ما الذي تقوله صفقة تبادل الاسرى مع تحالف العدوان؟
علي الدرواني
كثيرة هي الدلالات التي حملتها صفقة شهر رمضان لتبادل الاسرى مع تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، سواء منها السياسية او الإنسانية، وبابعادها الوطنية والقانونية، بل وحتى عن طبيعة الصراع الدائر منذ ثمان سنوات، والتي تحاول السعودية مؤخرا تقمص دور الوسيط فيه.
أول هذه الدلالات هو طبيعة الدور السعودي في العدوان على اليمن، فوصول 250 اسيرا من السعودية الى مطار صنعاء الدولي، ونقل 15 اسيرا سعوديا و3 سودانيين الى الرياض، يشير الى حقيقة المشاركة السعودية كطرف اصيل في العدوان على اليمن، والا فما يبرر وجود الاسرى لديها، واسراها لدى القوات المسلحة اليمنية في صنعاء، وهذا ينسف فكرة الوساطة السعودية، ويؤكد انخراطها الذي لا شك فيه في العدوان، بل على راس العدوان، وهو الامر الذي ظلت السعودية تردده منذ اعلان ما سمي عاصفة الحزم من قبل سفيرها بواشنطن حينها عادل الجبير، وتؤيده المؤتمرات الصحفية العسكرية للناطق العسكري احمد عسيري او خلفه تركي المالكي، وتشهد عليه اكثر من 100 طائرة عسكرية سعودية حديثة من طراز اف 15، و اف 16 وغيرها شاركت في القتل والتدمير طوال ثمان سنوات، وطالت النساء والأطفال والبنى التحتية، ناهيك عن الحصار الظالم والمتوحش على الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، وكلها أمور وثقتها تقارير الأمم المتحدة ومنظماتها، وهيئاتها، ولجان التحقيق التابعة لمجلس الامن ومجلس حقوق الانسان، ووضعت السعودية في مكانها الصحيح شريكة اصيلة وقائدة لتحالف العدوان على اليمن.
ثانيا، فيما يخص تصنيف الاسرى، فان الملاحظ على المفرج عنهم من سجون العدوان السعودي او المرتزقة، هو وجود معتقلين مدنيين، بنسبة لا بأس بها، لا علاقة لهم بالحرب ولا الجبهات العسكرية، بل هناك نساء وأطفال تم اعتقالهم من المنازل، والطرقات، كما هو حال عشرة أطفال من بيت الأمير اختطفتهم مليشيا حزب الاصلاح من منازلهم في مارب، وكذلك الأخت سميرة مارش، التي اقتحمت قوات تابعة للعدوان منزلها في منتصف الليل واقتادتها الى سجونها ورفضت كل الوساطات القبلية والإنسانية، للافراج عنها، رغم ما تمثله من جريمة العيب الأسود في العرف القبلي، وهي جريمة غريبة على المجتمع اليمني ولا تمت لاخلاق اليمنيين باي صلة، دفعت بالقيادة الكريمة ممثلة بالسيد عبدالملك الحوثي حفظه الله، والمجلس السياسي الأعلى، لوضعها على قائمة التبادل مقابل مجرمين متورطين في التخابر مع دول العدوان وتقديم الاحداثيات للطيران لاستهداف منشئات مدنية ونتج عنها العشرات من الشهداء والجرحى، والامر نفسه ينطبق على مختطفي ال الأمير، لا سيما الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم من 10-14 سنة يوم اختطافهم، وفشلت كذلك كل جهود الوساطات القبلية بشأنهم لدى حزب الاخوان الاصلاحييين في مارب، بعد ان ران على قلبهم التماهي مع تحالف العدوان على أهلهم وناسهم وأبناء بلدهم، لم تتحرك فيهم نخوة ولا ضمير ولا عادة القبيلة الاصيلة ولا اخلاق الدين الحنيف، ولا الوطنية الكاذبة التي يتغنون بها.
ثالثا: وصول كل اسرى الجيش والقوات المسلحة اليمنية، الى صنعاء، في استقبال رسمي وشعبي حاشد على مدى ثلاثة أيام، وكان في استقبالهم في مطار صنعاء الدولي كبار قيادات الدولة بدءا بالرئيس المشاط ورئيس الحكومة وأعضاء مجلسي النواب والشورى والوزراء ورؤساء المؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية ومشائخ القبائل، في صورة عكست مدى الترحيب والاهتمام والاعزاز والاكبار للابطال العائدين من سجون العدو، وعكست أيضا مفهوم الدولة التي تحترم أبنائها وابطالها، والسلطات الموحدة التي تليق باليمن وشعبها وتضحياته الجسام وصموده الأسطوري منقطع النظير.
بالمقابل جاءت الصورة لدى الطرف الاخر، عكسية تماما، فهم عبارة عن مليشيات متحاربة مختلفة، يصل بعض الاسرى الى عدن والاخرون الى مارب ، والجزء الثالث يصل الى الرياض، ناهيك عن الانطباع الذي ترافق مع وصول محمود الصبيحي وزير الدفاع السابق في حكومة المرتزقة الى مطار عدن، وظهر خلاله رافضا للتمثيليات التي تقوم بها المليشيات التابعة لتحالف العدوان في مطار عدن المحتلة، وانتقاله مباشرة الى قريته في الصبيحة، حسب المعلومات المتداولة، بالإضافة الى الاستقبال الباهت من قبل أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في الرياض، لعدد محدود من الاسرى، لاعتبارات القرابة الاسرية فقط، بعيدا عن المعاني الوطنية والإنسانية، وان كان البعض يفسر ذلك بان العملاء الثمانية أصلا تحت الإقامة الجبرية في الرياض، الا ان ذلك يؤكد المؤكد ، وهو ان المعركة التي شارك فيها أولئك الاسرى، لا علاقة لها الا بالارتزاق للرياض، وما يزيد الطين بلة، وهو رفعهم للعلم السعودي على صدورهم.
رابعا: رصد وجود بعض الاسرى من مواجهات مع عناصر “القاعدة” في محافظة البيضاء تم التبادل بهم في هذه الصفقة، وهو دليل إضافي على واحدية جبهات العدوان بما فيها عناصر “القاعدة” و”داعش” الذين يقاتلون جنبا الى جنب مع تحالف العدوان، ضد ابناء القوات المسلحة اليمنية وأبناء الشعب اليمني، وهنا تجدر الإشارة الى وجود اسرى في السجون السعودية أيضا، تم اسرهم في الجبهات الداخلية، وترحيلهم الى السعودية لتتمكن من مبادلة اسراها.
أخيرا ، الدلالة الأهم، هي فيديوهات تناقلها مرتزقة العدوان من مطار عدن، حيث وجهت أسئلة لأسرى القوات المسلحة اليمنية، عن وجهتم بعد الافراج عنهم، لتأتي الإجابة صادمة، بان العودة الى الجبهات ومواجهة العدوان هي الوجهة القادمة، في رسالة واضحة عن الإصرار والتصميم، وكذلك الوعي والبصيرة بطبيعة العدوان، وعدم تاثير الاسر رغم الوان التعذيب التي لم تثن المقاتلين المجاهدين الصابرين ولم ترعبهم، بل ظلوا ثابتين على مواقفهم، لم تتزحزح قيد انملة، ووصلوا مطار صنعاء برؤوس مرفوعة وهامات منتصبة، ومعنويات عالية، واضعين اقدامهم في أولى خطوات المرحلة المقبلة التي تعيشها اليمن، لحصد نتيجة الصبر، وثمرة الصمود، بعد قهر السجان، وتحطيم قيوده.
- المصدر: موقع العهد الاخباري
- المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع