العلاقات بين إيران والسعودية: ماذا بعد “إعادة التشغيل السلس”؟
السياسية/ ترجمات:
ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
بعد أقل من ثلاثة أشهر من الموافقة على إعادة العلاقات الدبلوماسية، اتخذ الخصمان الإقليميان منذ فترة طويلة، إيران والمملكة العربية السعودية، مؤخرا خطوة مهمة أخرى نحو المصالحة الكاملة.
بحضور كبار المسؤولين من الجانبين، أعيد افتتاح السفارة الإيرانية في الحي الدبلوماسي للأثرياء في شمال غرب الرياض الأسبوع الماضي، بعد سبع سنوات من إغلاقها.
بعد ذلك بيوم، أعيد افتتاح القنصلية العامة الإيرانية وبعثتها الدائمة لدى منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة الساحلية.
كانت القنصلية العامة في جدة نشطة قبل موسم الحج السنوي، لكن تمت إعادة الافتتاح الرسمي يوم الأربعاء بحضور نائب وزير الخارجية الإيراني، علي رضا بكدالي، ومسؤولين آخرين.
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية لم تضع اللمسات الأخيرة على خطط إعادة فتح بعثاتها الدبلوماسية في إيران، إلا أن إعادة فتح السفارة والقنصلية الإيرانية تضع حدا لمدة عامين من الجهود التي توسطت فيها كل من العراق وسلطنة عمان والصين لمساعدة الخصوم على دفن الأحقاد.
قال ميسام ميرزابور، المحلل والباحث السياسي المقيم في طهران، للأناضول: “كان من الواضح أن المملكة العربية السعودية لن تكون أول من يعيد فتح سفارتها في طهران، على الرغم من التقارير التي تردد أنها عينت سفيرها القادم في إيران.”
لكن الطريقة التي تقدمت بها عملية المصالحة هذه منذ مارس تظهر أن الدبلوماسية تعمل بالفعل .
جاء الإعلان عن إعادة فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية بعد أيام من عقد كبار الدبلوماسيين الإيرانيين والسعوديين محادثات على هامش الاجتماع الأخير لبريكس، وهو تكتل متعدد الأطراف يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، في بلدة كيب.
وهذا هو الاجتماع الثاني بين حسين أمير عبد اللهيان ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، عقب محادثات التي اجريت في 6 أبريل في العاصمة الصينية بكين.
قطعت إيران والسعودية العلاقات الدبلوماسية في يناير 2016 بعد أن اقتحمت حشود غاضبة السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مدينة مشهد بعد إعدام رجل دين شيعي في المملكة العربية السعودية.
في أبريل 2021، بدأ الجيران المنفصلون محادثات بوساطة من العراق وسلطنة عمان، وبعد ما يقرب من عامين، تم تحقيق انفراجه بفضل حليفتهم المشتركة، الصين.
في أواخر الشهر الماضي، عينت إيران علي رضا عنياتي، الدبلوماسي الكبير والمبعوث السابق إلى الكويت الذي شارك عن كثب في المفاوضات، سفيرا جديدا لها في السعودية.
ماذا يترتب على الوفاق؟
كان للتطبيع بين إيران والمملكة العربية السعودية تأثير مضاعف في جميع أنحاء المنطقة، مما مهد الطريق لتقارب مماثل بين طهران والدول العربية الأخرى المنفصلة.
بعد أن قطعت الرياض العلاقات مع طهران في يناير 2016، حذا العديد من حلفائها حذوها أو خفضوا العلاقات، بما في ذلك الإمارات والأردن والبحرين والكويت ومصر.
وقد أعادت الإمارات والكويت بالفعل العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتبادلا السفراء، في حين تسارعت جهود إحياء علاقات طهران مع البحرين والأردن ومصر.
يعتقد الخبراء أن التقارب الإيراني السعودي يبشر بالخير للبلدين والمنطقة ككل.
قال هادي سيد أفغي، الدبلوماسي الإيراني السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط، للأناضول إن البلدين يبحثان عن “فوائد أمنية واقتصادية، ويمكن لإيران أن تعمل بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لزيادة صادراتها النفطية، أو في منظمة التعاون الإسلامي لتخفيف الانقسامات بين الدول الأعضاء وتعزيز السلام في المنطقة”.
كما أشار إلى “الأثر الإيجابي” للانفراج الإيراني السعودي على مختلف الصراعات في المنطقة.
“في اليمن، تشارك الرياض في محادثات سلام جادة مع أنصار الله”.
وفي سوريا، نرى حملة تطبيع بين دمشق والرياض.
وفي لبنان، تسعى الأحزاب السياسية الآن بنشاط لإنهاء الجمود السياسي المستمر منذ سنوات باختيار رئيس .
غير أنه سارع إلى إضافة أنه لا يزال هناك مجال “لتعاون أكبر” بين الجانبين.
الظل الإسرائيلي
حذر عنايتي، السفير الإيراني المعين حديثا في الرياض، من أن “إسرائيل” تريد “تعطيل” العلاقات بين طهران والرياض.
وفي مقابلة مع محطة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية، قال إن العديد من الدول رحبت بإحياء العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، لكن البعض، مثل إسرائيل، يعتبرها “لا تطاق.”
يأتي التطبيع بين إيران والسعودية أيضا وسط حملة عدوانية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتقارب بين السعودية و”إسرائيل”.
لكن إيران وإسرائيل تنظران إلى بعضهما البعض على أنهما عدوان لدودان ولا تربطهما علاقات سياسية أو دبلوماسية.
قال وزير الخارجية، أنتوني بلينكين، الذي كان في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، إن تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وجيرانها يمثل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة.
وقال أفغي إن الولايات المتحدة “تعمل منذ سنوات” للتوسط في السلام بين الرياض وتل أبيب، لكن حقيقة أن السعودية أعطت إيران الأولوية تظهر انقسامات في العلاقة بين الرياض وواشنطن.
وقال إن “السياسيين الإسرائيليين أعربوا عن استيائهم من اتفاق التطبيع بين إيران والسعودية، ودفعوا الولايات المتحدة للقيام بشيء حيال ذلك”.
“الولايات المتحدة مستعدة بالتأكيد لوقف عملية التطبيع أو إبطائها لكنها، حتى الآن، لم تكن قادرة على فعل ذلك”.
إمكانات تجارية “هائلة”
في الشهر الماضي، اتفق البلدان أيضا على استئناف التجارة الثنائية، حيث قال مسؤولون إيرانيون كبار إن عملية بدء الصادرات إلى المملكة العربية السعودية قد بدأت.
وقال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، إن هناك “الكثير من الفرص” للاستثمار في إيران.
في الشهر الماضي، أصبح وزير الشؤون الاقتصادية والمالية، إحسان خندوزي، أول وزير إيراني يزور المملكة العربية السعودية، حيث شارك في القمة السنوية للبنك الإسلامي للتنمية وعقد سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين السعوديين بشأن إحياء العلاقات التجارية، بحسب ما أفادت مصادر رسمية.
وفي سياق منفصل، نقلت وسائل إعلام محلية عن فرزاد بيلتان، مدير منطقة غرب آسيا بمنظمة ترويج التجارة الإيرانية، قوله الشهر الماضي إن طهران تتطلع إلى تجارة بقيمة مليار دولار مع السعودية.
وقال إنه يمكن رفع الرقم إلى ملياري دولار، مع التركيز على الصلب والزعفران والسجاد والأسمنت والفواكه المجففة ومنتجات أخرى.
وقال ميرزابور للأناضول إن إعادة فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية في السعودية سيعيد إحياء العلاقات التجارية بين البلدين ويعطي زخما لها، إن هناك إمكانات هائلة” للتجارة بين البلدين، ما تحتاجه إيران في الوقت الحالي هو الاستثمارات، والسعودية أعربت بالفعل عن استعدادها وإرادتها السياسية، كما يتضح من تصريحات وزير المالية السعودي.”
“بالطبع، هناك عقبات، مثل القيود المصرفية والغموض القانوني والتشغيلي الذي قد يواجهه المستثمرون، لكنني متأكد من أن الجانبين سيتمكنان من إيجاد طريقة للتغلب عليها.”
يعتقد الخبراء أن المملكة العربية السعودية يمكن أن تستثمر في المجالات التي لا تغطيها العقوبات أو حيث توجد إمكانية للتحايل على القيود.
يمكن للرياض أيضا طلب إعفاءات من واشنطن في بعض الحالات.
قال ميرزابور: “من السابق لأوانه تحديد المسار الذي ستتخذه هذه العلاقة … ولكن، حتى الآن، كانت بداية جيدة وسلسة.”
- موقع ” ميدل ايست مينتور- Middle East Monitor” البريطاني
- المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع