في ذكرى انطلاق “حماس”.. أبو مرزوق: الخيار المسلّح وحده يحرر كامل فلسطين
السياسية- متابعات:
تزامنًا مع اندلاع انتفاضة الحجارة في فلسطين المحتلة عام 1987، تأسست حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في 14 كانون الأول/ ديسمبر على يد الشيخ الشهيد أحمد ياسين وبعض عناصر الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية كالدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي والدكتور محمود الزهار وغيرهما. وعُرِفت مجموعات “حماس” العسكرية عند انطلاقتها باسم “المجاهدون الفلسطينيون” الذين تمثّل دورهم في مقاومة الاحتلال الصهيوني بشكل أساسي، ومنذ 1991 عرف الجناح العسكري لـ”حماس” باسم “كتائب عز الدين القسام”.
مع توسع حضور حركة حماس وثبوت دورها الفاعل والقوي في مواجهة ومقاومة الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، عملت الحركة في مختلف الميادين السياسية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية والجماهيرية والاجتماعية والإغاثية والتعليمية وغيرها.
في الذكرى الـ35 لانطلاقة حركة “حماس” أجرى موقع “العهد” مقابلة مع رئيس مكتب العلاقات الدولية في الحركة الدكتور موسى أبو مرزوق، الذي أكد أن “حركة حماس طوال الـ35 عامًا وما سبقها من عقود من العمل الإسلامي المنظّم، اجتازت تحديات كبيرة وظروفًا معقّدة، واجتمع ضد الحركة العدو الصهيوني وما يمتلك من موارد لا محدودة والقوّة الأولى عالميًا المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وقوى محليّة وكذلك قوى اقليمية، لأجل استئصالها والقضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني، ولم يزد ذلك الحركة إلا نموًا وصعودًا، ولم يزد العدو الصهيوني وحلفاءه إلا وهنًا وتراجعًا”.
* عناصر قوّة حركة “حماس”
وأضاف أبو مرزوق “طوال تلك السنوات سارت الحركة وفق رؤية وبصيرة وإدراك لعناصر القوة وبقدرة على المناورة، ولعل هناك أركانًا رئيسية شكلت رافعة لقوة الحركة:
– استناد الحركة إلى قوة الحق: تنطلق الحركة من حق الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة، وهو ما يجعل الحركة مطمئنة إلى صوابية خياراتها ونُبل أهدافها.
– القوة الشعبية: أن امتداد الحركة ضمن صفوف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وعملها ضمن أطر الشعب لا أطر نخبوية منه فقط، إضافة إلى نسجها لعلاقات راسخة مع الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، منحها قوة ناعمة قلّ نظيرها في عالمنا العربي والإسلامي.
– القوة الصلبة للحركة: تمتلك الحركة قوة قتالية عسكرية بقدر معقول من التسليح في ظل حصار خانق وجغرافيا لا تخدم أعمال الكر والفر، لكنها مقاومة تمتلك قوة معنوية وروحًا قتالية عالية.
– قوتها التنظيمية: حافظت الحركة رغم ما مرت به من محاولات استئصال، ومن مؤامرات كبيرة على قوتها التنظيمية في أحلك الظروف، وهذه القوة تجعلها قادرة على ترجمة موارد قوتها لتصبح القوة صاحبة التأثير الأول في المشهد الفلسطيني من ناحية، ومن ناحية أخرى هذه القوة منتشرة حيث انتشار الشعب الفلسطيني.
– العمل المؤسسي داخل الحركة وقوة تماسكها: عملت الحركة رغم كل ما مر بها من منعطفات على إجراء الانتخابات الداخلية كل 4 سنوات في ظاهرة غير مسبوقة في المنطقة فضلا عن أن يكون ذلك في حركة مقاومة ومواجهة للمشروع الصهيوني”.
* شعار الانطلاقة الـ35: فلسطين من البحر إلى النهر
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” عن شعار انطلاقتها الخامسة والثلاثين لهذا العام، وهو يتزين بخارطة فلسطين من البحر إلى النهر ومن الناقورة إلى أم الرشراش متوشحة بالكوفية الفلسطينية، وعلى جانبها الأيمن البندقية يرفرف عليها علم فلسطين. هذا الشعار أكّد أبو مرزوق أنه “يحمل دلالات هامة وهي ثوابت وأهداف الحركة، فالحركة لا يمكن لها أن تقبل بفلسطين منقوصة شبرًا واحدًا منها، وهي كما عرفناها من البحر إلى النهر ومن أم الرشراش إلى الناقورة، كما أن الحركة تؤكد أن المدينة المقدسة هي في قلب الصراع، وأن المقاومة المسلحة هي خيار الحركة”.
* تقدم ملموس في علاقات “حماس” مع الفصائل الفلسطينية
وحول العلاقة مع الفصائل الفلسطينية، أوضح أبو مرزوق في مقابلته مع موقع “العهد” الاخباري أن “حركة المقاومة الإسلامية حماس حققت تقدمًا ملموسًا في علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية، فهي اليوم تقود وإخوانها في فصائل المقاومة غرفة العمليات المشتركة، وهي رائدة المقاومة المسلحة في فلسطين، وتقدم الحركة الدعم المالي والخبرات والسلاح للفصائل على مختلف توجهاتهم الفكرية وهذا ينعكس ايجابًا على الصراع مع العدو، بحيث تعمل على توسيع مساحة مشاركة الأخرين في قتال العدو ومقاومته”.
كما أن الحركة بحسب رئيس مكتب العلاقات الدولية “ترتبط بعلاقات مع جميع الفصائل الفلسطينية وتنسق معهم بشكل مستمر بشكل ثنائي وجماعي ومثّل ذلك وحدة موقف وطني في العديد من المحطات الكبيرة التي تتعرض لها قضيتنا الفلسطينية”.
* العمليات الفردية تشكل روح المقاومة للشعب الفلسطيني
وبيّن الدكتور أبو مرزوق في مقابلته مع “العهد” أن “أحد أهم أسباب استمرار المقاومة الفلسطينية مرونتها في التعامل مع الظروف المحيطة بها، وبالتالي لا تتوقف المقاومة إذا ما شهدت تحديًا ما، والشباب الفلسطيني أسطورة في الإرادة، واجتراح الوسائل للقتال، رغم المراقبة الشديدة وتجفيف الموارد، ونرى كيف أن إرادة القتال لدى الشباب الفلسطيني وبإمكانيات أشبه بالصفرية صنعت المستحيل، وكلنا شاهد كيف أن الشهيد عدي التميمي وحده وبسلاح فيه أعطال تمكن من ارباك الكيان بأكمله، وبدل أن يطاردوه هو من طاردهم حتى لقي الله شهيدًا مقبلًا غير مدبر، وكيف أن الشهيد مجاهد النجار امتشق سلاحًا عُمره أكثر من 7 عقود وقاتل به في أكثر من جولة حتى لقي الله شهيدا”.
وأردف القول “لعل العمليات الفردية تشكل روح المقاومة للشعب الفلسطيني عند حصار فصائله المقاوِمة وأيضًا حجم الملاحقات للفصائل المقاومة خاصة حماس من قِبل السلطة بحجة عدم تكرار تجربة غزة، أو من قبل الكيان الصهيوني لتجفيف منابع المقاومة، شكلت حافزًا للأعمال غير المرتبطة تنظيمياً وصعوبة تنفيذ مثل هكذا عمل”.
* فلسطينيو الداخل المحتل هم في خط التماس الأول
وتوجه موسى أبو مرزوق برسالة للفلسطينيين في الداخل المحتل قال فيها: “حقيقة فإن شعبنا الفلسطيني في الداخل المحتل هم في خط التماس الأول مع المشروع الصهيوني، وهذا يُلقي عليهم عبئًا ثقيلًا في مشروع التحرير وإنهاء الاحتلال الصهيوني، وهم الأكثر قدرة على تحويل الكيان الصهيوني إلى كيان طارد للسكان وتفريغه من مضمونه، فهم قوة بشرية ليست بالقليلة، وهم على احتكاك مع الكيان وتناقضاته الداخلية، ومواجهتهم له تؤثر عليه، ولعل معركة سيف القدس في أيار/ مايو من العام 2021 أثبت للجميع أهمية دور فلسطينيي الداخل وقوة تأثيرهم، وما ظهر للاعلام وما لم يظهر يثبت أنهم أعاقوا مخططات الاحتلال”.
واعتبر أبو مرزوق أن “هناك تحديًا كبيرًا لهم متمثلًا بقوى اليمين والتطرف الصهيوني وخطط مواجهة فلسطينيي الداخل مما سيزيد من الفجوة بين المجتمع الفلسطيني والاحتلال وسيفرز تناقضًا بين المشروعين الوطني والصهيوني”.
* بناء الجسور بين مكونات الأمة هو لصالح القضية الفلسطينية
وفي حديثه عن عودة في العلاقات بين حركة المقاومة “حماس” والدولة السوريّة، شدد أبو مرزوق في مقابلته مع موقعنا على أن “المنطقة العربية تشهد العديد من الخلافات والنزاعات البينية، وإضعاف المنطقة وتبديد مواردها وضعف مناعتها ضد التدخلات الخارجية يجعل الجميع أمام خسارات محققة، ولهذا فإن الحركة ترى أن هنالك ضرورة للخروج من حالة الخلاف إلى تجاوز الخلاف وبناء جسور الثقة والتعاون بين جميع مكونات الأمة، وهذا سيصب في صالح الجميع وصالح القضية الفلسطينية، ولعل المواجهات البينية على شدتها تشكل حالة إنهاك لكل المنطقة وقواها الحية”.
* الوحدة بين فصائل ودول محور المقاومة: الواقع مبشِّر
وتطرق القيادي في حماس في حديثه إلى التنسيق القائم بين “حماس” وحركات ودول محور المقاومة في المنطقة قائلا: “هناك صراعات مختلفة من حيث مكنوناتها في المنطقة ومشاريع متعددة ولعل مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة عليه إجماع شعبي، وهناك اختراق بسبب هشاشة الوضع واستغلاله أمريكيًّا من خلال دمج الكيان الصهيوني في المنطقة، ومن هنا كان هناك فريقان فريق متماهٍ مع المشروع والسياسة الأمريكية، وفريق يواجه هذه السياسة. ولكن الرافضين للكيان الصهيوني كُثر، وغير المنظمين منهم ضمن أوعية توظّف رفضهم للكيان بشكل عملي هم أكثر بكثير من الذين وجدوا أطرًا توحد جهودهم وتصبها في صالح مقاومة المشروع الصهيوني، ونحن بدورنا في قيادة المقاومة علينا أن نعمل على استنهاض جميع قوى الأمة، وزيادة التنسيق مع القوى القائمة الرافضة للاحتلال الصهيوني، ورفع مستوى انخراطها في مواجهة مع المشروع الأمريكي لكون السياسات الإملائية خارجية ولا تحظى بتأييد شعبي وليس بينها رابط وحاول الصهاينة صناعة أهداف أو روابط يكونون جزءًا منها ففشلوا، أما قوى المقاومة للمشروع الصهيوني وللسياسة الأمريكية بلا شك فيها خط سياسي واحد هو مواجهة الكيان الصهيوني وعدم الاعتراف به وإن اختلفت في بعض الجوانب لكن المهم رفع مستوى انخراطها في مواجهة الكيان من الإسناد السياسي والمادي والمعنوي إلى الانخراط المباشر، وإن المأمول أكبر من الواقع، وإن الواقع اليوم هو واقع مبشّر”.
* الشعوب العربية شريكة في المعركة
ووجه الدكتور موسى أبو مرزوق عبر موقع “العهد” الاخباري كلمة للشعوب العربية المتمسكة بالحق الفلسطيني بمناسبة الانطلاقة عبّر فيها عن الامتنان لجميع الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم الذين يسطرون مواقف تاريخية في التمسك بالحق الفلسطيني، ورفض كل اغراءات التطبيع، وإبقاء الكيان الصهيوني كيانًا غريبًا وشاذًا عن منطقتنا العربية، وفي الحقيقة هذا من صمامات الأمان الرئيسية لقضيتنا الفلسطينية، ونحن نعجز حقيقة عن تقديم الشكر، فهذه قضية الجميع وليست قضيتنا وحدنا، وهم شركاء في هذه المعركة، ولعل ما أظهره العرب والمسلمون وأحرار العالم في كأس العام 2022 من رفض للكيان الصهيوني وترحيب بالقضية الفلسطينية جعل الصهاينة يقولون إنه مونديال فلسطيني لكونه أظهر الوجهة الحقيقية للمسلمين والعرب والموقف الحقيقي اتجاه الكيان الصهيوني”.
وختم مقابلته قائلا: “على الشعوب العربية والمسلمة أن يترجموا الأقوال إلى أفعال والأفعال إلى برامج ومشاريع ففلسطين بحاجة للكثير وفلسطين بحاجة للجميع”.
المصدر :العهد الاخباري
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع