بيت العنكبوت وحتمية زواله
شوقي عواضة
ما زال الكيان الذي قسمته “التعديلات القضائية” وشرذمته الصراعات السياسية وأدخلته في أزمة انقسام ظهرت إلى العلن يستمر في تجميل صورة “جيشه” النخبوي وصناعة الأكاذيب الأسطورية وترويجها، في محاولة لإعادة نفخ الروح فيه في ظل تلقيه الهزيمة تلو الأخرى بعد تصاعد العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية في الضفة والقدس منذ أكثر من سنة تقريباً، والتي أدت، وفقاً لاعتراف العدو، إلى سقوط 14 قتيلاً، فضلاً عن الجرحى.
كل ذلك وقع في ظل استنفارٍ عسكريٍ وأمنيٍ واستخباراتيٍ لقوات الاحتلال بلغ ذروته من دون أن يحد من تلك العمليات، حتى بات الكيان الصهيوني المؤقت في وضع يمتلك الكثير من المؤشرات والدلالات على زواله تتلخص بالآتي:
1- تصاعد التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية بالمزيد من التصعيد وتعدد سيناريوهاته.
2- تنامي قدرات المقاومة داخل فلسطين، وعلى مستوى محور المقاومة وتطور قدراته العسكرية والتكتيكية والاستخباراتية، وارتفاع منسوب العمليات النوعية.
3- اتساع رقعة الانقسام والصراع داخل الكيان المؤقت نتيجة “الإصلاحات القضائية” وتصاعد حدتها.
4- رفض جنود الاحتياط الاستمرار بالخدمة في “الجيش” الإسرائيلي بسبب “الإصلاح القضائي”.
5- تراجع قدرة الردع الإسرائيلي على جبهة فلسطين ولبنان، ولجوؤها إلى الرد في سوريا هرباً من أزماتها وهزائمها.
وسط كل ذلك، تبدي المؤسسة الأمنية تخوفها الكبير من انفجار الوضع وتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في شهر رمضان المبارك في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، إضافة إلى جبهة الشمال مع لبنان، وسط إعلان حالة تأهب استثنائية لـ”جيش” العدو الإسرائيلي على جميع الجبهات.
ووفقاً لما تناقلته وسائل إعلام العدو، ومنها صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مستعدة لشهر يتوقع أن يكون متوتراً على خلفية ما وقع في الآونة الأخيرة في الضفة ونابلس وحوارة وعملية مجدو.
هذه العمليات تميزت بنوعيتها الأمنية وقدرتها على الوصول إلى أهدافها، وسط مساعي “الشاباك” لإحباط محاولات الجهاد الإسلامي وحماس لإضرام النار في الضفة الغربية والعمل على الرد المباشر على أي عمليةٍ عسكريةٍ، وخصوصاً عملية مجدو التي أعلن الكيان عزمه على الرد عليها، بعدما قال وفقاً لتحقيقاته وروايته الهوليوودية إن المقاوم الذي نفذ العملية دخل من الأراضي اللبنانية مجتازاً السياج عبر سلم.
لكن إعلان العدو عزمه على الرد تبعه انقسام داخل القيادة العسكرية ناجم عن تخوف من ردٍ يؤدي إلى التصعيد مع حزب الله الذي أعلن أمينه العام السيد حسن نصر الله أمس في ذكرى أسبوع أحد مؤسسيه قائلاً: “إن الاعتداء على أي إنسان على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسيةٍ أخرى، أو الاعتداء على منطقةٍ لبنانية، سنرد عليه رداً قاطعاً وسريعاً، وهذا يجب أن يكون مفهوماً، وأن ما يهدد العدو فيه يمكن أن يكون سبب زواله”، مشدداً على أن المقاومة في لبنان عند عهدها وقراراها، ولن تتراجع عن ذلك.
وأضاف السيد نصر الله محذراً وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت: “بلط البحر، فالتهديد لا يقدم ولا يؤخر، ولدى الإسرائيليين تقدير صحيح يقول إذا كان حزب الله هو المسؤول عن العملية، فلن يخاف من الذهاب إلى المعركة”. ووفقاً لما نقله موقع أخبار “إسرائيل العبري”، فإن السيد نصر الله هدد بالرد فوراً إذا ردت “إسرائيل” على حادثة مجدو، وقال: “إسرائيل تعرف قوتنا”.
رسائل السيد نصر الله سرعان ما تلقفها إعلام العدو، وفي مقدمته إذاعة “جيشه”، التي قالت إنه يهاجم الحكومة الإسرائيلية، ويصفها بالفاسدة والمتطرفة والحمقاء، مضيفة: “إسرائيل في أزمة لم تعرف مثلها في التاريخ”.
وسط ذلك التخبط، يعيش الكيان أياماً صعبة قد تشهد تصاعداً أكبر مع بداية شهر رمضان، وسط مخاوف العدو من التصعيد، ما استدعى عقد اجتماع بين رئيس الأركان ورئيس الشاباك مع رئيس حكومة العدو نتنياهو في مكتبه في الكنيست بعد ليلةٍ ساخنةٍ من العمليات والمواجهات شهدتها مستعمرات غلاف غزة، وبعد المواجهات التي شهدتها الضفة، والتي تتخذ بعداً تصعيدياً سيعجز العدو عن إيقافه أو كبح تطوره، وهذا ما أثبتته التجربة التي تقول إن ما بُني على وهم فهو وهم وزائل. ذلك هو واقع الكيان الذي قام على أكذوبةٍ ووهمٍ تاريخيٍ يجعله آيلاً إلى الانهيار والسقوط أكثر فأكثر.
- المصدر: الميادين نت
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع