكثيف عمليات الاقتحام اليومي، وقد تتطور للتصعيد باستخدام الطائرات.
أما المختص في الشؤون الإقليمية، خليل نصر الله، فقد رأى أن العدو الصهيوني أدخل بشكل مفاجئ سلاح الطائرات المسيرات المسلحة إلى ميدان الاشتباك في الضفة الغربية المحتلة، بتنفيذ عملية اغتيال استهدفت سيارة كان يستقلها مقاومون ينتمون إلى فصائل فلسطينية عدة، ما أسفر عن استشهاد عدد منهم.
واعتبر نصر الله في حديث خاص لوكالة “فلسطين اليوم”، أنه من حيث التوقيت، يحاول العدو الصهيوني ترميم قوة الردع في مواجهة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، خصوصا بعد تلقي قواته ومستوطنيه ضربات قاسية منذ مدة.
وفي مشهد هستيري أعاد للأذهان مذبحة حوارة في شهر فبراير الماضي، شن قطعان المستوطنين الصهاينة مساء الأربعاء، سلسلة هجمات طالت عدداً كبيراً من القرى والبلدات والمدارس في محافظتي رام الله والبيرة ونابلس وسط وشمال الضفة الغربية المحتلة، أسفرت عن استشهاد شاب فلسطيني، وإحراق عشرات المنازل والمركبات، وإلحاق أضرار كبيرة بممتلكات الفلسطينيين، بلغت خسائرهم ملايين الدولارات.
وفي هذا السياق.. قال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية المحتلة غسان دغلس في تصريح له الخميس بحسب وكالة “فلسطين اليوم” الإخبارية: إن “أعداداً كبيرة من المستوطنين المسلحين المتطرفين المدعومين من وزراء حكومة بنيامين نتنياهو شنوا هجوماً كبيراً على ممتلكات وأراضي المواطنين الفلسطينيين في عدد كبير من محافظات وقرى الضفة من مساء الثلاثاء حتى اليوم، نتج عنها ارتقاء شاب وإصابة العشرات إضافة إلى حرق مئات من المنازل والأراضي والممتلكات قُدرت بملايين الدولارات”.
وأوضح دغلس أنّ المناطق التي استهدفها قطعان المستوطنين هي بورين وحوارة واللبن الشرقية والغربية، وبيت فوريك وبيت دجن، لكن منطقة ترمسعيا بين رام الله والبيرة سجلت نصيب الأسد من الاعتداءات المتطرفة، إذ تم إحراق منازل وسيارات وسهول وأراضي زراعية للمواطنين المدنيين، وسط صمت عربي ودولي مُريب.
ويشار إلى أنه في فبراير من العام الجاري، شن قطعان الصهاينة هجمات انتقامية على منازل الفلسطينيين في بلدة حوارة في نابلس شمال الضفة المحتلة، وأحرقوا أكثر من 30 منزلا ومنشأة تجارية وعدداً كبيراً من السيارات الفلسطينية، في حين منعت قوات العدو الصهيوني فرق الدفاع المدني من الوصول إلى المنازل المشتعلة، قبل أن يتكرر المشهد خلال اليومين الماضيين.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجرائم التي ارتكبها المستوطنون بحق المدن والقرى الفلسطينية “بالأعمال إرهابية”.
وقال غوتيريش في بيان له، ليلة الأربعاء: إنه من ضمن الأعمال الإرهابية “كان هناك تخريب وإحراق للأراضي والممتلكات والمدارس من قبل مستوطنين في القرى الفلسطينية حول نابلس ورام الله”.
واحتفى فلسطينيون وعرب ومتضامنين على منصات التواصل الاجتماعي ببسالة المقاومين الفلسطينيين في جنين وتصديهم البطولي للعدوان الصهيوني المتواصل، منذ يوم الإثنين الماضي، على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية المحتلة.
الجدير ذكره أن حصيلة العدوان الصهيوني على جنين ومخيمها بحسب ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، يوم الإثنين الماضي، بلغت ستة شهداء، بينهم طفل، وإصابة أكثر من 91 آخرين، منهم 23 بجروح بين خطيرة وحرجة.. في المقابل أعلن جيش العدو الصهيوني، عن إصابة سبعة من جنوده في المواجهات التي وقعت بمدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.