السياسية:
شارل أبي نادر*

 

في الوقت الذي يجهد فيه أغلب المتابعين في المنطقة والعالم، بهدف محاولة ضبط وفهم ما تقوم به الجمهورية الإسلامية في إيران، تُفاجئ الأخيرة هؤلاء بإنجازات لافتة، وذلك على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وخاصة في مجالات التصنيع العسكري.

وفيما يزال الكثير من الجيوش والمتخصصين بصناعة وتطوير الأسلحة عبر العالم، يعملون لتقييم حقيقة القدرات والإمكانات الفعلية، والتي كانت وراء ما حققته إيران، وبَرعت به في مجال الصواريخ الباليستية والمسيّرات ومنظومات الدفاع الجوي والقطع البحرية، أزيح الستار في طهران وبحضور الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي عن صاروخ “فتاح” الفرط صوتي (سرعته تفوق سرعة الصوت)، كأحدث إنجاز استراتيجي للقوة الجو فضائية التابعة لحرس الثورة الإيراني.

ومع تأكيد الرئيس رئيسي خلال كلمته أنّ “قوة الردع الإيرانية هي قوة دفاعية، وليست هجومية أبداً”، وأنها نقطة قوة تسهم في استتباب الأمن في المنطقة، وبأنّ رسالة الإيرانيين هي “رسالة أمن للمنطقة، ورسالة عزة وفخر واقتدار لإيران”، تتجه الأنظار إلى ما يمتلكه هذا الصاروخ من مميزات تقنية وعسكرية، والأهم، إلى ما يقدمه لإيران على المستوى الاستراتيجي.

عسكريًا وتقنيًا:

يمتلك صاروخ “فتّاح” قدرات تكتيكية، نظراً لوجود فوهة وقود صلب في المرحلة الثانية، ولديه القدرة على الوصول إلى سرعات عالية جداً، بين ١٣ و١٥ ماخ (الماخ الواحدة هي سرعة الصوت)، ومع مدى يصل إلى ١٤٠٠ كلم، وأيضاً يمكن له إجراء مناورات مختلفة داخل وخارج الغلاف الجوي للأرض، محققًا بذلك ميزة هي الأهم في عالم الصواريخ وهي “تجاوز” أغلب أنظمة الدفاع الجوي للعدو.

بالإضافة لهذه الإمكانيات، يتميّز “فتاح” بدقة مميزة على إصابة الأهداف، وذلك بعد اختراق أجوائها بسرعة عالية جداً، مع قدرته الممتازة على المناورة والتخفي، وخاصة في المرحلة الأخيرة من مساره في الجو قبل اصطدامه بالهدف، والتي هي المرحلة الأكثر حساسية، حيث تكون عادة المرحلة الأنسب لنجاح منظومات الدفاع الجوي العدوة باستهداف المقذوفات الطائرة، بعد أن تكون الأخيرة قد قطعت المسافة الأبعد واحتاجت الوقت الأكبر، الأمر الذي يسمح عادة لهذه المنظومات الدفاعية بالتعرف على الهدف وإكمال آلية التوجيه والاطلاق، وبالتالي يكون لديها الفرصة الأفضل لاستهداف الصواريخ.

استراتيجيًا:

أولًا: أن تنجح الوحدات التصنيعية العسكرية الإيرانية في تحقيق هذه المميزات التقنية ووضعها على صاروخ مثل “فتاح”، مثل السرعة فرط صوتية، والدقة التوجيهية والتغلب على أغلب منظومات الدفاع الجوي الأكثر تطورًا، فهذا يؤشر إلى أن لديها القدرة والامكانية لتصنيع صواريخ أو أسلحة نوعية أخرى، تكون مميزة ولافتة وتحقق ما يشبه السبق أو الإنجاز على ساحة التصنيع العسكري الدولية، ومسيّرة شاهد التي شكلت صدمة لأغلب المراقبين والمتخصصين في العالم، هي شاهد على هذه الإنجازات.

ثانيًا: مع “فتاح”، إيران تدخل نادي الفرط صوتي العالمي، وعمليًا، أن تنجح في معركة الفرط صوتي، والتي تتواجه وتتبارز فيها اليوم وبشراسة، الدول الكبرى الثلاث فقط، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين (روسيا هي الأولى حتى الآن على هذا الصعيد)، فهذا يضع الجمهورية الإسلامية في إيران في مربع متقدم جدًا على الصعيد العالمي، تنافس به الكثير من الدول الصناعية المعروفة عالميًا بصناعاتها العسكرية مثل بريطانيا وفرنسا واليابان.

ثالثًا: وقد يكون هو الأمر الأكثر حساسية على الصعيد الدولي، حيث “فتاح” يضع إيران اليوم في موقع الطرف المؤثر وبقوة من بين اللاعبين الكبار، في ظل الاشتباك الاستراتيجي العالمي، وذلك بين الشرق والغرب، وتحديدًا على صعيد المواجهة غير المسبوقة حاليًا بين واشنطن وحلفائها الآسيويين والغربيين من جهة، وبين روسيا والصين والجمهورية الإسلامية من جهة أخرى.

وأخيرًا، لتكون “إسرائيل” اليوم مع ما حققته إيران أو يمكن أن تحققه عبر “فتاح”، الطرف الأكثر اهتمامًا بقدرات هذا الصاروخ، والتي ستكون طبعًا، المستهدف الأول، على صعيد التداعيات التدميرية في حال المواجهة مع إيران أو على صعيد الردع، مع ما يراكمه هذا الصاروخ المميز بإمكانياته في هذا المجال.

* المصدر: موقع العهد الاخباري

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر