بسام أبو شريف*

في البداية لا بد من القول باننا نؤيد تاييدا كاملا حق الناس في التعبير عن نفسها ورفع الشعارات التي تراها تخدم مصالحها الذاتية او ما تراه خطأ في تصرف هذه الحكومة او تلك او ان تطالب بسد ثغرة ما موجودة في المجتمع وبحاجة لمن يسدها في اسرع وقت ممكن ، الحق في التعبير عن الرأي مصان في كل شريعة واهمها شريعة حق الانسان .

ولا يوجد على وجه الأرض مجتمع يخلو من نقيصة او من تصرف سيء ما او من ثغرة لا بد من سدها او طلب من مطالب الجماهير لم ينفذ بعد وهو ضروري لسد حاجة من حاجات المجتمع لا يوجد ولكن التعبير عن ضرورة سد هذه الثغرات والمطالبة بالحقوق التي تنص على سد هذه الثغرات يجب ان يكون تعبيرا دافعا للمجتمع للامام وليس مفتتا ومخربا للمجتمع فلانتقاد هو جزء من حركة الجدل التي لا بد منها اذا اردنا للمجتمع ان يتقدم فالمجتمع الذي لا يسمح فيه بالانتقاد او بالإشارة للخطأ وطلب تصحيحه مجتمع ميت ولا يتحرك للامام النقد هو حركة ضرورية من اجل ان يتقدم المجتمع والحركة أصلا لا تتم الا بين نقيضين وهذا هو الجدل الذي يؤدي الى بناء وتصعيد واهتمام ورفع مستوى المجتمع وسد حاجاته ، اما ان يتحول هذا النقد الى شغب والى تكسير والى قتل رجال الشرطة والى الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة فانه يأتي بنتائج عكسية تماما اذ يزيد من تناقضات المجتمع نحو تناقضات اعمق ويوسعها لتصبح نوعا من الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد فالنقد هدفه تجميع المجتمع من اجل بناء وليس تفريق المجتمع من اجل تحطيمه .

وفي ظل هذه الحالات وفي مثل هذه الظروف لا بد ان نرى بوضوح وان يرى المحتجون او المنتقدون بوضوح ان حركة جماهيرية تطالب بالتصحيح او تنتقد بالطرق السليمة دون ان تصل الأمور الى محتويات فتنة او تخريب او تآمر لا بد لهم ان يروا ان مثل هذه التحركات سوف تكون هدفا من اهداف الأعداء لاستغلالها وحرفها عن مسارها ، فالحركة الطالبية هي دائما في طليعة المنتقدين اذ يعيش الطلبة الجامعيون وقد عشنا نحن مثل هذه الفترة في حالات من الرومنسية الثورية ويتصورون ان الحلول جاهزة لسد الثغرات ان أخذ القرار .

ان اخذ القرار بسد الثغرات يتطلب عملا كبيرا وجهدا طويلا وبناء تدريجيا من اجل ان تسد هذه الثغرات ولا يمكن لاي حكومة ان تسد ثغرة ما يعاني منها المجتمع في غمضة عين او بلحظة واحدة ولكن على الحكومة ان تعي ان هنالك ضررا وان تنصت بكل آذانها للانتقادات الموجهة حتى تعرف اين هو الخطأ وكيف تعالج هذا الخطأ وتخطط لمعالجته وتبدأ بتنفيذ المعالجة اذن هنالك نقطة تلتقي فيها الانتقادات النابعة من شعور الناس ان هنالك خطأ وهنالك ثغرات لا بد من سدها وبين سرعة معالجة هذه الثغرات والتجاوب مع طلبات الناس على الأقل الطلبات المعقولة والمنطقية والتي تستطيع الحكومات ان تنفذ بصددها برامج سريعة حتى تلبي رغبات المجتمع وحاجاته ،

وما جرى في ايران كما اعتقد بدأ بداية طبيعية هنالك قضايا يشعر الناس بانه يمكن معالجتها ولا تتم معالجتها وقد سبق ان حصل مثل هذا عندما قطعت المياه عن منطقة معينة وعندها قال خامنئي الناس معهم حق لا يوجد ماء للشرب يجب توفير الماء للشرب ومعهم حق في التظاهر والاحتجاج لعدم وجود مياه شرب او لانها انقطعت ولم توصل بالسرعة اللازمة اذن تبدأ الناس عادة بالمطالبة في تصحيح أمور حقة ولكن كيف يستغل هذا وهل يا ترى استغلت المظاهرات التي بدأت بالمطالبة باشياء ملموسة وصحيحة اجتماعيا هذا سؤال يجاب عليه مما جرى بعد محاولة استغلال تلك المظاهرات لشق الصف الإيراني ولضرب المجتمع الإيراني ولضرب الثورة الإيرانية وعلى الأقل لاشغال الثورة الإيرانية ومؤسساتها وجيشها وشرطتها وامنها بقضايا داخلية قد تقلل من اهتمامها وانتباهها واستنفارها في مواجهة الأعداء الذين يحيطون بايران ويهددون بضربها تماما كما هددت إسرائيل فعلا بقولها انه حتى لو تم التوقيع على الاتفاق النووي فان هذا لا يلزم إسرائيل وستستمر إسرائيل في التخطيط لضرب المؤسسة النووية الإيرانية هنالك فارق كبير بين حق الناس في التعبير عن آرائها والتعبير عن انتقادها لمسلكيات معينة او لمواقف معينة او لعدم اهتمام الحكومة لقضايا أساسية تشعر فيها جماهير المجتمع الإيراني بين هذا وبين ان تدخل ضمن صفوف المنتقدين والمحتجين عن حق تلك القوى التي لا تريد لا سلامة الجمهورية الإسلامية ولا تصحيح الأخطاء بل تريد ان تعمق الشرخ وان تحدث فتنة في المجتمع وان تضرب المؤسسات الإيرانية حتى تنهار ايران التي صمدت كل هذه السنوات في ظل حصار غير مسبوق على أي دولة من دول العالم صمدت وأصبحت قوة يحسب حسابها في عداد ملفات واشنطن وإسرائيل ولندن ولان ايران أصبحت قوية ولان ايران قادرة ان تدافع عن حقوق الشعب الإيراني ولان ايران ترد الصاع صاعين ارادت كل هذه القوى المعادية واشنطن وتل ابيب ولندن وكل من يتبع هذه القوى المتآمرة ليس فقط على ايران بل على كل حركة التحرر في المنطقة من اجل الهيمنة عليها ونهب ثرواتها هذه القوى لا تريد لإيران ان تكون قوية ولا تريد لإيران ان تكون داعمة لقوى المقاومة ولا تريد ان يكون في المنطقة قوة قادرة على التصدي لإسرائيل او لاعوان إسرائيل او لاحتلال الولايات المتحدة لدول في المنطقة واكيدا لهيمنتها ونهبها ثروات المنطقة كلها .

كيف نستدل ان واشنطن ولندن وتل ابيب وغيرها من العواصم المنضوية تحت لوائها والمنحنية لاملاءات هذه القوى كيف نستدل انها هي التي اججت هذا الامر وهي التي حرفت مسار المظاهرات الانتقادية وهي التي سعت لشق المجتمع الإيراني وهي التي سعت لاشعال فتنة واستخدام العنف والسلاح والمتفجرات لتفجير مواقع حساسة ومؤسسات حساسة في ايران !!

بسهولة أي مواطن يراقب محطات الإذاعة والتلفزة ويستمع لكيفية تناولها للاحداث التي جرت داخل ايران وكيفية تعليقها على الرد الأول الذي قامت به ايران تجاه قواعد استخدمت لشحن الأسلحة والمتفجرات والذخيرة الى داخل ايران ولتسلل المجموعات الى داخل ايران ولايواء كل من يخطط لتفجير الوضع داخل ايران وضرب مؤسساتها كيف تعاملت هذه الإذاعات والتلفزيونات مع هذين الحدثين ، ونشاهد كل يوم كيف تقتل إسرائيل المدنيين والأطفال والنساء بالرصاص الحي وتحاصر المدن والمخيمات والقرى وكيف تعتدي على الاسرى وكيف تعتدي على أهالي الاسرى وكيف تعتدي على المواطنين وكيف تغتالهم بوسط النهار او في ظلام الليل الدامس حرب يشنها جيش بكل قواه العسكرية واسلحته كجيش ضد شعب باسره اعزل من السلاح مدني تحت الاحتلال مخالفة بذلك كل القوانين الدولية والأعراف والاتفاقات والمعاهدات التي تنظم كيفية تعامل قوى عسكرية محتلة لبلد ما تعامل هذه القوى مع المجتمع المدني اذ من الممنوع استخدام أسلحة الجيش ضد المدنيين العزل وها نحن نرى ان إسرائيل تقصف بالطيران المواقع المدنية لا بل تقتل الأطفال في اسرتهم وهم نائمون في قطاع غزة بغاراتها الجوية وتهدم بنايات من قمتها الى اسفلها على مراى العالم كله ومن بين البنايات تلك التي كانت تستأجر فيها وكالة الاسوشيدت برس مكتبها في قطاع غزة كل هذا نراه ونرى كيف اغتالوا شيرين أبو عاقلة والصحفيين عينا عينا وهي امركية الجنسية فلسطينية الأصل نرى كل هذا ونرى بالمقابل صمتا والصمت علامة الموافقة من واشنطن وأوروبا وكل القوى التي تنضوي تحت علم الامبريالية الامريكية وتخضع لاملاءاتها بما في ذلك أنظمة عربية طبعت او على وشك ان تطبع ، ومن طرفنا اذا نظرت الى قنواتنا العربية كيف تتعامل مع هذه الاحداث وكيف تعاملت مع عمليات القتل اليومي لابناء شعبنا الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة انها تتعامل مع ما يجري في ايران وقتل السيدة الإيرانية او موتها والتي ما زال التحقيق قائما حولها ان تناولها بالحجم والكم والكيف والصوت والصورة والتعليق يدل دلالة واضحة على ان هنالك مايسترو يحرك كل هذه الأوركسترا الموزعة آلاتها في المنطقة وخارج المنطقة دقت الأوركسترا ضد ايران لان عدوها هو ايران لماذا عدوها ايران ولماذا حملة العداء على الإيرانيين وحملة شيطنة الإيرانيين تماما كما تشن الآن حملة لشيطنة الروس الذين يدافعون عن روسيا في وجه محاولة واشنطن وعملائها واتباعها ضرب روسيا الاتحادية واقتصادها والهيمنة على ثرواتها فالمقاييس التي يستخدمها الغرب تستخدم وتغير ةتقلب وتتشقلب حسب مصالح الغرب والمقاييس التي  تستخدمها لقتل جندي إسرائيلي كان هاجما ليقتل طفلا فلسطينيا وتصدى له الفلسطينيون يعتبرون قتل الجندي إرهابا  وتدق الاجراس وتدق الموسيقى وتخضع كل المقاومة للانتقاد كارهابيين ولم يسال احد ماذا كان يفعل هذا الجندي  ، كان يلاحق طفلا عمره اربع سنوات او خمس سنوات يريد قتله تماما كما قتل أطفال اكثر من سبعين طفلا في قطاع غزة قتلوا في اسرتهم ومحمد الدرة قتل عينا عينا لمراهنة جنديين إسرائيليين على من يستطيع ان يصيبه أولا يرتكبون الجرائم والمجازر ولا نسمع كلمة انتقاد واحدة وان انتقد احد وتجرأ يهاجمونه فورا ويتهمونه باللاسامية ويتهمون من يقاوم هذا المجرم بالإرهاب .

كلا اننا نعرف الحقيقة ومن الخطأ ان ننجر الى معارك من هذا النوع ولكن المعركة هي داخل ايران اذ على كل الشباب ان يلموا ويعرفوا بالخبرة والدراسة والتمعن ان العدو ينتظر فرصا من اجل التسلل لضرب ايران وضرب إنجازات الثورة وعلى الشباب ان يعرفوا ان تنمية قوة ايران هي التي جعلت من ايران قوة مسموعة سياسيا وقوة قادرة على الدفاع عن شعب ايران وقوة قادرة على فرض احترام الشعب الإيراني ومصالحه على العالم الامبريالي هذا ما يجب ان يتعلمه الشباب وفي الوقت ذاته يجب ان تتعلم القوى الضابطة للامن ان الاحتجاج والنقد البناء والذي ينادي بتصحيح او اصلاح هو حق مشروع للناس اما ان تستغل هذه لضرب الثورة فهذا يتطلب جهدا من نوع آخر جهدا في منع الشبكات من الامتداد وتنظيم الناس وتحويل الأموال وتركيب الأجهزة التي تتصل بها هذه المجموعات بالخارج وتبنى خارج الأراضي قواعد تحميها الولايات المتحدة وعملاء الولايات المتحدة هذا الجهد يجب ان يبذل حتى لا يفاجأ احد أربعين او خمسين الف يشكلون شبكة واسعة تقبض المال من الخارج وتتسلم المواد من الخارج وتخطط لضرب الداخل كل هذا جهد يجب ان تقوم به مؤسسات الدولة الإيرانية لمنعها من الاقتراب من الشباب ومن الحركات التي تحتج بكل ثفة بانها جزء لا يتجزأ من الثورة الإسلامية وانها تريد للثورة ان تسد كل الثغرات وان تصحح كل الأخطاء حتى تكون ثورة افضل وارقى وتستطيع ان تنجز اكثر واكبر .

* المصدر :رأي اليوم

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع