أحمد يحيى الديلمي ——–

بكل المقاييس مثل 22 مايو في العام 1990م ، أعظم إنجاز وأهم محطة في تاريخ اليمن الحديث .. فما الذي حدث بعد ذلك ؟

الحقيقة أن إعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني بطرق سليمة في حين أعاد اللحمة للأرض والإنسان وأذهل العالم كحدث إستراتيجي ، أسقط كل الخيارات والرهانات إلا أنه أثار حفيظة أعداء الوطن المتربصين به وأدواتهم في الداخل.

ها هو التاريخ يعيد نفسه ، فمن يحاولون اليوم إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ويسعون إلى تمزيق الوطن من جديد ، هم نفس الاصطفاف الذي عمل خلال الفترة بين إعلان عدن وتحقيق الإنجاز على إحباط الخطوة أو اتشكيك في إمكانية الوصول إليها فالسعودية عرضت مغريات كبيرة جداً على قيادة الجنوب في السابق لمحاولة إثنائهم والتراجع عما تم الاتفاق عليه ، ووضعت عملائها في الداخل من الإخوان المسلمين والمشايخ في حالة استعداد ونشاط دائم للحيلولة دون تحقيق الإنجاز فاستخدموا كل الوسائل وأخطرها لمحاولة اقناع الشارع بأن الوحدة تآمر على الاسلام بهدف توسيع دائرة الرفض .. أما دولة الامارات العربية المتحدة فقد اكتفت بالتهديد والوعيد كما أفصح عن ذلك الشيخ زايد بن سلطان أثناء استقباله المرحوم الدكتور حسن محمد مكي مبعوث الرئيس الأسبق إليه ، فلقد شكك في إمكانية تحقيق الوحدة وخاطبه قائلا “اذا تحققت فإننا سنقسم اليمن إلى أربع دول بدلاً من دولتين ” ، مع ذلك سقطت كل هذه الرهانات وانتصرت إرادة اليمنيين ، واستطاعت أن تفشل كل النوايا الخبيثة وجعلتها تتوارى إلى قعر النفوس .. وها هي اليوم نفس القوى تحاول ترجمة تلك النوايا ليس بالقول ولكن بالفعل من خلال العدوان الهمجي السافر مستغلة انزلاق الادوات المحلية نفسها إلى مراتع الخيانة والتآمر ، إضافة إلى الموروث الذي تسبب فيه أحد شركاء تحقيق الوحدة عندما رفع شعار الوحدة أو الموت في غير زمنه وراهن عليه لتحفيز قطاع كبير من اليمنيين ، فكانت النتيجة إسقاط سلمية الحدث وهو الشيء الذي تميز به وإبداله بشعار الضم والإلحاد القسري بقوة السلاح والقمع والتنكيل والسلب والنهب على قاعدة سلوك المنتصر على المهزوم لما مثلته من قسوة شدت الطرف المستهدف إلى ماضي التشطير البغيض وهذا ما يحاول المحتلون الجدد الرهان عليه كأهم وسيلة لترجمة تلك النوايا الخبيثة.

واليوم ونحن نعيش أجواء مايو ونحلق في سماء ذلك الإنجاز التاريخي العظيم وأمام ما يجري في الواقع فإن كل يمني مطالب بأن يرفع شعار الوحدة أو الموت لأن هذا هو زمنه الحقيقي ، ويجب الرهان عليه في توحيد الصف وإظهار الحزم وقوة بأس اليمنيين ضد الغزاة المحتلين لإجبارهم على الرحيل وضمان استقلال الوطن والحفاظ على الوحدة ..

فالعقل والمنطق وصدق المواطنة يحتم بأن يكون هذا هو شعار وخيار كل يمني شريف حتى يتم دحر المحتلين وتحرير الأرض .. والله من وراء القصد..