أفقهي : الكيان الصهيوني لا يستطيع شن حرب مباشرة على إيران
السياسية:
في حوار حصري استضافت “عرب جورنال” الدبلوماسي الإيراني السابق الدكتور هادي أفقهي، للوقوف عند التصعيد الصهيو _أمريكي الأخير ضد إيران، ومناقشة ماهية وتداعيات هذا التصعيد، وخيارات الجمهورية الإسلامية في ردع الاعتداءات الصهيونية الغربية على كافة الأصعدة والميادين، وكذلك التطرق لآخر مستجدات مفاوضات الاتفاق النووي، إلى جانب تسليط الضوء على تنامي القوة الاقتصادية لطهران، تزامناً مع تصاعد علاقاتها الاستراتيجية مع قوى الشرق، وإحباطها للعقوبات الأمريكية الأوروبية.
* عقب الاعتداء الصهيوني الأخير على منشأة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية.. هل تعتقدون أن هناك توجه صهيوني إلى تفجير حرب مباشرة مع طهران؟ وماهو الدور الأمريكي في هذا الهجوم؟ وأي رد متوقع للجمهورية الإسلامية بعد تأكيدها بالرد؟
في الحقيقة الظروف حالياً لا تسمح للعدو الصهيوني أن يشن حرباً مباشرة أو موسعة ضد إيران؛ لأن النظام الصهيوني اللقيط يعاني مشاكل داخلية حقيقية على المستوى السياسي، فهناك انقسام عمودي، إما في نظام الحكم أو في المجتمع الصهيوني بسبب الحكومة التي شكلها بنيامين نتنياهو، وشارك فيها من أشرس وأتعس التيارات السياسية الدينية المتطرفة مثل “إيتمار بن غفير” وزير الأمن في حكومة الاحتلال، ومن لف لفه.
وهذا في الحقيقة أدى إلى اعتراضات كثيرة خصوصاً عندما ذهب نتنياهو بالتدخل في شؤون السلطة القضائية وإعطاء الكنسيت حق نقض بعض الأحكام التي تصدر من القضاء الأعلى حتى يحصن نفسه ويهرب من محاكمته بسبب ملفات ضخمة بما يتعلق بفساده المالي، وما تزال العدالة تلاحقه.
الأمر الآخر، ظهور سلاح جديد وتنظيمات جديدة واشتباكات في الضفة الغربية، في حين أنّه الآن بعكس ما ينوي في الحقيقة إيتمار بن غفير، لمسح وإبادة القوات والفصائل الفلسطينية الجهادية وحتى العمليات الانفرادية الاستشهادية مثل عملية الشهيد البطل خيري علقم، وما إلى ذلك، بخلاف ما يتأسس ويتنظم من العمل الجهادي يوما بعد يوم، في هذه الضفة.
“بن غفير” يعتبر الضفة الغربية هي الأساس والأهم من القدس وتل أبيب، لأنهم يعتبرونها حسب التعاليم التوراتية أنها أرض “يهودا والسامرة”، ويريدون استرجاعها.
ومن هنا ينطلق في تحركاته وأعماله الإجرامية وفي عنفه الغير مبرر، لأنه ينطلق من هذه التعاليم التوراتية، وهذه أثارت حفيظة الكثير حتى من الشخصيات السياسية والعسكرية.
على مستوى المنطقة، في الحقيقة إيران ليست وحدها حتى تستطيع أن تنفرد بها، لا العدو الصهيوني وهو أحقر من ذلك، ولا حتى الولايات المتحدة الأمريكية التي قد جربت حظها مع إيران عدة مرات، وهزمتها إيران، سواء في إحباطها سرقة النفط في منطقة الخليج الفارسي، أو في إفشال طهران عدة مرات لمحاولة أمريكا الهجوم على مياهنا الإقليمية، أو حتى بعد عملية استشهاد الحاج القائد قاسم سليماني. فالضربة الإيرانية في قاعدة “عين الأسد”، لقنت الأمريكيين درساً قاسياً.
لذلك، فإن مسألة تفجير حرب مباشرة مع طهران غير مطروح على الأقل في المنظور القريب والمتوسط، لأن المنطقة غير مستعدة ولا تستوعب هذه الحرب، وشاهدنا بعد عملية القدس الأخيرة، كيف ذهب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى كيان الاحتلال، لتهدئة الأوضاع ويضغط على الصهاينة، بأن أمريكا تريد أن تعود إلى طاولة المفاوضات مع الإيرانيين، وأنها بحاجة إلى تهدئة الأمور.
بالنسبة للدور الأمريكي في العمليات الأمنية مثل الاغتيالات والتفجيرات ضد إيران، فهذا دور واضح، ولا ينكر أن هناك تنسيق أمني أو تعاون لوجستي. عندما وقع بعض العناصر الصهيونية في قبضة الأمن الإيراني بعد عملية اغتيال العالم الكبير الشهيد محسن فخري زادة، كان هناك أمريكيين على وشك أن يقعوا في قبضة القوات الإيرانية قبل أن تنقذهم “السي آي اي”، حسب المعلومات المتسربة.
إذاً على الأقل قبل أن يقوم العدو الصهيوني في أي اعتداء أو اغتيال، يخبر “السي آي اي” وينسق معها في أصعب الحالات.
بالنسبة للرد المتوقع، فالجمهورية الإسلامية لا تعلن متى وكيف ستضرب.. فقواعد العمل العسكري أساساً تختلف عن قواعد الحروب الكلاسيكية أو الحروب المعلنة.
إلى حد الآن، حتى العدو الصهيوني لم يتبنى رسمياً أي عملية إجرامية يقوم بها، ولكن من خلال التسريبات والتصريحات الغير مباشرة. في بعض الأحيان يصرح نتنياهو وبعض المسؤولين الصهاينة بصورة غير مباشرة، أنه “ما قمنا به في إيران فهو من طرفنا وليس من طرف آخر”.
إيران كذلك عندما تريد أن ترد. وأكيد قد ردت على كثير من العمليات الإجرامية سواء اغتيالات أو تفجيرات أو اعتداءات على منشآت، ونسمع كثير من التفجيرات في المناطق الحيوية والحساسة، العسكرية والاقتصادية للعدو في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن إيران لا تعلن، إلا أن الصهاينة يعلنون ويتهمون إيران، فعلى سبيل المثال، ” عصا موسى ” الحملات السيبرانية التي تؤرقهم كثيراً وتفجر كثير من الأماكن من خلال التصرف في المنشآت الصهيونية عن طريق البوابة الإلكترونية، يؤكد الصهاينة أن هذه الضربات في الحقيقة هي للجيش السيبراني التابع للحرس الثوري الإيراني.
إذاً بالتأكيد إيران ترد على كل اعتداء صهيوني، ولكنها لا تتبنى رسمياً. وهذه المرة العدو في حالة استنفار كما قال سماحة السيد حسن نصر الله، يحفظه الله، إن الإسرائيليين يقفون اليوم على رجل ونصف، قلقين من أين سترد إيران وكيف ومتى سترد.
* الهجوم المسلح الذي استهدف سفارة أذربيجان في طهران.. ما دوافعه ؟ ومن المستفيد من ضرب العلاقات بين إيران وأذربيجان ؟
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية وقوات الأمن الإيرانية، أن دافع الهجوم كان دافعاً شخصياً، ناتج عن قيام الحكومة الأذرية باعتقال زوجة منفذ الهجوم، والذي كان يطالب بإطلاق سراحها لكن الحكومة الأذرية لم تستجب، ويبدو أنه يئيس من الإفراج عن زوجته ليقوم بهذا العمل الإجرامي.
أما بخصوص المستفيد من هذا العمل الإجرامي، فهو العدو الصهيوني الذي يتمتع للأسف بعلاقات حميمية وقريبة جداً مع الأذريين والأتراك، وهذا واضح من خلال حربهم في إقليم “ناغورنو كاراباخ”، والتي كان للعدو الصهيوني وكذلك القوات التركية، دوراً هاماً في هذه الحرب وتحرير هذه الأراضي التي كان يسيطر عليها الأرمن.
واليوم يريد رئيس أذربيجان إلهام علييف، مع الأسف أن يطبق الأجندة الصهيونية فيما يتعلق في فتح ممر اسمه ” زانجيزور” الذي يعبر من خلال الأراضي التي تجاور إيران مع أرمنستان، وهم يريدون ممر يربط تركيا بأرذبيجان كي تصل تركيا إلى بحر قزوين، والتمهيد لحضور حلف الناتو في بحر قزوين، وكذلك الحضور الصهيوني من خلال قواعد سرية وعلنية، وهو ما يفعله اليوم الموساد الصهيوني الذي يهيأ لحضور مكثف في أذربيجان.
فربما هذه العملية استفاد منها العدو الصهيوني، وهذا ما بدى واضحاً من خلال اللقاء المباشر بين السفير الصهيوني مع وزير الخارجية الأذري، وللأسف تأثرت أذربيجان بالإلقاءات والروايات الصهيونية، الرامية لتشجيع الأذريين لمواجهة إيران.
إيران الآن تتحاشى أن تقع في الفخ الصهيوني من خلال الإشتباك مع أذربيجان. وفي الحقيقة الشعب الأذري شعب صديق وشقيق لنا، وتقريباً أكثر من 90 % من الشعب الأذري هم من الشيعة، صحيح أنهم يتحدثون اللغة الأذرية لكنهم من الشيعة، وكانت أذربيجان في السابق ضمن الأراضي الإيرانية.
اليوم وبكل وقاحه نسمع تصريحات من رئيس أذربيجان ورئيس برلمانها ووزير خارجيتها وإعلامها، والذي هو إعلام وقح لا يحترم حسن الجوار أو المعاهدات الدبلوماسية أو البرتوكولات المرعية على مستوى العالم.
من الأكيد أن إلهام علييف، استمع للمؤامرات الصهيونية وكذلك الأطماع التركية ورئيسها أردوغان الذي يطمع بالأراضي الأذرية، لذلك سيغرق في هذا المستقنع الذي يريده لنفسه. العدو الصهيوني لن يخسر شيئاً إذا وقعت الحرب بين إيران وأذربيجان، بالعكس سيستفيد وكذلك أمريكا التي تريد أن تستنزف إيران في حربها مع أذربيجان كما يحاول اليوم الأمريكي أن يستنزف روسيا في حربها مع أوكرانيا.
* وفقاً لتقارير شركات عالمية، فإن صادرات إيران النفطية تتصاعد بشكل ملفت وكبير خلال الآونة الأخيرة.. هل يمكن القول بأن طهران تجاوزت العقوبات الغربية؟ وأي دور اقتصادي تلعبه طهران اليوم في التأثير على موازين القوى إقليميا وعالمياً؟ وهل يمكن القول بأن القوى الآسيوية تقترب من إزاحة الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي؟
في الحقيقة لا نستطيع أن نقول بأن إيران تجاوزت العقوبات الغربية، لكنها استطاعت أن تلتف على بعض العقوبات.
عندما جاءت الأزمة الأوكرانية الروسية، وتوقفت إمدادات النفط والغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي، حصلت هناك أزمة طاقة، وارتفعت أسعار النفط والغاز. ومن جهة أخرى اقتربت في الحقيقة مجالات التعاون الاقتصادي والطاقة بين إيران وروسيا، وإيران والصين، وكذلك إيران والهند ودول أخرى، كانت تشتري الطاقة من روسيا، واليوم توجهت نحو السلة الإيرانية لشراء النفط والغاز.
إذاً ارتفع سعر برميل النفط من جهة، وازدادت صادرات إيران من جهة أخرى، وهذا في الحقيقة فتح مجالات كبيرة لتحسين الأوضاع والأداء الاقتصادي لإيران، بالتالي فإن ارتفاع ذخائر العملة الصعبة التي أصبحت أرقام مهمة جداً، يعد رصيد للعملة الإيرانية.
لذلك، نستطيع أن نقول إننا تجاوزنا بعض العقوبات ولكن مازلنا نطالب الجانب الأمريكي برفع العقوبات خصوصاً فيما يتعلق بالأموال والأرصدة المجمدة بالبنوك الأمريكية والأوروبية وحتى بعض الدول التي تشتري النفط من إيران وتخاوف من أمريكا أن تسدد ديونها لإيران بعملة الدولار.
إن شاء الله، يوماً بعد يوم ستطور إيران أدائها الاقتصادي سواءً على المستوى الداخلي، أو تنشيط وضعها الاقتصادي على المستوى الإقليمي والعالمي، لأن إيران أصبحت اليوم عضو رسمي بكامل الصلاحية في منظمة “شنغهاي” الاقتصادية، وكذلك في سوق أوراسيا وكذلك إحياء منظمة إيكو الاقتصادية، ومن المحتمل أيضاً أن تنخرط طهران في مجموعة “بريكس” التي تعتبر عمالقة الكتل الاقتصادية.
*بعد قيام البرلمان الأوروبي بإدراج حرس الثورة في قائمة ” الجماعات الإرهابية ” تزامناً مع فرض بريطانيا وأمريكا عقوبات جديدة على إيران.. برأيكم هل تهدف هذه الخطوات التصعيدية لعرقلة الإتفاق النووي؟ وهل لكم أن تطلعونا عن آخر مستجدات المفاوضات النووية؟ وما تعليقكم عليها ؟
قيام البرلمان الأوروبي بإدراج حرس الثورة في قائمة ” الجماعات الإرهابية”، هي بروباجاندا إعلامية، وهي فرقعة فقدت مفعولها وبريقها وصوتها بسرعة، لأنه بعد أن انتقل هذا القرار من البرلمان الأوروبي إلى مجلس الشورى، واجه معارضة شديدة وجدية، وعلى رأس المعارضين لهذه الخطوة هو جوزيف بوريل منسق السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي الذي سخر من القرار، وكذلك دول أخرى بينها السويد والذي أكد وزير خارجيتها في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، أن هذا الأمر لا يستقيم، وليس من مصلحة الإتحاد الأوروبي أن ينخرط في هذا الموضوع لأنه سيكون له تداعيات خطيرة.
بمجرد أن أعلن البرلمان الأوروبي هذا القرار، قام مجلس الشورى الإسلامي في إيران بتحضير مسودة لكي يرد فيما لو صوت مجلس الشورى في الإتحاد الأوروبي على هذا القرار، فيرد الصاع صاعين، العقوبات بعقوبات وسيعلن أن كل القوات العسكرية لدول الإتحاد الأوروبي ستعتبر قوات إرهابية كما أعلنت إيران من قبل، بأن القوات الأمريكية الوسطى في المنطقة إرهابية رداً على قرار ترامب إدراج الحرس الثوري في قائمة “المنظمات الإرهابية”.
وللعلم، فإنه تحدث بين الفينة والآخر اشتباكات مباشرة بين قواتنا وهذه القوات الأمريكية في المنطقة، ويسقط مننا شهداء ومنهم العديد من القتلى، وهذا وفقاً لتقرير قدمه الجنرال علي رضا تنكسيري قائد القوات البحرية في حرس الثورة، وهذا أولاً.
وثانياً، سيعرقل الملاحة البحرية لنقل الطاقة لدول الإتحاد الأوروبي عبر مضيق هرمز، فبحسب القوانين الدولية، فإن لإيران الحق في أن تستوقف السفن التي تمر عبر المياه الإقليمية الإيرانية، وتقوم بتفتيشها وتعرقل مسيرتها.. وهذا ما جعل الأوروبيين يحسبون ألف حساب لتداعيات هذا القرار.
أما أنه إذا كان الهدف من هذا القرار هو الضغط على إيران للتنازل عن شروطها في المفاوضات المتعلقة بالإتفاق النووي؛ فقد ردت إيران عن هذا الأمر، بالتأكيد على تمسكها بمطالبها المحقة.
فيما يتعلق بآخر مستجدات مفاوضات الإتفاق النووي، فهناك محاولات حثيثة جادة هذه المرة بعد أن فشلت الخطة الأمريكية الإسرائيلية السعودية الأوروبية من خلال إيجاد أعمال الشعب الأخيرة بحجة “مهسا أميني”، والتي تلاشت وتم إحتوائها.
واليوم يحاولون العودة مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات بعد أن رجعوا خائبين وخاسرين، وإيران شجعت هذه الخطوة ولكنها لم تتنازل عن مطالبها المحقة.
إذاً هناك مساعي وتصريحات للأمريكيين بأنهم يريدون العودة إلى طاولة المفاوضات والحوار بشكل غير مباشر، كما صرح روبرت مالي مسؤول الملف الإيراني في البيت الأبيض.
كذلك حمل وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن، رسالة إلى طهران، مفادها أن أمريكا راغبة في العودة إلى طاولة المفاوضات، إضافة إلى رسائل وتصريحات أخرى، منها تصريحات “جوزيف بوريل” منسق السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي الذي أكد على هامش مؤتمر “بغداد 2” في الأردن، أنهم يريدون العودة إلى طاولة المفاوضات.
كما أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بأنهم يريدون البدء في المفاوضات مع إيران، وهذا يأتي بعد عقد خمس جولات بين البلدين في العاصمة العراقية بغداد.
فكل هذا وذاك يدل على أن مخططاتهم فشلت وتكسرت كل مؤامراتهم وأجنداتهم على صخرة صمود إيران ومواقفها المحقة والعقلانية والمنطقية.
* المباحثات السعودية الإيرانية إلى أين وصلت؟ وهل تعتقدون أن النظام السعودي جاد في تطبيع العلاقات مع طهران؟ وما تعليقكم على استمرار الحملات السعودية التحريضية ضد الجمهورية الإسلامية؟
بالنسبة للمباحثات الإيرانية السعودية، فما زالت تُراوح في مكانها وكانت السعودية تعول على خرق شيء في الداخل الإيراني من خلال دعمها الوقح والفاحش والواضح لأعمال الشغب، من خلال فضائياتها الناطقة باللغة العربية واللغة الفارسية خصوصاً قناة إيران إنترناشيونال الناطقة بالفارسية.
وأراد السعوديين من ذلك، عندما تعود المباحثات بيننا وبينهم وعلى طاولة المفاوضات في بغداد، تكون لهم اليد الأعلى، في حين أنه الجمهورية الإسلامية تستطيع أن تؤذي السعوديين وتستطيع أن تحمّلهم وتكبدهم خسائر كبيرة، ولكن إيران تتجنب هذه المواجهة حتى لا يستغلها العدو الصهيوني الذي هو الآن في طور التطبيع مع النظام السعودي، وكذلك لا تستغلها أمريكا لتستحلب غربان الخليج أكثر مما تفعل اليوم.
طبعاً إيران لها شروطها عندما تذهب إلى المفاوضات مع السعودية. والسعوديون هم الذين طلبوا هذه المرة الذهاب إلى هذه المفاوضات، على لسان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي طلب من الحكومة العراقية أن تستضيف طاولة المفاوضات بين طهران والرياض في بغداد.
وفي الحقيقة هذا لا يؤثر، ولكن فيما يتعلق بالتحريضات، فهي قائمة، فالحرب الإعلامية والأكاذيب والفبركات قائمة.
شيمة آل سعود الإرهابيين هو أنهم يقتلون الشخص ويمشون في جنازته، فهم الذين أسسوا “داعش” ودعموه، ويدعون بأنهم على رأس الدول المحاربة للإرهاب ! .. وهذا هو شأن المملكة العربية السعودية.
وهناك تحولات دراماتيكية في الداخل السعودي، ويوماً بعد يوم يشتد الغضب سواءً في داخل العائلة المالكة أو في أوساط النخب الثقافية والدينية خصوصاً بعد إطالة أمد العدوان الصهيو _ أمريكي السعودي على اليمن الحبيب والشقيق.
*في ظل التوترات والمستجدات الطارئة التي تشهدها المنطقة بشكل عام.. هل نحن ذاهبون إلى حرب واسعة؟ وماذا عن مستقبل الصراع بين محور المقاومة وقوى الغرب ووكلائها في المنطقة؟
في الحقيقة ليست هناك مؤشرات لوقوع حرب كما أسلفت في إجاباتي السابقة. المنطقة لا تستحمل الحرب حقيقةً. صحيح هي الآن تتأثر ببعض المستجدات سواءً في الداخل الفلسطيني أو المواجهات المباشرة بين قوى المقاومة الإسلامية والعدو الصهيوني أو الإنذارات بين إيران والكيان الصهيوني من خلال العمليات الصهيونية الإرهابية، والاغتيالات أو التفجيرات أو ضرب بعض القواعد في العمق السوري، ولكن في كل الأحوال وبحمد الله، فإن محور المقاومة في أحسن وأقوى حالاته، من الناحية اللوجستية الأمنية والتنسيق والاستعدادات لمواجهة أي تحدٍ أو خطر أو حماقة ربما قد يقوم بها العدو الصهيوني أو حتى الطرف الأمريكي.
محور المقاومة هو اليوم، أقوى وله اليد العليا بعد آفول الهيمنة الأمريكية في منطقتنا وخروج أمريكا من أفغانستان بصورة مذلة وهزائمهم المتتالية سواءً في سوريا، وكذلك في جنوب لبنان وفي العراق في ظل الحشد الشعبي الذي يقف لأمريكا بالمرصاد ويصر على طرد قواتها من البلاد، إلى صمود إيران في مواجهة كل هذه التحديات والمؤامرات.
أما وكلاء العدو الصهيوني ووكلاء أمريكا في المنطقة فهم يواجهون اليوم عزلة كبيرة، وما شاهدناه من أحداث في مونديال كأس العالم لكرة القدم في قطر، من خلال المواقف التي عبر عنها بشجاعة المشجعين والجماهير سواءً من عرب أو من دول إسلامية وحتى من دول أجنبية؛ عرت عملية التطبيع الزائفة للأنظمة التي حاولت تضليل الحقائق بمزاعم أن شعوب المنطقة “تؤيد عملية التطبيع”، وهو ما دفع الناطق باسم قوات الاحتلال الصهيوني أفيخاي أدرعي، الذي قال متألماً إن” الحكام العرب خدعونا وصوروا لنا أنه لو تمت عملية التطبيع بيننا وبين الحكام فإن شعوب المنطقة ستؤيد التطبيع وتصبح صديقة لكيان إسرائيل، وهو ما لم يحدث، فقد رأينا كيف تم التعامل بكل ذل واستحقار مع المراسلين الصهاينة في الدوحة أيام المونديال “.
وفي الحقيقة فقد أحس الصهاينة بالخفة والذلة وكأنهم موجودات كريهة ونتنة، وهذا وهو واقع التطبيع مع الحكام، الذي هو تطبيع كرتوني وليس تطبيع مع الشعوب.
المقابلة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع