أحمد يحيى الديلمي —–

وردت الزكاة في القران الكريم عشرات المرات بصيغة الأمر والنهي والترغيب والترهيب ، واقترنت مع الصلاة في 27 موضعاً ، وذلك لبيان أهميتها وحث كل مسلم على لالتزام بالفريضة الواجبة كما يلتزم بالصلاة.

والزكاة عبادة مالية جاءت في نطاق التنظيم الالهي لحياة البشر ، وهكذا تقول الأبعاد الكلية لهذا الواجب التعبدي ، فلقد تحددت الدلائل الاقتصادية وظهر البعد الاجتماعي لبيان عظمة المعالجات الاسلامية لأصعب المشاكل التي تحيط بحياة البشر ، كون الاسلام عامل وجداني حرر الارادة الانسانية من الموروث الجاهلي ، وفي المقدمة رفض تغّول المال وتركّزه لدى عدد محدود من الناس مقابل حرمان القطاع الأكبر وتركهم فريسة للجوع وذل للفقر ، بحيث مثلت الزكاة معالجة عملية ضيقت الفجوة ، وحفظت الكرامات مع بيان أسس عدالة التوزيع لأن الجباة والتوزيع ظلت من اختصاصات ولي الأمر بحسب التوجيه الالهي الذي اختص النبي بالأمر ، وما كان للنبي صلى الله عليه واله وسلم فإنه ينتقل إلى ولي الأمر المختار من الأمة .

هذه الفلسفة العميقة للأسف الشديد خضعت لاجتهادات وتفسيرات خاطئة ، جردت الفريضة من قدسية الحق التعبدي والمعالجة الالهية برؤيتها الانسانية ، وبعدها الاجتماعي إلى مصدر لخدمة الاهواء الذاتية ، والمكاسب الحزبية في فترة من الفترات لأن الخالق سبحانه وتعالي أوكل المهمة إلى ولي الأمر لتخفيف العبء الاجتماعي على الفقير ، كون ما تأتي به الدولة يمثل عطاءً بينما ما يقدمه الإنسان يحمل المن ويجرح الكرامة.

المشكلة أنه حدث خلط كبير بسبب الاجتهادات التي اسلفت بحيث تم المزج بين الصدقة والزكاة ، وأصبح الكثيرين يعتبرون عدم اهّلية الدولة لتحصيل وإنفاق هذه الفريضة ، فذهب كل مكلف إلى انفاق ما عليه أو تقديمها إلى جمعيات وأحزاب يثق بهم ، وهنا تكمن الخطورة لأن الخلط العشوائي وعدم التمييز بين الزكاة الواجبة والصدقة الطوعية أدى إلى الإرباك وحرمان المستحقين مما فرضه الله لهم ، والآن وبعد أن تم إنشاء الهيئة العامة للزكاة برئاسة الشيخ الفقيه شمسان أبو نشطان ، اعتقد أن كل الشكوك والأوهام ذهبت ادراج الرياح خاصة أن الشيخ شمسان بدا يترجم المهمة عملياً ويحرص على انفاق الزكاة في المصارف المحددة ، وبهذا انتقلت المهمة والمسئولية إلى المكلف نفسه ، فعليه أن يتقي الله ويبادر إلى دفع ما عليه بصدق وأمانة كي يتخلص من اوزار وآثام هذا الواجب التعبدي .. فهل يعي الجميع حجم المسؤولية ؟ نأمل ذلك والله من وراء القصد…