بقلم / د. يوسف الحاضري

للاسف الشديد كان ركن قويم من اركان الاسلام الخمسة (الزكاة) مغيبا تماما في العقود الاربعة الماضية وكان يزداد تغييبه سنة بعد سنة حتى اصبح حاله مثل حال بقية الاركان الاخرى كالصلاة والحج أمر شكلي دون ان يكون له اي نتائج حقيقية والتي لاجلها فرضها الله جل وعلا لأن الله عندما يفرض فريضة فنتائجها للانسان وفيها حلول لمشاكله كما هو حال الزكاة التي فيها حلول شاملة وكاملة لمشاكل مجتمعية واقتصادية ترتقي برقي منزلتها التي وضعها الله في المنزلة الثالثة من اركان الإسلام والا فلن يضعها الحكيم العليم الرحيم الرؤوف في هذه المنزلة ولا يوجد فيها أي نتائج عظيمة جدا ، فاصبحت مع مرور السنين مجرد مال يدفعه الاثرياء للفقراء يتخلل هذه العملية اهداف ذاتية للثري كالشهرة والرياء والمجاملة والتقرب من الحكام وبعض مازال فيه قليل من الدين في
فيدفعها لمجرد الاداء مثل معظم الذين يؤدون الصلاة دون ان يكون هناك نتائج فعوضا عن ان تعالج الزكاة مشاكل المجتمع زادت من مشاكله من خلال لجوء كثير من الفقراء والمساكين للتقرب والتعصب والتأييد لهذا الثري او ذلك التاجر طلبا لمعونته المالية او تجملا لما قدمه له من الزكاة وايضا يلجا الكثير منهم للانضمام لهذا الحزب او تلك الطائفة او المذهب تجملا او طلبا للزكاة فانتفت تماما حكمة الله من هذه الفريضة وجاءت مكانها حكمة البشر واهدافهم القاصرة الخطيرة وهذه نتيجة طبيعية للانحراف عن المسار الذي خطه الله للبشرية في كل تشاريعه وعلى راسهن تشريع الزكاة.

جاءت ضرورة انشاء الهيئة العامة للزكاة في منتصف ٢٠١٨ لتصحيح الخلل الكبير لهذه الفريضة سواء كان الخلل في طريقة دفعها من المكلفين او في طريقه توزيعها وانفاقها في مصارفها الثمانية المحددة من الله جل وعلا , وكهدف من اهداف الثورة السبتمبرية التي تحققت في ٢٠١٤م في تصحيح كل الإختلالات والتي تأتي تصحيح اختلالات تغلغلت في فرائض الله وتشاريعه واركانه على رأسها وتم الاشراف المباشر عليها من قبل قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله فاختار لها ادارة حكيمة واعية مدركة لمشاكل الماضي ومستوعبة لاهداف الحاضر وتطلعات المستقبل خاصة في ظل ضروف عدوانية صاحبتها حصار اقتصادي خبيث وشامل رفع من معدل الفقر في مجتمع هو في اساسه فقير نتيجة تراكمات سياسات عقود كارثية من الزمن ومن هنا كانت البداية لكي يدرك الجميع حكمة الله تعالى من هذه الفريضة ونتائجها العميقة والشاملة.

(الزواج الجماعي) احدى اهم مشاريع الهيئة العامة للزكاة والتي قد ينظر اليها البعض نظرة قاصرة جدا ومحدودة في انها مجرد تقديم المهر ومصاريف العرس للفقير والمسكين وبقية المستحقين لها في وقت انها أشمل من هذا الشيء واوسع واعم من حيث المستهدفين واهميتها ونتائجها على المستوى المجتمعي والاقتصادي والاخلاقي خاصة في ظل الحرب الصلبة (العسكرية ) والحرب الاقتصادية (الحصار) والحرب الناعمة (نشر الفساد الاخلاقي) فبجانب انها تسهل زواج آلاف الرجال والنساء اقتصاديا ايضا سهلت زواج من عجز عن الزواج واصبح عمره يتجاوز الثلاثين وبعضهم الاربعين عوضا عن تزويج المعاقين وعدد من الجاليات المسلمة في اليمن وكل من تشملهم مصارف الزكاة ايضا حصنتهم اخلاقيا وساهمت في تصديهم للوقوع في براثين الحرب الناعمة والفساد الاخلاقي الذي يصيب ليس الافراد وانما الاسر والمجتمع ككل كنتيجة من نتائج الانحلال الاخلاقي والذي نشاهده اليوم منتشر ومنتشرة ادواته وسهولة الوصول لها عوضا عن ان عدم التمييز في استهداف المستحقين لأسباب مناطقية او حزبية او طائفية او مذهبية تؤدي الى حلحلة مشاكل هذه التوجهات التي يسعى لأستخدامها العدو وغير ذلك من نتائج كنشر ثقافة تيسير المهور في المجتمع اليمني وتبني هذه الثقافة عوضا عن توحيه رجال الخير لتبني مثل هذه التوجهات خاصة لمن هم ليسوا ضمن اطار المصارف الخاصة بالزكاة وهكذا .

لا تقتصر مشاريع الهيئة على هذا الجانب فهناك مشاريع متنوعة وشاملة ضمن المصارف الشرعية وفيها من النتائج العظيمة الشاملة الكثيرة ومنها تزكية نفوس رجال المال والاعمال وتحويلها من نفوس جشعة شحيحة ملهاه في جمع الاموال الى نفوس مؤمنة راقية تسابق نفسيتها الى دفع الزكاة والمشاركة في اجر كل هذه الاعمال وما فيها من آثار مستقبلية ولهذا انشئت الهيئة والتي يجب ايضا عليها تقييم كل مشروع والسعي لتحسين الاداء وتطويره وتوسيعه وتجاوز اي سلبيات تنشأ وسيكون الله جل وعلا المعين والمسدد والمبصر للجميع الطريق السديد.

 

  • كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
  • abo_raghad20112@hotmail.com