شارل ابي نادر

لم يتأخر كثيرًا الرئيس الأوكراني فلودميير زيلنسكي وعلى مضضٍ في تقبّل واستيعاب انتقادات الغرب وخاصة تصريحات الرئيس الاميركي جو بايدن، حول سقوط صاروخ أوكراني في بولندا. وفي الوقت الذي ظهرت تصريحات بايدن أشبه بالتأنيب للأوكران، بقوله إن “الانفجار في بولندا كان نتيجة عمل الدفاع الجوي الأوكراني”، بعد أن حاول الرئيس الأوكراني بداية جرّ “الناتو” إلى ما يشبه الاشتباك المباشر مع روسيا، جاءت تصريحات مسؤولي الحلف الأطلسي واضحة بأنه: “لا وجود لأي دلائل تشير إلى عزم روسيا مهاجمة بولندا، وكل التحقيقات الأولية تشير إلى أنّ الصاروخ الذي سقط في بولندا أطلقته أوكرانيا”.

وفي الوقت الذي تجاوز الأميركيون والأوكران والروس هذا الأمر لانشغالهم بالوقائع الميدانية والعسكرية الأهم في أوكرانيا، يبدو أن تداعيات الصاروخ الأوكراني الذي سقط في بولندا الأسبوع الماضي لم تنته فصولها، وذلك من بوابة برلين، حيث عاد الالمان لاثارة الموضوع على خلفية أنهم اكتشفوا ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي. وفيما كان واضحًا أن برلين أعطت الموضوع أكثر من حجمه العادي كخطأ طبيعي وتقني يحصل لدى أغلب أنظمة الدفاع الجوي، ذهبت وزيرة الدفاع الالمانية كريستين لامبريخت للتصويب من خلاله على ملف آخر أبعد من ملف الحرب في أوكرانيا.

قالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت لمجلة ألمانية إنّ “سقوط الصاروخ الأوكراني في بولندا كشف وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي، وعلينا أن نصبح أفضل في كل المجالات، وخصوصًا في مجال الدفاع الجوي، نعم، هناك ثغرات في أوروبا”، مؤكدة أنّ الجيش الألماني “يواجه صعوبات كبيرة بعد مدخرات العقود الأخيرة”، ومشيرة إلى أن برلين اقترحت على وارسو تزويدها بمقاتلات من طراز “يوروفايتر” وأنظمة دفاع جوي من طراز “باتريوت”.

عمليًا، يمكن الاضاءة على أكثر من نقطة مهمة في تصريح الوزيرة الالمانية، والتي تعبّر طبعًا عن سياسة ألمانيا بشكل كامل، وهي:

* وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي

ــ أن تكشف دولة أوروبية أساسية في حلف شمال الاطلسي مثل ألمانيا وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي، فهذا يشكل تصويبًا حادًا على فشل أو عجز “الناتو” عن حماية أوروبا، وهذا الفشل ــ كما تراه برلين ــ أُثبِتَ بعد أن استطاعت صواريخ S300 أوكرانية طائشة ومن نماذج قديمة، تجاوز الحدود الغربية لأوكرانيا والسقوط في بلدة بولندية وإحداث خسائر في الأرواح، في الوقت الأكثر حراجة والذي من المفترض أن تكون أنظمة الدفاع الجوي الاطلسية مستنفرة فيه، على الأقل لحماية معابر إدخال الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، فكيف سيكون الأمر لو كان هناك قرار روسي باستهداف موقع أو منشأة أوروبية عسكرية أو مدنية وبصواريخ فرط صوتية مثل كينجال أو سارمات أو افانغارد؟

في هذه الحالة، كيف يمكن تقييم مستوى المنظومة الدفاعية لحلف شمال الاطلسي والتي أُنشِئت أساسًا لحماية أوروبا من الاتحاد السوفياتي الذي تلعب روسيا اليوم ـــ على الأقل بنظر الغرب الاطلسي ـــ دور البديل عنه؟ وهل يمكن القول إن الحلف المذكور يحمي أوروبا؟

لم يتأخر كثيرًا الرئيس الأوكراني فلودميير زيلنسكي وعلى مضضٍ في تقبّل واستيعاب انتقادات الغرب وخاصة تصريحات الرئيس الاميركي جو بايدن، حول سقوط صاروخ أوكراني في بولندا. وفي الوقت الذي ظهرت تصريحات بايدن أشبه بالتأنيب للأوكران، بقوله إن “الانفجار في بولندا كان نتيجة عمل الدفاع الجوي الأوكراني”، بعد أن حاول الرئيس الأوكراني بداية جرّ “الناتو” إلى ما يشبه الاشتباك المباشر مع روسيا، جاءت تصريحات مسؤولي الحلف الأطلسي واضحة بأنه: “لا وجود لأي دلائل تشير إلى عزم روسيا مهاجمة بولندا، وكل التحقيقات الأولية تشير إلى أنّ الصاروخ الذي سقط في بولندا أطلقته أوكرانيا”.

وفي الوقت الذي تجاوز الأميركيون والأوكران والروس هذا الأمر لانشغالهم بالوقائع الميدانية والعسكرية الأهم في أوكرانيا، يبدو أن تداعيات الصاروخ الأوكراني الذي سقط في بولندا الأسبوع الماضي لم تنته فصولها، وذلك من بوابة برلين، حيث عاد الالمان لاثارة الموضوع على خلفية أنهم اكتشفوا ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي. وفيما كان واضحًا أن برلين أعطت الموضوع أكثر من حجمه العادي كخطأ طبيعي وتقني يحصل لدى أغلب أنظمة الدفاع الجوي، ذهبت وزيرة الدفاع الالمانية كريستين لامبريخت للتصويب من خلاله على ملف آخر أبعد من ملف الحرب في أوكرانيا.

قالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت لمجلة ألمانية إنّ “سقوط الصاروخ الأوكراني في بولندا كشف وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي، وعلينا أن نصبح أفضل في كل المجالات، وخصوصًا في مجال الدفاع الجوي، نعم، هناك ثغرات في أوروبا”، مؤكدة أنّ الجيش الألماني “يواجه صعوبات كبيرة بعد مدخرات العقود الأخيرة”، ومشيرة إلى أن برلين اقترحت على وارسو تزويدها بمقاتلات من طراز “يوروفايتر” وأنظمة دفاع جوي من طراز “باتريوت”.

عمليًا، يمكن الاضاءة على أكثر من نقطة مهمة في تصريح الوزيرة الالمانية، والتي تعبّر طبعًا عن سياسة ألمانيا بشكل كامل، وهي:

* وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي

ــ أن تكشف دولة أوروبية أساسية في حلف شمال الاطلسي مثل ألمانيا وجود ثغرات في نظام الدفاع الجوي الأوروبي، فهذا يشكل تصويبًا حادًا على فشل أو عجز “الناتو” عن حماية أوروبا، وهذا الفشل ــ كما تراه برلين ــ أُثبِتَ بعد أن استطاعت صواريخ S300 أوكرانية طائشة ومن نماذج قديمة، تجاوز الحدود الغربية لأوكرانيا والسقوط في بلدة بولندية وإحداث خسائر في الأرواح، في الوقت الأكثر حراجة والذي من المفترض أن تكون أنظمة الدفاع الجوي الاطلسية مستنفرة فيه، على الأقل لحماية معابر إدخال الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، فكيف سيكون الأمر لو كان هناك قرار روسي باستهداف موقع أو منشأة أوروبية عسكرية أو مدنية وبصواريخ فرط صوتية مثل كينجال أو سارمات أو افانغارد؟

في هذه الحالة، كيف يمكن تقييم مستوى المنظومة الدفاعية لحلف شمال الاطلسي والتي أُنشِئت أساسًا لحماية أوروبا من الاتحاد السوفياتي الذي تلعب روسيا اليوم ـــ على الأقل بنظر الغرب الاطلسي ـــ دور البديل عنه؟ وهل يمكن القول إن الحلف المذكور يحمي أوروبا؟

طبعًا، يمكن القول إن هذا التصويب الألماني يذهب باتجاه إظهار عجز “الناتو” عن حماية دول أوروبا الشرقية التابعة له على الأقل، الأمر الذي يحمل تصويبًا واضحًا على الأميركيين وعلى أهداف الحلف الأطلسي بشكل أكثر تحديدًا، خاصة أن مستويات التوتر غير المسبوق الذي أصاب العلاقات الأوروبية ــ الروسية في السنوات الأخيرة، قامت بمجملها بسبب نشر حلف “الناتو” منظومات دفاع جوي ودرع صاروخية ـــ والتي هي بأغلبها أميركية ـــ في دول أوروبا الشرقية، ليتبين أن أهداف هذه القدرات والصواريخ الأميركية، تتعلق بحماية وتنفيذ استراتيجية أميركية خاصة بواشنطن في صراعها الاستراتيجي مع روسيا، وليست عمليًا بهدف حماية أوروبا كما هو مفترض بأهداف نشر أسلحة “الناتو”.

* “الجيش الألماني يواجه صعوبات كبيرة بعد مدخرات العقود الأخيرة”

“الجيش الألماني يواجه صعوبات كبيرة بعد مدخرات العقود الأخيرة”، انطلاقًا من هذا الكلام لوزيرة الدفاع الالمانية، يمكن أن نستنتج أن برلين بدات تفكر بالخروج من الوضعية الخاصة التي قيدت انتاجها وامتلاكها للأسلحة بعد خسارتها الحرب العالمية الثانية، والتي ألزمتها من خلالها الدول المنتصرة على هتلر وخاصة أميركا بمستوى محدد من القدرات العسكرية لا يمكن لها تجاوزه، لتأتي اليوم برلين وعلى خلفية اظهارها عجز منظومات حلف “الناتو” عن حماية الدول الاوروبية، لاظهار حاجتها ـــ وقرارها ربما ـــ بالسير بخطة تطوير وتحديث قدراتها العسكرية، والتي تملك الامكانيات الكاملة لتحقيق مستوى أرفع بكثير مما هي عليه اليوم، نظرًا لقدراتها العلمية والصناعية المعروفة.

* اقتراح ألماني بتزويد وارسو بمقاتلات من طراز “يوروفايتر” وأنظمة دفاع جوي من طراز “باتريوت”

يبقى هذا الاقتراح الأكثر أهمية وحساسية من بين ما عرضته الوزيرة الالمانية، وفيما هو في الظاهر من ضمن سياق مواجهة التداعيات المباشرة للحرب في أوكرانيا، فإنه يغطي استراتيجية ألمانية تقوم على التالي:

حيث تشكل بولندا، جغرافيًا وميدانيًا وعسكريًا، خطًا دفاعيًا استباقيًا ــ بعد تجاوز أوكرانيا طبعًا ــ بين ألمانيا وبين كل من روسيا وبيلاروسيا وكالينينغراد، والثلاثة عمليًا هي بمثابة جبهة موحدة، روسية التوجه والقرار، تكون برلين في تقوية منظومة الدفاع الجوي لوارسو عبر منظومة الباتريوت الفعالة، وفي تقوية وتحصين الاجواء البولندية عبر قاذفات يوروفايتر المتطورة المعتمدة من قبل “الناتو”، تحصن جبهة مدافعتها عن الاراضي الألمانية ضد الروس، عبر تحصين خط دفاع متقدم في بولندا، ومن خلال نشر أكثر من قاعدة عسكرية المانية (ظاهرها أسلحة ومنظومات دفاع جوي وقاذفات)، تكون برلين قد امتلكت نقطة ارتكاز في بولندا، طالما كانت نقطة خلاف واشتباك روسي ـــ الماني تاريخيًا، وخاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية.

المصدر : العهد الاخباري
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع