السياسية:

مع استمرار ارتفاع عدّاد ضحايا الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا، إضافةً إلى الأضرار الضخمة في الأبنية والبنى التحتيّة، يرى مراقبون في الزلزال كارثةً تُدين قوى الرأسماليّة الغربية في ظلّ غياب بناء مدنٍ مقاومةٍ للزلازل في جميع أنحاء العالم، في مقابل هدرٍ كارثيّ للثروات على الحروب وتدمير الشعوب.

كيف نجحت اليابان في احتواء الزلازل؟

قال منذر سليمان، محلّل الميادين للشؤون الدوليّة والاستراتيجيّة، إنّ “أكبر زلزال مدمّر في اليابان حصل في عام 1923 وكان بدرجة 7.9، كما أودى بحياة 140 ألف شخص.

ومنذ ذلك الوقت، تشهد اليابان نحو ألفي زلزال سنوياً ولكن من الهزّات الأرضيّة الخفيفة، مع بعض الهزّات القويّة”.

وأضاف أنّه “لذلك، أقرّت اليابان عدّة قوانين تتعلّق بمواصفات الأبنية لناحية سماكة الأعمدة والجدران، مع وضع طبقات من الخراط المطّاطيّة السميكة على الأرض أسفل الأساسات، وإنشاء هياكل معزولة عن الأرض بواسطة طبقات فولاذ مطاّط تتحرّك بشكل مستقلّ، ما يجعل المبنى يتحرّك بشكل طفيف”.

وأشار سليمان إلى “وجود نظام إنذار زلزالي حديث ومتطوّر يمكّن من اكتشاف ذروة الزلزال قبل 80 ثانية من وصوله، وهذه المدّة تعتبر ثمينة لأنّها تُتيح للسكّان فرصة لاتّخاذ الخطوات الضرورية كالابتعاد عن النوافذ”.

وفيما يتعلّق بالإعفاء الأميركي للعقوبات على سوريا، اعتبر سليمان أنّ “هذا الإجراء جزئي ومؤقّت وفي نفس الوقت فيه الكثير من العراقيل، إذ فرضت وزارة التجارة الأميركية استحصال تراخيص لمَن يرغب بإقامة أي مشاريع إغاثة في سوريا،بينما يُفترَض أن يتم إلغاء العقوبات بشكل كلّي، ويتوجّب أن تتجاوز الدول الصديقة والشقيقة لسوريا هذا القرار، وتُرغَم الولايات المتّحدة بالتراجع عنه”.

هل بإمكان الرأسماليّة تجنّب الكوارث الطبيعية؟

وقال محلّل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحّام، في مداخلة مع القناة إنّ “مَن يتوقّع أن تقدّم الرأسماليّة حلول للبشريّة سواء جغرافية أو بيئية أو أخلاقيّة أو اقتصاديّة هو واهم ويدفع ثمن وهمه، إذ يتسبّب تجّار الدمّ بالمشاكل لأنّهم مستعدّون أن يقضوا على الطبيعة من أجل التجارة”.

وأكّد أنّ “الذين يقترحون الحلول هم الحكومات والشعوب التي تريد أن تحافِظ على البيئة والطبيعة”، مشيراً إلى أنّ “الاحتلال الاسرائيلي جفّف بحيرة الحولا بين لبنان وفلسطين فدمّر حياة الطيور المهاجِرة لغاية الآن، كما أخذ مياه نهر الأردن إلى بحيرة طبريّا فقتل البحر الميّت”.

وأشار اللحام إلى أنّ “التجارب النوويّة التي تُجريها الدول في أعالي المحيطات وفي قلب الصحراء تتسبِّب باستفزاز الزلازل والبراكين والفيضانات”.

واعتبر أنّ “البناء العامودي يشكّل مشكلة حقيقيّة، فالعلب الاسمنتيّة المكوّنة من 100 طابق و200 طابق مَن سيُنقذها؟ وأيّ سُلَّم إطفائي سوف يصلها؟”

هل يمكن إدانة الرأسمالية بشأن الكوارث الطبيعيّة؟

من جانبه، قال ناصر أبو نصّار، محلّل قناة الميادين للشؤون السياسية، في مداخلة مع القناة إنّه “بالطبع، يمكننا إدانة الرأسماليّة عن ضحايا الزلزال لعدّة أسباب، أوّلها أنّ الثروة والموارد وإمكانات هذا النظام لا تذهب لخدمة المجتمع والرفاه الاجتماعي، ولكن لخدمة 1% فقط من المجتمع الذي يمتلك الرفاهيّة الحقيقيّة والبيوت التي لا تسقط على الرؤوس”.

وأضاف أنّ “البيوت الحديثة مصمَّمة في الأساس ضمن إطار مشروع هندسة عدائية تتكسّب من خلالها الرأسماليّة، إذ يخفف البناء العامودي من كلفة البناء ويرفع من هامش الأرباح التي سيجنيها كبار الملّاكين العقاريين في هذا القطاع”.

وشدّد نصار على أنّ “الرأسماليّة تتكسّب من الأزمات والحروب والكوارث من خلال إعادة البناء، وهذا ما حصل في العراق ويوغوسلافيا وسوريا”.

وأشار نصار إلى أنّ “الجهة الشماليّة لسوريا تقع في قلب مشروع الناتو، لذلك تسخّر لها آليّة التعاطف الدولي وتُبذل الجهود الدوليّة وأكبر قدر ممكن من الدعاية من قبَل الغرب، مع العلم بأنّها مؤهّلة أكثر من سوريا المُنهَكة بآثار الحرب التي خاضها الناتو طوال السنوات الماضية على سوريا”.

وأكّد أنّ “الحملات المضادّة الرافضة لرفع العقوبات عن سوريا، والتي تُنظّر لعقوبات قيصر ومشروعيّتها، وتحاول تشويه الجهد الإغاثي، رغم إعلان الحكومة السوريّة استعدادها لإيصال الجهد الإغاثي لكافّة المناطق، لا تأخذ بعين الإعتبار أنّ المواطن السوري هو مَن يدفع الثمن”.

المصدر: عرب جورنال
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع