السياسية :

ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

بعد أكثر من سبع سنوات من الصراع الوحشي الدائر في اليمن، أتيح أمام الشعب اليمني في نهاية المطاف الفرصة لاكتشاف ما يعنيه أن يكون لديك أمل.

هذه الهدنة التي لم يسبق لها مثيل، وهي الآن في شهرها السادس، اتاحت الفرصة لإحلال سلام طويل الأجل, كما إتاحة الفرصة ايضا لإعادة بناء الحياة وسبل العيش الكريمة لهذا الشعب.

ولكن مع تباطؤ الصراع، تستمر وتيرة الاحتياجات الإنسانية في الارتفاع ولا تزال الاستجابة الإنسانية ناقصة من حيث التمويل وعدم المساواة في التمويل.

لا يزال الملايين من السكان يعيشون حالة النزوح، كما لا يمكن للأطفال الذهاب إلى المدراس، وتم القضاء على سبل العيش الكريم وأصبح البلد أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.

ومع ذلك، يذهب ما يقرب من نصف جميع التمويل المتاح إلى المعونة الغذائية على حساب أنواع أخرى من المعونة التي يمكن أن تساعد في بناء المرونة ومعالجة الأسباب الكامنة والجذرية للأزمة الإنسانية الحالية.

تتيح الهدنة فرصة حاسمة للمجتمع الدولي لتحسين العوائد الملموسة لاستثماراته الإنسانية في اليمن.

سوف يساعد التركيز على تقليل فجوة التمويل الإنساني غير المتكافئة وبرامج التمويل التي يمكن أن تساعد في إبعاد الشعب اليمني عن الاعتماد على المساعدات وزيادة المرونة في ضمان الانتعاش طويل الأجل وتحقيق الاستقرار في اليمن.

ومع ذلك، قد تضيع الفرصة غير المسبوقة والأمل في المستقبل الذي جلبته الهدنة إذا تم قطع البرامج الحيوية بسبب نقص التمويل.

لذا، يجب على المجتمع الدولي أن يضاعف جهوده لدعم هدنة طويلة الأجل وكاملة على حد سواء، نظراً لكون الاستجابة الإنسانية الممولة بشكل عادل سوف تساعد الناس على إعادة البناء واستعادة حياتهم.

في مارس من العام 2022، دعا منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية لشؤون اليمن، ديفيد جريسلي، إلى تقديم مساعدة إنسانية مستدامة لتجنب المجاعة ودعم الاستجابة الإنسانية المتكاملة لملايين الأشخاص؛ من خلال الحماية والمياه النظيفة والرعاية الصحية الأساسية والحصول على الخدمات الأساسية.

واليوم، مع اقترابنا من الربع الأخير من العام 2022، تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بنسبة 47.2 % فقط.

يخصص أكثر من نصف هذه الموارد للأغذية والتغذية، بينما يظل تمويل الاحتياجات الأخرى محدودا للغاية، بما في ذلك البرامج الضرورية لزيادة القدرة على التغلب على المجاعة وانعدام الأمن الغذائي مثل مبادرات توفير مشاريع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية و تدخلات الحماية ومشاريع كسب الرزق.

في الاجتماع الأخير لكبار المسؤولين في اليمن المنعقد في يونيو المنصرم، اعترف أصحاب المصلحة باليمن على أنه أزمة حماية، ولكن على الرغم من ذلك، فإن تمويل برامج الحماية يبلغ 36.9٪ فقط (من أصل 47.2٪) متاح.

إن المستوى الحالي للجوع في اليمن غير مسبوق بالفعل، على الرغم من المساعدات الإنسانية المستمرة.

يعاني 17.4 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى المساعدة لمواجهة مخاطر المجاعة، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 19 مليون بحلول ديسمبر من هذا العام.

لا تزال معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن من بين أعلى المعدلات في البلد.

وفي جميع أنحاء العالم، يوجد 1,3 مليون امرأة حامل ومرضعة و2,2 مليون طفل دون سن 5 يحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد.

وفي هذا السياق الهش، تتعرض النساء والفتيات بشكل متزايد لخطر العنف والاستغلال حيث تعتمد الأسر آليات المواكبة السلبية.

ومن أجل معالجة هذه الأزمة، علينا أن نفهم الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي، نظراً لكون الصراع يعتبر بمثابة المحرك الرئيسي للجوع في هذا الجزء من العالم.

فعلى سبيل المثال، توجد في جميع أنحاء اليمن قيود تتصل بالنزاعات على الحصول على الاحتياجات والخدمات الأساسية.

ناهيك عن كون الهجمات التي استهدفت المستشفيات والعيادات ونقص الوقود قبل سريان الهدنة أدت إلى إضعاف نظام الرعاية الصحية في اليمن الهش بالفعل.

ونتيجة لذلك، تعطلت بشدة إمكانية الحصول على العلاج المنقذ للحياة، وهو أمر أساسي جدا لمكافحة سوء التغذية وعلاج الأطفال.

بالإضافة إلى ذلك، يُشار إلى آثار تغير المناخ والكوارث الطبيعية باعتبارها المحركات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي في اليمن، والظروف الجوية القاسية مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات التي تؤثر على الاقتصاد والزراعة والأسر والصحة في البلد.

يقدر أيضا أن ما يقرب من 17.8 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة والكافية وخدمات الصرف الصحي، حيث يخدم نظام المياه الحالي أقل من 30٪ من إجمالي عدد سكان اليمن.

ترتبط المياه غير المأمونة والصرف الصحي والنظافة ارتباطاً مباشرا بنقص التغذية، والآن برامج المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية يتم تمويلها بنسبة 22.5٪ فقط.

في حين أن ملايين اليمنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، عليهم السفر أميالاً للحصول على مياه نظيفة، وهناك مخاطر أخرى مرتبطة بالصراع.

إن زيادة التمويل للمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحماية والسلام الدائم كلها ضرورية لإنهاء هذا الانخفاض.

لقد أدى الصراع الذي استمر أكثر من سبع سنوات إلى تدمير الاقتصاد اليمني وترك الكثيرين غير قادرين على إطعام أسرهم، على الرغم من توفر الطعام بسهولة.

أدى انخفاض قيمة العملة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في اليمن، فضلاً عن القيود المتعلقة بالنزاع على التجارة والاستثمار، والحرب في أوكرانيا وما نتج عنها من اضطراب في سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

في الوقت نفسه، يكافح الكثير من الناس للعثور على سبل العيش, بعد أن تم قطع دفع أجور القطاع العام بانتظام – إن وجدت – منذ العام 2016.

ومن الضروري تقديم المزيد من الدعم لتهيئة فرص كسب العيش لتمكين اليمنيين العاديين من إطعام أسرهم في الحاضر والمستقبل على المدى الطويل.

تم الاتفاق على وقف أطلاق النار بين الطرفين في اليمن منذ 2 أبريل 2022، وبالتالي، لم يتم تسجيل حدوث غارات جوية مؤكدة داخل البلد ولا هجمات عبر الحدود من اليمن.

ومع ذلك، في حين أن هذا يوفر فترة راحة مرحب بها منذ أكثر من سبع سنوات من الصراع النشط، لا يزال شعب اليمن يواجه حالة إنسانية مزرية ومخاطر يومية تهدد الحياة.

وفي حين انخفض عدد الضحايا المدنيين بأكثر من 50٪ خلال الأشهر الثلاثة الأولى من بدء سريان الهدنة، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، استمرت الخسائر الناجمة عن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، في الارتفاع حتى خلال الهدنة.

هناك حاجة ماسة إلى زيادة التمويل لدعم الإجراءات المتعلقة بالألغام على نطاق واسع في جميع أنحاء اليمن، ليس فقط للتصدي للمخاطر الحرجة المباشرة، ولكن أيضاً كجزء لا يتجزأ من الطريق اليمني نحو الاستقرار.

وأخيرا، تحتاج أكثر من 8.5 مليون فتاة وفتى إلى مساعدة في قطاع التعليم، ويقال إن 2.42 مليون منهم خارج المدرسة في كثير من الحالات لأن المعلمين لا يتقاضون رواتبهم ويتعين عليهم إيجاد سبل العيش في أماكن أخرى.

يؤدي الوصول المحدود وغير المتكافئ إلى التعليم إلى زعزعة الاستقرار وإعاقة بناء السلام والتنمية، وعلى الرغم من ذلك، لا تمول برامج التعليم إلا بنسبة 5.6 %.

ومع انتهاء الهدنة في 2 أكتوبر القادم، أصبحت هذه لحظة حاسمة بالنسبة للشعب اليمني ومستقبل البلد والمنطقة.

ويجب على المجتمع الدولي أن يبذل كل ما في وسعه لضمان تمديد وقف إطلاق النار، وأن يلتزم في الوقت نفسه بتقديم استجابة إنسانية شاملة وممولة تمويلا عادلا، لتمكين الجهات الفاعلة في المجال الإنساني من الاستفادة من إنجازات الهدنة وضمان استدامة الانتعاش والاستقرار في اليمن.

لهذا، يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فورية لتحقيق ما يلي:

–         إلزام جميع أطراف النزاع بدعم هدنة موسعة والحفاظ عليها وإيجاد حل سياسي شامل ومستدام بشكل كامل للنزاع.

–         الوفاء بالتزاماتها التمويلية لضمان استجابة إنسانية شاملة وممولة تمويلاً عادلاً، تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الإنسانية في اليمن.

–         دعم المشاركة الهادفة والنشطة للمجتمع المدني اليمني، بما في ذلك النساء والشباب في المناقشات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وبشأن جميع سبل السلام في المستقبل.

  • موقع “هيئة الإغاثة كير” النسخة الفرنسية
  • المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع