تفجير جسر القرم.. كيف ستردّ روسيا على الاستهداف؟
السياسية:
تعطلت حركة المرور في جسر شبه جزيرة القرم أو ما يعرف بـ”كيرتش”، واحد من أطول الجسور في أوروبا، نتيجة عمل إرهابي ناجم عن تفجير آلية مفخخة.
الجسر الذي يبلغ طوله 19 كيلومتراً، ويربط ما بين روسيا والقرم، شهد انفجار شاحنة مفخخة، ما أسفر عن وقوع قتلى وانهيار جزئي في قاطعين لطريق السيارات، واحتراق 7 صهاريج للوقود في قطار شحن.
يأتي ذلك بعد تحذيرات مجلس الأمن الروسي السابقة من ارتفاع خطر التهديدات الإرهابية في القرم، إذ أكد أن الإجراءات الفعالة لهيئات الأمن الخاصة وأجهزة حفظ القانون أدت إلى إحباط 12 جريمة إرهابية.
تفاصيل استهداف جسر شبه جزيرة القرم
الخبير الروسي يوري بودولياكا يقول إن “كاميرات المراقبة أوضحت الكثير من تفاصيل كارثة استهداف جسر شبه جزيرة القرم”، وأن التفجير على ما يبدو، بحسب بودولياكا، قد تم بواسطة شاحنة، أو آلية مفخخة بعبوة كبيرة شديدة الانفجار، وعالية الفعالية.
وتزامن التفجير مع مرور قطار سكك حديد محمل بصهاريج الوقود، ما أدى إلى اشتعال 7 صهاريج. ويرى خبراء مطلعون على مجريات التحقيق أن التفجير قد تم عن بعد بواسطة مسيّرة أعطت أمر التفجير، بالتزامن مع مرور القطار بمحاذاة سيارة الشحن المفخخة، وهذا ما ينتظر أن يكشفه التحقيق.
وعن الخسائر، قال بودولياكا إنّه نتيجة العمل الإرهابي، انهارت عدة مسالك لخط تفرع الجسر المخصصة لمسار السيارات و الآليات، إلا أن الخط الثاني ما زال ثابتاً، ولكن بحاجة إلى الفحص قبل إعادة تشغيله لعبور وسائل النقل.
وتابع أنه بعد إخماد الحريق، سيصبح تقييم إمكانية إعادة تشغيل خطوط سكك الحديد ممكناً، إلا أنه من المؤكد أن أحد خطوط سكك الحديد لم يعد صالحاً للاستخدام.
ووفقاً للتقديرات الأولية بحسب الخبراء، ستستغرق عملية إعادة ترميم الطريق السريع وتأهيله مدة تتراوح بين شهر أو شهرين، أما بالنسبة إلى خطوط سكك الحديد، فهذا أمر متعلق بعملية الكشف و المسح لتقييم حجم الضرر.
أهمية الجسر
يعد الجسر عبر مضيق “كيرتش” رمزاً لإعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع روسيا وعاملاً في زيادة تطوير المنطقة، وفق ما صرح به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحافي عند افتتاح الجسر.
وبشأن أهميته، قال المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، للميادين نت، إنّ “أهمية الجسر كبيرة جداً، إذ كان قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا صلة وصل بين القرم والأراضي الروسية، ولذلك انعكاسات إيجابية على القطاعات الحيوية والاقتصادية”.
وأضاف أونتيكوف أنّ “ما يمنح أهمية الجسر ثقلاً بعد العملية العسكرية الروسية هو أنّه أصبح طريقاً لإيصال الإمدادات العسكرية إلى القوات الروسية المرابطة على جبهات القتال”.
وأكد المحلل الروسي أنّ “هذه العملية الإرهابية ستفرض بعض العراقيل على تزويد الجيش الروسي بالإمدادات في الفترة المقبلة، بسبب الأضرار التي خلفها الاستهداف”.
من جهته، أكد أوليغ كريوتشكوف، مستشار رئيس شبه جزيرة القرم، أنه على خلفية إغلاق جسر القرم، أقامت السلطات ممر نقل برياً عبر المناطق التي انضمت إلى روسيا مؤخراً.
وكتب المسؤول عبر “تلغرام”: “القرم مؤمن بالمواد الغذائية والمنتجات النفطية، ومرافق تخزين النفط الاستراتيجية ممتلئة”. وأضاف: “تم إنشاء ممر بري عبر مناطق جديدة” في إشارة إلى مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا وجمهورية دونيتسك التي انضمت إلى روسيا قبل أيام.
وفي سياق متصل، أفادت وزارة النقل الروسية باستئناف تشغيل خط العبارة الذي يربط مدينة كيرتش في القرم بإقليم كراسنودار، مضيفة أن أول مركبة قد تحركت استعداداً للتحميل، وهناك ثلاث عبارات أخرى تستعد للانطلاق.
من يقف وراء العملية؟
توجهت أصابع الاتهام نحو الجانب الأوكراني مع الدقائق الأولى للاستهداف، وما أكد أن لأوكرانيا أهدافها من هذه العملية تغريدة نشرها مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، إن “جسر القرم هو البداية، ويجب تدمير كل شيء غير قانوني”.
وأضاف في التغريدة التي نشرها عقب وقوع الاستهداف أنّ “كل ما احتلته روسيا تجب استعادته”.
لكن التهديد الأوكراني باستهداف الجسر ليس حديثاً، إذ أكد مستشار مكتب الرئيس الأوكراني أليكسي أريستوفيتش، أن “كييف قد تهاجم جسر القرم بمجرد توفر أول إمكانية تقنية لذلك”.
وأيضاً، صرح اللواء الأوكراني دميتري مارتشينكو، في وقت سابق، بأن “جسر القرم سيصبح الهدف الأول إذا تم تزويد القوات الأوكرانية بالأسلحة المناسبة من الولايات المتحدة وأوروبا”.
وعلّقت روسيا على تصريحات كييف، إذ كتبت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنّ “رد فعل نظام كييف على تدمير بنية تحتية مدنية يشهد على طبيعته الإرهابية”.
بدوره، أكد نائب رئيس مجلس الدوما، أوليغ موروزوف، أنّ “الهجوم الإرهابي المعلن منذ فترة طويلة على جسر القرم لم يعد مجرد تحدٍّ، بل إعلان حرب بلا قواعد”.
كيف سيكون الرد الروسي؟
المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف قال للميادين، إن “الرد الروسي سيكون عبر تنفيذ الضربات الدقيقة ضد البنية التحتية الأوكرانية”.
وقال: “كما نرى منذ فترة طويلة أن روسيا تركز على العمليات القتالية في الجبهات، بينما أوكرانيا توجه ضرباتها ضد البنية التحتية الروسية، لذا يجب أن تلجأ روسيا إلى السبل نفسها”.
وتوقع أونتيكوف أنّ “رد الفعل الروسي لن يأتي عبر استعمال الأسلحة النووية التكتيكية”، معللاً ذلك بأنها “لن تؤدي إلى نتائج إيجابية”.
المصدر : الميادين نت
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع