أحمد يحيى الديلمي—–

من خلال العودة إلى السفر الطويل من القصائد والأشعار التي قيلت في القدس يستوقف الإنسان ذلك المقطع من قصيدة للشاعر العراقي العروبي مظفر النواب حينما قال : القدس عروس عروبتكم وذهبتم تسترقون السمع .. لفض بكارتها يا أبناء (…….) هل تبقى مغتصبه !؟ فعلاً ها هم العرب يجتمعون كما لم يجتمعوا من قبل لاستراق السمع وترامب يحاول أن إفتضاض بكارة القدس وهم يهللون بل ويهرولون بشكل جنوني ويتهافتون للاعتراف بدولة الكيان الصهيوني بالمجان ودون الحصول على أي مقابل ، الكل متآمر يعمل لمصلحة إسرائيل وكيان هذه الدولة ، ولولا ذلك التواطىء العربي المهين لما استطاع ترامب أن ينفذ قراره بنقل سفارة بلاده إلى القدس ويعتبرها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني وينسب ذلك إلى حق تاريخي كما زعم . إنه استخفاف بمشاعر العرب والمسلمين واستهانة بهم لأنهم هم من استحلوا هذه الاستهانة وهم من انبطحوا أمام هذه الرغبة المجنونة للرئيس الأمريكي المهووس ترامب ، طعنات أنظمة الخيانة والعمالة والنفاق ضربت في الصميم وهي اليوم تسير على نفس المنوال وإن بشكل سري لتطبل لما يسمى بصفقة القرن ، هذه المباركات حتى الضمنية منها ستشجع ترامب لأن يوغل في التآمر ويعمل على تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي كما لم يحدث من قبل ، فالسادات مثلاً وقع الاتفاق ولم يحدث هذا الهوان وكذلك الملك حسين وقع اتفاق وادي عربه دون أن تصل الأمور إلى هذا الحد من الهوان ، مبعث الخطورة اليوم كما جاء على لسان سماحة أمين عام حزب الله السيد / حسن نصر الله ، هو أن دولة مثل السعودية تتزعم خطوات التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني ، بعد أن ترسخ في أذهان المسلمين وغير المسلمين على مدى قرن من الزمن أن نظام آل سعود هو حامي حمى الإسلام والمعبر عنه ، ومن ثم فإن مهازل الهرولة المخزية لهذا النظام نحو التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني يعني توفير الغطاء الديني لمواقف الدول الأخرى المهينة وإعطاء شرعية مطلقة لوجود هذا الكيان على أرض فلسطين السليبة وعلى حساب الحق المشروع للشعب الفلسطيني في العودة وإقامة دولته المستقلة على جميع أراضيه ، والغريب أن هناك رجال دين على استعداد تام لدعم فكرة التطبيع بنصوص قرآنية وأحاديث نبوية ملفقه ، فطالما تمادى هؤلاء الدعاة وكذبوا على الرسول بنسبة أحاديث إليه وهو برئ منها ، على هذا الأساس نجد محمد بن سلمان يتباهى بالدفاع عن حق الصهاينة في الوجود ونجد الوزير الأردني صالح غلاب أحد جوقة تسويق الظلال وتزييف وعي المواطن العربي والإسلامي يقول : “بأن صراعنا مع الصهاينة ليس صراعاً إيديولوجياً وإنما جغرافياُ وسياسياً من السهل حله أما الصراع الإيديولوجي فهو مع إيران ” بحسب زعمه ، أنظروا أيها الأخوة مدى المهانة التي وصلنا إليها !! هذا إنسان يدعي بأنه مثقف عربي مسلم ويتمادى في الغي إلى هذا الحد ، ويمعن في نصرة الأعداء ، فكيف ننتظر من الآخرين أن يحترموا قرارات الأمة ورغباتها ، إنها قمة المهزلة والمهانة !! لكن ما يُثلج الصدر أن الأنظمة في وادي والشعوب في وادي أخر ، وإنشاء الله لن تنتصر إلا إرادة الشعوب وتستعيد الحق المسلوب من الصهاينة ، ومن ثم تسحق هذه الأنظمة المتخاذلة وتُعيد للأمة كيانها وقوتها ، وفي المقدمة الحفاظ على القدس كعاصمة تاريخية وأبدية للشعب الفلسطيني والقبلة الأولى للمسلمين ، وليس ذلك على الله بعسير .. وأختم بقول الشاعر : من يهن يسهل الهوان عليه ** ما لجرح بميت إيلام والله من وراء القصد . .