هل تخلت الصين عن حلمها بأن تسبق أمريكا لتصبح أكبر قوة اقتصادية؟
السياسية ـ وكالات:
رسم مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الأخير، الذي عقد في بكين يوم الأحد 16 تشرين الأول – أكتوبر 2022، ملامح السياسة الصينية خلال السنوات الخمس المقبلة، مكرسا خلالها حكم الرئيس شي جينبينغ. وقد حاز الشق الاقتصادي على اهتمام كبير من قبل المتابعين، في ظل سؤال يطرح دائما حول ما إذا كانت الصين ستسبق الولايات المتحدة لتصبح الاقتصاد الأول عالميا.
وكانت بكين قد وضعت خطة لها بحلول عام 2049، الذكرى المئوية لجمهورية الصين الشعبية، مقسمة على مرحلتين تقتضي أولا رفع مستويات الثروة العامة ومضاعفة الاقتصاد الوطني بحلول عام 2035.
ولتحقيق ذلك، يتوجب على الصين أن تحافظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المائة على الأقل سنويا. يذكر أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بلغت قيمته 23 تريليون دولار عام 2021 مقابل 17.73 دولارا للصين.
لكن يبدو جينبينغ خفض سقف طموحاته: فقبل عامين، اعتبر شي أنه “من الممكن تماما” مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الوطني ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035. إلا أن تصريحه الأخير أغفل ذلك تماما، إذ صرح أن هدف الصين بحلول عام 2035 يتمثل “في زيادة القوة الاقتصادية والقدرات العلمية والتكنولوجية والقوة الوطنية الشاملة بشكل كبير، كما زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير ليصل إلى مثيله في البلدان المتقدمة ذات المستوى المتوسط”.
في هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي الصينين المقيم في شيكاغو هوزي سونغ أن بكين “تتخلى بهدوء عن طموحها لتصبح أكبر اقتصاد في العالم”.
ورأى سونغ في مقابلة مع “نيوز ويك” أن التعداد السكاني لعام 2020 أجبر المسؤولين الصينيين على تعديل أهدافهم الاقتصادية، إذ “أدركت بكين أن عدد سكانها سينخفض بسرعة أكبر مما كان متوقعا، مما يزيد من صعوبة تحقيق نمو مرتفع”.
إلى ذلك، رأى الخبير الاقتصادي أن الصين تخلت عن “التزامها” بتحقيق ناتج محلي إجمالي يتخطى نسبة 5.5% على أساس سنوي.
يذكر أن يوم الإثنين 17 تشرين الأول – أكتوبر، قرر المكتب الوطني للإحصاء الصيني إرجاء إصدار أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث والبيانات المالية الأخرى بشكل مفاجئ ومن دون تقديم أي تبرير.
على صعيد آخر، لاحظ المراقبون أن خطاب جينبينغ يوم الأحد 16 تشرين الأول الذي استمر ساعتين تضمن كلمة “اقتصاد”، 22 مرة، مقابل 102 مرة في مؤتمر الحزب الثامن عشر في عام 2012، عندما أصبح الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني. أما كلمة “سوق” فقد ذكرت ثلاث مرات فقط مقارنة بـ24 قبل عشر سنوات، بينما ارتفع استخدام كلمة “أمن” من 36 إلى 50 مرة.
من جانبه، لفت أستاذ الاقتصاد فيليب هسو إلى أن جينبينغ يدرك جيدا أن عليه إيجاد حل لأزمة العقارات الصينية التي هي المسبب الأساسي للتباطؤ الاقتصادي في البلاد، للعودة إلى مستويات النمو السابقة قبل سنوات، معتبرا أن سياسة “صفر كوفيد” ليست عاملا أساسيا في هذا التباطؤ رغم تأثيرها السلبي.