السياسية :

قادت حركة بي دي إس حملة مقاطعة موجهة ضد المتاجر الكبرى التابعة لشركة “كارفور” والمنتشرة عبر مختلف مدن المملكة المغربية.

وذكرت الحركة في بيان لها أن أسباب خوض حملة المقاطعة ضد المتاجر المذكورة، هو “تواطؤها مع الاحتلال الصهيوني”، حتى “تسحب استثماراتها من فلسطين المحتلة”.

الدعوة وجهتها الحركة لكل “المغربيات والمغاربة وكل مناصرات ومناصري حقوق الشعب الفلسطيني”، مشيرة إلى أن الشركة المعنية بحملة المقاطعة، كانت قد “أعلنت في 8 من آذار/ مارس 2022 إبرامها اتفاقية مع كل من شركة Electra consumer product وفرعها yenot bitan وكلتاهما شركتان صهيونيتان متورطتان في انتهاكات جسيمة بحق الشعب الفلسطيني، إذ تمولان الاحتلال وتساهمان بشكل مباشر في عدد من المشاريع الاستيطانية غير المشروعة والقائمة على التهام أراضي المواطنين لفتح متاجرها كما حصل بكل من مستوطنتي (أرييل ومعاليه أدوميم)”، وفق البيان.

وأضافت حركة المقاطعة في البيان مؤكدة أن تقريرا صادرا بتاريخ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام المنصرم 2022،ووقعته سبع منظمات من المجتمع المدني، “كشف تورط (كارفور) في جرائم الحرب المرتكبة من نظام الأبرتهايد الصهيوني. يتجلى ذلك من خلال فتحها متاجر على الأراضي الفلسطينية المحتلة وبيعها لمنتجات المستوطنات عبر العالم”.

كما أضافت الحركة “إن الاحتلال لا يمكنه الاستمرار كنظام استعمار استيطاني ضد الشعب الفلسطيني إلا من خلال الدعم والتغطية الذي توفره له الشركات المتواطئة مثيلات كارفور”، لذلك “فلنقاطع كارفور ولنضغط عليها حتى توقف تواطؤها مع الاحتلال الصهيوني -الأبرتهايد- وجني أرباحها من استمرار النظام الاستعماري العنصري في فلسطين المحتلة”.

ردود فعل التواصل الاجتماعي على حملة المقاطعة

دعوة المقاطعة تلقاها المغاربة بحماس كبير على التواصل الاجتماعي، وأعادوا نشر صورة للبيان متضمنا أهم ما ورد فيه بخصوص الحملة وأسبابها.

ما هي حركة بي دي اس؟

حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها هي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. تتناول مطالب حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) طموح وحقوق كل مكونات الشعب الفلسطيني التاريخية من فلسطينيي أراضي العام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، إلى المخيمات والشتات، والذي شرذمة الاستعمار-الاستيطاني الإسرائيلي على مراحل.

لقد نجحت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) في بداية عزل النظام الإسرائيلي أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى درجة ما اقتصادياً كذلك، حتى بات هذا النظام يعتبر الحركة اليوم من أكبر “الأخطار الاستراتيجية” المحدقة بها.

أثر مقاطعة منتجات المستوطنات على اقتصاد الكيان الإسرائيلي

تعدّ مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية وسيلة من الوسائل التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية الشعبية ضد الاستيطان، الذي يقضي على آمال السلام وفرص تحقيقه عبر ما يقوم به المستوطنون من أعمال القتل والتدمير والسرقة والإرهاب بحق شعب حرمه الاحتلال من كل حقوقه ومن أبسط مقومات الحياة.

ونعني بالمقاطعة، مقاطعة كل السلع والخدمات التي تنتج كلياً أو جزئياً في المستوطنات، سواء كانت منتجًا صناعيًا أو زراعيًا أو غذائيًا أو تحويليًا؛ مصنّعًا جزئياً أو كلياً، أو مخزنًا أو معبأ داخل أي مستوطنة.

وتعتمد المقاطعة على رصد منتجات المستوطنات وضبطها وإتلافها وحظر تداولها باعتبارها سلعاً غير شرعية تدعم الاستيطان وتطيل أمده، وتطلق العنان لأيدي المستوطنين بالاستمرار في همجيتهم واعتداءاتهم ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم؛ كما تشمل المقاطعة تقديم مروجي هذه المنتجات للمحاكمة أمام القضاء؛ وإحلال المنتجات الوطنية الفلسطينية مكانها.

ويعتمد اقتصاد المستوطنات على الزراعة بأنواعها، والصناعات الخفيفة والمتوسطة، والمنتجات الكيميائية، والأدوية والمبيدات الزراعية، والملابس، وتصنيع الفواكه والخضار، التي كانت تصدر كميات كبيرة منها لأسواقنا المحلية والأسواق الأوروبية والعالمية.

يقدر حجم التصدير للكيان الإسرائيلي لأسواقنا بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويًا؛ ويأتي السوق الفلسطيني في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث التسويق للمنتجات الإسرائيلية.

وقد انخفضت نسبة الاستهلاك والشراء الفلسطيني للمنتجات الإسرائيلية بمعدل 35% خلال الشهور الثلاث الأولى لبدء حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في العام 2010 بشكل عام، حسب رئيس الغرفة التجارية الإسرائيلية. وحسب الخبراء الإسرائيليين فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيخسر نحو 20 مليار دولار نتيجة المقاطعة الدولية؛ إضافة إلى أن نحو 30% من الشركات في إسرائيل ستتضرر أيضاً، بسبب تعاملها مع مستوطنات الضفة الغربية التي يرى المجتمع الدولي أنها غير شرعية.

أثّرت مقاطعة الأسواق الأوروبية لمنتجات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي؛ فقد برز تراجع مجمل صادرات الاستيطان الصناعية والتجارية في 2013 بنحو 14%؛ فيما سجلت المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه تراجعًا بحوالي 50%، بعد أن وصل حجم أرباح الصادرات الزراعية في 2012 إلى حوالي 650 مليون دولار.

ويأتي قرار المقاطعة الأوروبية للمستوطنات، نتيجة حكم المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2004، والقاضي بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.

و تضطرّ المقاطعة أصحاب المصانع في المستوطنات إلى إغلاقها؛ أو انتقالها إلى داخل إسرائيل؛ وفي كلتا الحالتين النتيجة في غير صالح السياسة الاستيطانية الإسرائيلية؛ ولعل هذا ما يفسر قلق تل أبيب المتزايد حيال حملات المقاطعة، وخصوصًا في أوروبا التي تعتبر من كبار المستوردين لبضائع إسرائيل؛ علمًا بأن صادرات المستوطنات الإسرائيلية  لأوروبا تبلغ قيمتها 220 مليون يورو (294.4 مليون دولار) سنويًا، وهو رقم كبير مقارنة بصادرات الفلسطينيين للأسواق الأوروبية، التي لا تتجاوز 15 مليون يورو (20 مليون دولار) كل عام؛ لذلك سارعت الحكومة الإسرائيلية إلى تخصيص مبلغ مئة مليون شيقل (نحو 30 مليون دولار) للقيام بحملة دعائية مضادة ومناهضة للشركات الأوروبية والأميركية التي تعلن المقاطعة.

وقد حذر نحو 100 رجل أعمال إسرائيلي رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) من اتساع ظاهرة المقاطعة، وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي؛ فحسب المصادر للكيان الإسرائيلي، أدت المقاطعة إلى فصل 10,000 عامل وعاملة من وظائفهم؛ إضافة إلى إغلاق 70 منشأة اقتصادية واقعة المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.

الإجراءات الأوروبية الجديدة التي تفرض وضع علامات المنشأ على صادرات المستوطنات جاءت أيضًا بعد اتفاق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين في اجتماعهم في ديسمبر/كانون الأول 2013 على تفعيل كل القوانين الأوروبية المتعلقة ببضائع المستوطنات بشكل فعال ودائم.

هذه المقاطعة دفعت  الكيان الإسرائيلي إلى:

1-  تسويق بضائع المستوطنات عبر أسماء وطرق مختلفة للتحايل حول منشأ تلك المنتجات، مثل: (التوت الأرضي، الأفوكادو، البطيخ، الموز، التمور، البندروة، النبيذ … إلخ).

2-  إصدار قرار يقضي بتقديم رزمة من التسهيلات الاقتصادية والتجارية للمنشآت الصناعية والزراعية المقامة داخل المستوطنات؛ في محاولة للتقليل من تأثير المقاطعة.

وتشير التقديرات إلى وجود نحو 250 مصنعًا داخل المستوطنات في شتّى مجالات الإنتاج؛ فضلا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة؛ فالمستوطنات تنتج أكثر من 146 علامة تجارية في كل القطاعات الإنتاجية؛ منها نحو 40 علامة تجارية غذائية، وقرابة 50 علامة تجارية منزلية، ونحو56 علامة تجارية، لمنتجات وصناعات متنوعة.

إن نضال الشعب الفلسطيني ضد منظومة الاستعمار-الاستيطاني الصهيوني مستمر منذ مطلع القرن الماضي حتى اليوم إلا أن إسرائيل تستمر بقمعها للفلسطينيين واستعمارها للأرض دون رقيب أو عتيد وذلك بسبب فشل الحكومات على المستوى الدولي بمحاسبة إسرائيل، واستمرار الشركات والمؤسسات العالمية بمساعدتها في جرائمها ضد الفلسطينيين وانتهاكاتها للقانون الدولي.

وانطلاقاً من فشل الحكومات و”المجتمع الدولي” وأصحاب القرار في وقف الاضطهاد الإسرائيلي المركّب ضد الشعب الفلسطيني، أصدرت أغلبية المجتمع المدني الفلسطيني نداءً تاريخياً في عام 2005 موجهاً لأحرار وشعوب العالم، يطالبهم بدعم مقاطعة إسرائيل كشكل رئيسي من أشكال المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية، وكأهم شكل للتضامن العالمي مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه ولا يزال نضال هذه الجماعات مستمراً حتى يومنا هذا وينشطون على الصعيد العالمي والإقليمي لدعم القضية الفلسطينية والفلسطينيين.

المصدر : موقع الوقت التحليلي 

المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع