السياسية:
شارل ابي نادر* 

كشف قائد القوات البحرية الإيرانية الأميرال شهرام إيراني في تصريح عن تطوير طائرة مسيّرة مضادة للغواصات، قادرة على رصد وتدمير السفن الحربية وغير الحربية عبر تقنية نظام “السونار” للملاحة، والتي تتيح التعرف على السفن والغواصات من خلال انتشار الموجات الصوتية تحت الماء وتحديد اتجاهها ومسافتها.

جاء هذا الكشف بعد أقل من أسبوع على المسيرة البحرية التي رعتها الوحدات البحرية الإيرانية من مرفأ بندر عباس على الخليج، ومن مرفأ غيلان شمال إيران على بحر قزوين، مُطلِقةً مجموعة رمزية من السفن والبوارج والزوارق الحربية، وذلك في مناسبة يوم القدس العالمي، بالتزامن مع حركة بحرية في مرفأ الحديدة اليمني وفي غزة وفي منطقة شط العرب العراقية على الخليج، تعبيرًا عن تلاحم أطراف محور المقاومة في يوم القدس العالمي، والتزامًا بالثبات يدًا واحدة بمواجهة الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين.

قد يكون الحدثان مستقلين أو منعزلين عن بعضهما بعضًا في الظاهر، حيث التصنيع والتطوير الحربي الإيراني لم يتوقف ومساره مستمر بشكل دائم، وحيث الاحتفال بيوم القدس العالمي هو أيضا حدث سنوي أطلقه مفجّر الثورة الإسلامية الإمام الخميني، دأبت ايران وكل أطراف محور المقاومة على الالتزام به كل عام، ولكن، ومن خلال ما تمر به المنطقة والعالم اليوم من أحداث مفصلية، ومن خلال البعد الإسرائيلي الذي يفرض نفسه بقوة في هذه الأحداث المفصلية وخاصة الإقليمية، يمكن إيجاد رابط مهم وأساسي بين الحدثين، نستطيع الإضاءة عليه انطلاقًا من المعطيات التالية:

* لناحية المسيرة البحرية في يوم القدس العالمي

لا شك أن رسائلها تجاوزت الرسالة الوجدانية للذكرى “يوم القدس العالمي” مع أهمية موقعها في أدبيات كل أطراف محور المقاومة، كالتزام ثابت في مواجهة الاحتلال الصهيوني وملاحقته حتى زواله، وصولًا الى الرسائل التالية:

– رسائل تواجد وتأثير (عسكري واستراتيجي) على كامل مسار بحري من أكثر المسارات حساسية في العالم اليوم، يمتد من إيران بكافة موانئها العسكرية والتجارية على بحر قزوين أو على الخليج، إلى مضيق هرمز وخليج عمان فبحر العرب ومضيق باب المندب ومرفأ الحديدة اليمني على البحر الأحمر وصولًا إلى شواطئ لبنان على المتوسط مرورًا بشواطئ فلسطين المحتلة في غزة.

– رسائل تأكيد وتثبيت معادلة ترابط ساحات أطراف محور المقاومة بمواجهة الكيان الصهيوني، بالتوازي مع اكتمال مسار ترابط هذه الساحات برًا، عبر اكمال هذا الترابط في البحر، انطلاقًا من ربط عدة نقاط بحرية أثبتت قدرتها على التأثير في أية مواجهة، من سواحل جنوب لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة، حيث أُرغِمت “إسرائيل” على القبول بمطالب لبنان في اتفاقية الترسيم البحري المعروفة مؤخرًا، مرورًا بشواطئ غزة التي أثبتت أهميتها كثغرة بحرية فعالة في كسر الحصار على المقاومة الفلسطينية، وصولًا الى مرفأ الحديدة اليمني، والذي كسر غرور وغطرسة العدوان طيلة فترة الحرب على اليمن وبقي صامدًا، كنقطة ارتكاز بحرية عسكرية، ساهمت في تأكيد انتصار أبناء اليمن، حتى مضيق هرمز ومرفأ بندر عباس، حيث فرض وثبّت دائمًا الإيرانيون عبرهما سيادتَهم، بمواجهة القدرات البحرية الغربية الضخمة وخاصة الأميركية.

* لناحية المسيَّرة الإيرانية المضادة للغواصات والسفن الحربية

– في متابعة القدرات التقنية لهذه المسيّرة، يمكن القول إنها قادرة على تحقيق مستوى مرتفع من الرصد والحماية لمنطقة بحرية شاسعة، تعج بالسفن الحربية التابعة لمروحة واسعة من القوى الإقليمية والدولية، ومع قدرتها على تمييز واستهداف الغواصات، سيكون للقوة البحرية الإيرانية عبرها القدرة على تحقيق حماية استباقية للسفن الإيرانية كافة، الحربية والتجارية، وللسواحل الإيرانية الغربية والغربية الجنوبية، والتي تمتد لمسافة لا تقل عن 1000 ميل بحري، بين جابهار الإيرانية على الحدود مع باكستان وبين شط العرب على الحدود مع العراق، إضافة أيضًا لما يمكن أن تحققه هذه المسيّرات من رصد ومراقبة على كامل المسار البحري من الخليج حتى قناة السويس شمال غرب البحر الأحمر.

– أيضًا جاء الإعلان عن هذا الإنجاز ليتوج مرحلة من التواجد الفاعل ومن السيطرة الإيرانية المقبولة في المنطقة البحرية الحساسة بين الخليج وبحر العرب وشمال المحيط الهندي ومضيق باب المندب وصولًا إلى البحر الأحمر، حيث تتدافع وتتسابق اليوم القوى الدولية البحرية لفرض تواجدها ونفوذها في منطقة اشتباك استراتيجي من الدرجة الأولى على الساحة العالمية، ويتشكل تحالفٌ ثلاثي صيني إيراني روسي، بدأ يفرض نفسه على هذه الساحة، وبدأ ينجح في فرض تهديد جدي بمواجهة القطبية الأحادية الأميركية.

* لناحية البعد الإسرائيلي

يمكن استنتاج البعد الإسرائيلي والذي يمكن ربطه بهذا المسار البحري والقدرات الإيرانية البحرية النوعية، ومن خوف “إسرائيل” عمليًا مما يمكن أن ينتج من الاتفاق الإيراني – السعودي، حيث عبّر عن هذا الخوف مؤخرًا الصهيوني يهوشع كليسكي والمسؤول الأمني السابق والباحث الكبير في معهد أبحاث ما يُسمى “الأمن القومي الصهيوني”، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق سيشكل من ناحية إيران إنجازًا سياسيًا إضافيًا ينضم إلى سلسلة إنجازاتها في الفترة الأخيرة، وقد يفتح جبهة جديدة للكيان الصهيوني من خلال مهاجمة منشآت استراتيجية، ومهاجمة مطار إيلات ومحيطه، ومنشآت نفطية، ومهاجمة مطارات في المنطقة، أو مهاجمة سفينة في البحر الأحمر يملكها رجال أعمال “إسرائيليون”، مما يتسبب بضربة قاسية لممر تجارة “إسرائيل” مع الهند ودول الشرق الأقصى في إيلات المُطلة على البحر الأحمر في جنوب فلسطين المحتلة.

وليخلص الباحث الصهيوني إلى تثبيت هذا الرابط بين الحدثين وبين تأثيرهما على “إسرائيل” بقوله: “في هذا السيناريو تجد “إسرائيل” نفسها محاطة بطوق شيعي – سني مسلّح بأسلحة متنوعة من السهل تفعيلها، ومن الصعب كشفها واعتراضها وذات قدرات تدميرية كبيرة… هذا الطوق يشمل إضافة إلى الحوثيين (أنصار الله) في الجنوب، حلفاء إيران من الشرق- في العراق، وحزب الله في الشمال وحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة من الغرب”.

* المصدر: موقع العهد الاخباري

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع